قالت صحيفة "فاينانشال تايمز" إن القمع الذي يمارسه نظام السيسي لن يجعل مصر تنعم بالاستقرار، موضحة أن نظامه المتسلط يدفع خصومه المعتدلين إلى الالتحقاق بصفوف الجماعات المتطرفة.
مقال الصحيفة البريطانية أوضح منذ البداية أن الرئيس عبد الفتاح السيسي يبدو مصمماً على القيام بأي شيء يجعله قادراً على تثبيت نظرته الخاصة لحكم الفرد الواحد داخل مصر. وأضاف أنه خلال العامين المواليين للانقلاب العسكري الذي شنه على أول رئيس ينتخب بطريقة ديمقراطية بمصر، محمد مرسي، تصرف القائد السابق للجيش بقمع شديد فاق ما كان متوقعاً، وقام بملء السجون بخصومه السياسيين.
ولفت المقال إلى أن السيسي دشّن مرحلة جديدة في التمادي بممارسة القمع من خلال تمرير قانون الإرهاب الذي يعزز صلاحيات الدولة البوليسية، مشيرا إلى أن هذا القانون يعد دليلا جديدا على عزمه تنفيذ مخطط عديم الرأفة لاستئصال كافة المعارضين لنظامه داخل مصر.
في المقابل، أوضح مقال "فاينانشال تايمز" أن مصر تواجه، مثل عدد من البلدان بالمنطقة، خطر تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام"، أو "داعش"، وهو ما قد يعطي مبررات لفرض قانون مكافحة الإرهاب. بيد أن الصحيفة أشارت إلى كون القانون يثير مخاوف حقوقية من أنه يضع تأويلا فضفاضا للإرهاب، وبأن السلطات يمكنها استغلال ذلك وتطبيقه كما تشاء.
وأضافت أن القانون قد تكون له تداعيات غير واضحة لأن نظام السيسي لا يعتبر فقط "داعش" تنظيما إرهابيا، بل يضع في نفس السلة حتى حركة الإخوان المسلمين بأكملها.
وتطرق المقال إلى الأسباب التي تجعل السيسي يمضي في استفراده بالحكم، موضحاً أن الشارع المصري لا يريد أن تتكرر نفس الأخطاء أثناء فترة حكم محمد مرسي، وأضاف أن السبب الآخر الذي يجعل السيسي يتصرف على هذا النحو هو أن الغرب قرر غض الطرف عن الانتهاكات التي يقترفها النظام في مجال حقوق الإنسان، وقرر فتح أبواب عواصمه لاستقبال السيسي.
وعن هذا الأمر، قالت الصحيفة إنه يتعين على واشنطن، وحلفائها، أن تعود خطوة إلى الوراء في تطبيعها مع نظام السيسي، وإنه يتعين عليها أن توضح للسيسي أن محاولاته لاستئصال المعارضة سيكون مصيرها الفشل. ولفت المقال بهذا الخصوص إلى أن القمع الذي يمارسه السيسي يدفع جيلا من الشباب ضمن الإخوان المسلمين نحو التطرف، كانوا في السابق ينبذون العنف، لكنهم الآن لم يعد أمامهم بديل آخر غير أخد خطوات مباشرة ضد الدولة.
كما دعا المقال القادة الغربيين إلى حث السيسي على إيجاد تسوية مع المجموعات المعارضة، وخلق الظروف لازدهار مؤسسات المجتمع المدني، وخلص في الأخير إلى أن مصر في حاجة لإيجاد طريق وسط بين التطرف الديني والحكم الدكتاتوري، مشيرا إلى أن قانون الإرهاب المتشدد الذي تم تمريره بمصر هذا الأسبوع يعد إشارة إضافية على فشل السيسي في السير بهذا المشوار.
اقرأ أيضاً: "وول ستريت جورنال": قانون الإرهاب بمصر فاشل من المهد