أكد الائتلاف العالمي للحريات والحقوق، في تقرير له، أن مصر تدخل عام 2016 بسجل حافل بالإخفاء القسري والتعذيب وأن الطلاب هم الضحيّة الأبرز، حيث يقبع آلاف المعتقلين في السجون المصرية، في أوضاع توصف بـ"الصعبة للغاية وغير الإنسانية"، وهو ما أدى إلى وفاة المئات منهم نتيجة التعذيب الوحشي أو الإهمال الطبي.
ونقل الائتلاف شهادات من المعتقلين ومن أهاليهم، عما يلاقيه هؤلاء في السجون من تعذيب، والزج بهم في معتقلات لا تتوفر فيها أدنى شروط الحياة، أو حرمانهم من الدواء والغذاء لأيام طويلة.
وقال التقرير "وصلت جريمة الإخفاء القسري في مصر، لمستويات غير مسبوقة منذ تسلم الوزير الجديد مجدي عبد الغفار لزمام وزارة الداخلية، كما شهدت مصر تصاعداً سريعاً وخطيراً في أعداد حالات جريمة الإخفاء القسري، لتصل إلى الأطفال والنساء وذوي الاحتياجات الخاصة، ما يدل على عملية ممنهجة تتبعها السلطات العسكرية والأمنية لقمع المعارضين وتحييد الخصوم السياسيين".
وأورد التقرير شهادة نور خليل، شقيق المعتقل إسلام خليل، وهو مدير مبيعات في شركة للأجهزة الإلكترونية، نقلا عن صحيفة فاينانشال تايمز، والذي أكد أنه لم يستطع التعرف إلى شقيقه بعدما خرج من مركز اعتقال يديره الأمن المصري، بعد قضائه 122 يوماً. "كان إسلام مكبل اليدين، ويقف بين مجموعة من السجناء، كان شعر رأسه ولحيته طويلاً، وتغير لون البشرة تحت عينيه بسبب عصابة كان يرتديها طيلة فترة حبسه".
وكانت قوات الأمن المصرية قد دهمت في 24 مايو/أيار 2015، منزل إسلام خليل، واعتقلته برفقة أخيه الأصغر ووالده، وبعد تحريات النيابة تم الإفراج عن أخيه، وبعدها تم الإفراج عن والده، وهو ضابط متقاعد بالقوات المسلحة، ولم يعرف مصير إسلام حينها، فيما يواجه الآن تهم "الانضمام لجماعة إرهابية والتحريض على العنف"، وهو ما ينفيه شقيقه جملة وتفصيلاً.
وعلى الرغم من اعتقال إسلام في 24 مايو/أيار، إلا أن الشرطة قالت إنها اعتقلته في القاهرة في 21 سبتمبر/أيلول الماضي، ليمحوا بذلك السجل الرسمي للشهور الأربعة التي قضاها رهن الاعتقال السري، وفقاً لما أكده شقيقه نور.
من جهته، قال محامي إسلام، حليم حنيش: "الكثير من الأشخاص يعاودون الظهور عندما يمثلون أمام القضاء بعد أسابيع، أو حتى شهور من اختفائهم على أيدي الشرطة، ليجدوا أنفسهم في مواجهة تهم عادة ما تتعلق بالانضمام للجماعات الإرهابية، في إشارة إلى جماعة الإخوان المسلمين".
وتابع: "ليس لدي فكرة عما حدث لـ(إسلا)م، فهو ليس ناشطاً سياسياً بأي حال، أو حتى من المحسوبين على التيار الإسلامي، والكثير من القضايا سيتضح ضعفها بعد عرضها على القضاء، فهناك نسبة عالية من العشوائية في تلك الاعتقالات".
وأكد خالد عبد الحميد، منسق حملة "الحرية للجدعان"، وهي حركة تدشن حملات على الإنترنت للمطالبة بإخلاء سبيل المعتقلين، أنهم يجدون صعوبة في الغالب في العثور على أية أسباب منطقية لقرارات الاعتقال، كما وصف إخلاء سبيل المصورة الصحافية، إسراء الطويل، بأنها حالة نادرة للضغوط التي تعرضت لها السلطات المصرية من الرأي العام.
ويتحدث ناشطون عن جريمة الإهمال الصحي المتعمد التي يتعرض لها المعتقلون في السجون المصرية، ويشير الناشطون إلى أن هناك أسبابا أخرى لما يحدث من إهمال طبي تعود لكون بعض الحالات الصحية السيئة للمعتقلين ناتجة عن التعذيب؛ لذا فإن نقل المعتقل للمستشفى من شأنه أن يدين الداخلية التي نفت وجود أيّ تعذيب أو انتهاكات في السجون.
|
في حالة إسلام خليل الذي ظهر بعد اختفاء قسري لـ122 يومًا وآثار التعذيب بادية عليه، فإنه يعاني حاليا من تجمعات دموية بارزة في منطقة البطن، واشتباه كسر بالضلع الأخير في القفص الصدري، وتم تقديم أكثر من طلب للنيابة بعرضه على الطب الشرعي أو المستشفى لتلقي العلاج لكنها أُهملت جميعًا.
ومثل حالة المعتقل إسلام الكثير، فالطالب محمد فاروق يتعرض للموت البطيء بسجن أمن الدولة بالزقازيق بمحافظة الشرقية؛ وذلك نتيجة تعرضه لأبشع أنواع التعذيب مع زوج أخته منذ أسبوعين كاملين، حيث اعتقلته الأجهزة الأمنية بصحبة 3 من أصدقائه من أحد شوارع القاهرة، واقتادته إلى جهة مجهولة.
وبعد اعتقاله بثلاثة أيام، تم اعتقال أخته وزوجها وطفلهما الرضيع، وأجبر عناصر الأمن المصري أخته قبل الإفراج عنها على مشاهدة زوجها وأخيها لحظة تعذيبهما.
وفي محافظة الإسكندرية يعاني الطالب مصطفى إبراهيم حسين، من تدهور حالته الصحية في قسم باب شرق، إثر تركه دون رعاية طبية، ووضعه مع جنائيين بالحجز برغم علمهم بإصابته بأمراض مزمنة بالصدر.
كما تشكو أسرة مصطفى من ترك نجلها وسط السجناء الجنائيين مما عرضه لأزمات اختناق متعددة، كادت أن تودي بحياته، حيث يعاني الطالب المعتقل من ضيق في التنفس وحساسية بالجهاز التنفسي، ما يؤدي إلى اختناقه وعدم استطاعته التنفس لقلة الهواء وازدياد أعداد المدخنين بالحجز، فيما تودعه الأجهزة الأمنية بزنازين الجنائيين بقسم باب شرق، وترفض نقله إلى زنزانة أخرى مما أدى إلى تعرضه للإغماء أكثر من مرة، وينقل إلى المستشفى بعد إغمائه، إلا أنه عند تعرضه للأزمة مؤخراً لم تقم القوات بنقله إلا بعد إغمائه بثلاث ساعات، وهو ما اعتبرته أسرته جريمة ومحاولة قتل متعمد.
Twitter Post
|
وفي حالة أخرى، أرسلت والدة الطالب "إسلام محروس حسب الله"، رسالة استغاثة لإنقاذ نجلها من الموت البطيء، بعد حصولها على معلومات عن وجوده بأحد مقرات الأمن ببني سويف، وتعرضه لنزيف داخلي وفقدانه الوعي التام نتيجة عمليات التعذيب الممنهجة بالصعق بالكهرباء بأماكن حساسة بالجسم، والضرب بآلات حادة.
وقال ناشطون إن والدته تخشى من ترك نجلها للموت وتصفيته، وإن أسرته تقدمت بطلب رسمي لمحام عام ببني سويف للتدخل وإنقاذ نجلها من الموت الحقيقي، إلا أن شكواها لم تجد استجابة.
وقامت قوات الأمن باختطاف "إسلام محروس" (20 عاما)، والطالب بالفرقة الثالثة بكلية التربية جامعة الأزهر مع اثنين من أقاربه من وسط المصلين أثناء صلاة الجمعة، من مسجد قرية بني ماضي التابعة لمركز ببا جنوب بني سويف.
وأكد ناشطون أن عناصر بزي مدني من الأجهزة الأمنية، قاموا باقتحام منازل لأهالي حوش عيسى بمحافظة البحيرة، وبعثرة محتوياتها وسرقة منقولات منها، وقاموا باعتقال 5 طلاب من المدينة، ثم أخفوهم قسرياً.
كما أكدت هيئة دفاع الطلاب أنه جار البحث عن مكانهم، وأنه تم اتخاذ الإجراءات القانونية لإثبات اختطافهم بإرسال فاكسات للنائب العام وتليغرافات تثبت توقيت واقعة الإخطاف، حيث إنه لم يتم عرضهم على النيابة العامة حتى اللحظة، أو توجيه أي تهم لهم، وأن اعتقالهم جاء بدون أي أمر قضائي بالضبط والإحضار.
اقرأ أيضا:مصر في شهر..قتل 6محتجزين واعتقال 38 وإخفاء 40 قسريا