الحملات العالمية التي ترفع شعار القضاء على أكياس البلاستيك التي تستهلك يومياً بالأطنان، وتلوث البيئة، تقابلها قرارات "عكس التيار" تتخذها الولايات المتحدة الأميركية، تتماشى تماماً مع سياسات رئيسها دونالد ترامب، وتقضي بمنع السلطات المحلية في 12 ولاية حتى الآن من حظر أكياس البلاستيك، عبر سنّ قوانين رادعة ومدعومة من سياسيين ومشرعين واتحادات للصناعيين والتجار.
قوانين المنع التي تطلق عليها تسمية "حظر الحظر"، تجبر الولايات على سحب مشاريعها، التي تكافح التلوث بأكياس البلاستيك، على الرغم من أن الولايات المتحدة تستهلك ما يصل إلى 12 مليون برميل من النفط لصناعة مائة مليار كيس من البلاستيك سنويا، تتحول إلى نفايات بعد استخدامها.
ويبدو من متابعة المقالات المنشورة في الصحافة الأميركية عن عرقلة المشاريع البيئية في ولايات أميركية عدة، وأبرزها الحظر على منع منتجات البلاستيك، أن الحظر يهدد الولايات التي لم يطاولها المنع حتى الآن، مثل كاليفورنيا وهاواي على سبيل المثال. ولكن أي من الولايات يشملها منع حظر منتجات البلاستيك ومنها الأكياس؟
1- ولاية أريزونا
انطلقت المعركة ضد أكياس البلاستيك في ولاية أريزونا من مدينة صغيرة فيها هي مدينة بيسبي التي يبلغ عدد سكانها 5200 نسمة، والتي تعتبر ملاذاً للفنانين وذوي الميول اليسارية منذ سبعينيات القرن الماضي. وحظرت المدينة في عام 2012 تلك الأكياس التي تلوث شوارعها، ومنعت تجار التجزئة من توفيرها للمستهلكين، بحسب عمدة المدينة ديفيد سميث.
وأوضح سميث لصحيفة "هافبوست" أن "النزاعات استمرت منذ ذلك الوقت، وبدأ تحالف تسويق الأغذية في ولاية أريزونا، بالضغط على المشرعين لإصدار تشريع يمنع بيسبي وكل المدن والبلدات الأخرى في ولاية أريزونا من حظر أكياس البلاستيك، ونجحوا في ذلك عام 2015".
هذا "النصر" التشريعي، شجع اتحاد صناعة البلاستيك على إنفاق ملايين الدولارات لإلحاق الهزيمة بالحظر المحلي للأكياس، ودعم التشريع الذي يقف بالمرصاد لأي خطوة يمكن للحكومات المحلية أن تنفذها. كما وضع مجلس التبادل التشريعي الأميركي، والمعروف باسم ALEC، تشريعاً نموذجياً لمنع حظر الكيس البلاستيكي، تابعت الصحيفة.
وفي عام 2017، وجدت مدينة بيسبي نفسها مجبرة للخضوع للتهديد تحت طائلة فقدان ما يقرب من مليوني دولار من المساعدات الحكومية، في حال لم تتراجع عن حظر أكياس البلاستيك. وقال سميث: "كانت الدولة تبتزنا أساسًا، إما أن نلغي الحظر أو نفقد إيراداتنا في الدولة، هذا من شأنه إفلاس المدينة حرفياً".
2- ولاية ميشيغان
في 4 يناير/كانون الثاني 2017 وقع نائب حاكم ولاية ميشيغان، برايان كاللي، قانوناً عاماً جديداً يحظر منع استخدام أكياس البقالة البلاستيكية، بحسب صحيفة "واشنطن بوست".
ويمنع القانون العام الجديد القوانين المحلية من "تنظيم استخدام أو التصرف أو البيع أو حظر أو تقييد أو فرض أي رسوم أو ضرائب على حاويات معينة بما في ذلك الأكياس البلاستيكية والأكواب والزجاجات وغيرها من منتجات التعبئة والتغليف"، ما يعني أنه لا يُسمح للمدن والبلديات الفردية بحظر الأكياس البلاستيكية أو فرض رسوم على العملاء مقابل استخدامها، وهذا ما أوردته الصحيفة ذاتها.
قوبل قانون ميشيغان الجديد بالثناء من رابطة المطاعم في الولاية. لكن منتقدي التشريع اعتبروه تجاوزا للسلطة، بحسب موقع "ميليت". ويشار إلى أن مجلس المفوضين في المقاطعة، ومقره في آن أربور، صوت في وقت سابق لصالح مرسوم يفرض رسمًا يبلغ 10 سنتات على كل من الحقائب الورقية والبلاستيكية التي توزع في متاجر البقالة، لكن بموجب قانون ميشيغان العام الجديد لن يكون ذلك المرسوم قابلاً للتنفيذ.
3- ولاية فلوريدا
بدأت ولاية فلوريدا الأميركية منذ عام 2008 بالالتزام مجبرة بعدم حظر الأكياس البلاستيكية، عندما فرض المشرع في الولاية قيودًا على الحكومات المحلية تمنعها من سن قوانين بخصوص الأكياس البلاستيكية. وينص قانون ولاية فلوريدا "لا يجوز لأي حكومة محلية أو وكالة حكومية محلية أو وكالة حكومية تابعة للدولة أن تسن أي قاعدة أو لائحة أو مرسوم بشأن الاستخدام أو التصرف أو البيع أو الحظر أو التقييد أو الضريبة، على الحاويات أو الأغلفة أو الأكياس البلاستيكية التي تستخدم لمرة واحدة".
حاول السيناتور الديمقراطي دوايت بولارد مرتين تقديم مشروع قانون إلى الهيئة التشريعية في فلوريدا لإزالة الحظر المفروض على حظر الأكياس البلاستيكية، لكنه قوبل برفض تجار التجزئة.
ويذكر موقع The Cheat Sheet أن التغير المناخي يضرب فلوريدا أكثر من أي ولاية أخرى في أميركا، لافتاً إلى أن محافظ الولاية الجمهوري ريك سكوت، حظر في عام 2015، استخدام عبارات مثل "الاحترار العالمي" و"تغير المناخ" في إدارات الدولة. كما ينقل الموقع عن ديف دويبل، عضو لجنة الاستدامة في ميامي بيتش قوله: "خلال أسبوع سحبنا 800 رطل من القمامة من الشاطئ خلال إحدى عمليات تنظيف الشواطئ. وهذا ليس حال شاطئ ميامي وحده. النفايات في كل مكان، في خليج بيسكين ومنه صعودا وهبوطا على طول الساحل".
4- ولاية نيويورك
وفق إحصاءات ولاية نيويورك، تستخدم مدينة نيويورك وحدها سنوياً بين 10 إلى 12 مليار كيس بلاستيك سنوياً، وتعتبر أكثر المدن إهدارًا لتلك الأكياس في العالم. ولحل مشكلة الأكياس، وافق مجلس المدينة في عام 2016 على فرض رسم مقداره 5 سنتات على جميع أكياس التسوق في متاجر التجزئة في مناطقها الإدارية الخمسة، بحسب صحيفة "تايم آوت" النيويوركية. لكن حاكم الولاية أندرو كومو، منع القرار مسلحاً بدعم جماعات الضغط من مصنعي وتجار البلاستيك.
في مطلع عام 2018 شرع كومو في إجراء دراسة لتقديم توصيات بشأن تشريع بديل، وصفته صحيفة "تايم آوت" بأنه "منحى تغييري" للمحافظ، كاشفة أنه يأتي في الوقت الذي يكسب فيه منافسه الديمقراطي في الانتخابات التمهيدية في مدينة سينتيا، ما اعتبرته تغييراً له أبعاد سياسية وليست بيئية.
ولفتت إلى أن تمرير القانون إذا حصل، يجعل حظر الأكياس ساريًا في بداية عام 2019 وتستثنى منه أكياس الملابس وأكياس القمامة الكبيرة وأي أكياس تستخدم للف أنواع معينة من الأطعمة مثل الفواكه واللحوم المقطعة.
5- ولاية ميسوري
في عام 2015، حاولت مدينة كولومبيا، وهي من مدن ولاية ميسوري الكبرى، حظر الأكياس البلاستيكية، فردّ المشرعون في الولاية بإقرار الحظر على حظر الأكياس (والرسوم) بالكامل. بل إن الأمور لم تقتصر على ذلك، بل سنً المشرعون قانوناً آخر يمنع المدن من تجاوز الحد الأدنى للأجور الذي حددته الدولة.
هذه الخطوة عرقلت الحظر الذي عممته كولومبيا على متاجر البقالة ومنعتها من توفير الأكياس البلاستيكية للمستهلكين، وفرضت رسوما تبلغ 10 سنتات على الأكياس الورقية، بحسب موقع The Cheat Sheet. وأعرب العديد من الديمقراطيين في مجلس الشيوخ ومجلس النواب عن قلقهم من أن هذا الإجراء سيحد من قدرة البلديات المحلية على اتخاذ قراراتها السياسية الخاصة بها.
6- ولاية مينيسوتا
لم يرَ مرسوم حظر الأكياس البلاستيكية النور في مينيابوليس، كبرى مدن ولاية مينيسوتا، ولا في أي مدينة أخرى بعد إقرار قانون في يونيو/حزيران 2017 يمنعه. ووقع حاكم الولاية مارك دايتون على مشروعي قانون، الأول يفرض حظراً على منع الأكياس البلاستيكية، والثاني يمنع مدن الولاية من رفع الحد الأدنى للأجور، ويضع قيودا أخرى على التوظيف.
عضو مجلس المدينة كام جوردون، المؤلف المشارك بصياغة مرسوم الحظر، أصيب بخيبة أمل بعد قانون الهيئة التشريعية، بحسب صحيفة "هافبوست". لكنه أوضح أن أجزاء من المرسوم لا تزال سارية المفعول، ويمكن لبائعي التجزئة أن يفرضوا على العملاء دفع سنت مقابل كل كيس.
وقال بروس نوستاد، رئيس رابطة تجار التجزئة في مينيسوتا، إن حظر مينيابوليس للأكياس لو مرّ كان من شأنه أن يسبب إرباكاً، لا سيما بالنسبة للشركات التي لديها متاجر في أجزاء أخرى من الولاية.
7- ولاية أنديانا
وقع حاكم ولاية أنديانا، مايك بنس، قانونًا يحظر القيود على الأكياس البلاستيكية في عام 2016. ويشتهر بنس بموقفه المؤيد للأعمال التجارية بأي ثمن، بحسب وكالة "أسوشييتد برس". ولن يُسمح لمسؤولي المدن والمقاطعات في ولاية أنديانا بفرض ضرائب أو تقييد استخدام الأكياس البلاستيكية التي تستخدم لمرة واحدة في البقالات وغيرها من متاجر التجزئة بموجب قانون الولاية الجديد.
وقال مكتب المحافظ إن حاكم الولاية مايك بنس وقع على مشروع القانون بدعم من الجمهوريين خلال الجلسة التشريعية التي عقدت في 25 مارس/ آذار 2016.
8- ويسكنسون
وقع حاكم ولاية ويسكونسن، سكوت ووكر، قانونًا عام 2016 يمنع حظر الأكياس البلاستيكية في كل مدن الولاية.
واستبق المشرعون أي مسعى محتمل من أي مدينة من مدن الولاية، باستثناء مدينة Eau claire، التي حاولت في عام 2013 أن تضع مرسوماً لمنع تلك الاكياس، إلا أن غضب السياسيين في المدينة دفعها للتراجع، بحسب إذاعة مينيسوتا العامة.
9- إيداهو
اعتبر المشرعون في ولاية إيداهو الأميركية في عام 2016، أن الشركات بحاجة إلى الحماية من حظر الأكياس البلاستيكية والحد الأدنى من الأجور، لذلك حظروا الاثنين معاً.
ومنذ مارس 2016 يحظر على المدن والمحافظات في ولاية إيداهو تنظيم أو فرض ضرائب على أكياس البقالة البلاستيكية أو غيرها من منتجات البلاستيك التي تستخدم لمرة واحدة، بموجب تشريع أقرته الهيئة التشريعية في الولاية.
وقال السناتور جيم باتريك، راعي مشروع القانون في مجلس الشيوخ: "من المناسب أن تحبط الدولة السيطرة المحلية في هذا المجال". ويحسم التشريع بأن الحكومات المحلية، والناخبين المحليين، لا يمكن أن يكون لهم رأي في منتجات البلاستيك، بما في ذلك زجاجات المياه البلاستيكية والحقائب وحاويات الوجبات المستخدمة في المطاعم. وذكرت صحيفة the Spokesman-Review، أن التشريع السابق تبعه تشريع يمنع الناخبين المحليين أو الحكومات المحلية من اتخاذ أي إجراء لرفع الحد الأدنى للأجور.
10- ولاية أيوا
في إبريل/نيسان 2017 وقع حاكم ولاية أيوا الأميركية، تيري برانستاد، قانونًا يمنع أي مدينة أو مقاطعة في أيوا من فرض حظر على الأكياس البلاستيكية خفيفة الوزن. بدأ سريان الإجراء على الفور، ما يعني وقف جميع الجهود المحلية التي استمرت خمس سنوات في محاولة لمنع تلك الأكياس، أو فرض أي ضرائب أو رسوم للحد من استخدامها.
ولم يثر "حظر المنع" في أيوا قدراً كبيراً من الاهتمام، لأنه تزامن مع التشريع الذي أوقف الجهود المحلية لرفع الحد الأدنى للأجور، بحسب موقع The Cheat Sheet.
11- كارولينا الجنوبية
في فبراير/شباط 2018 أقر المشرعون في ولاية كارولينا الجنوبية مشروع قانون يمنع الحكومات المحلية من تمرير حظر الأكياس البلاستيكية الخاصة بها، في خطوة من المرتقب أن تصبح قانوناً.
ويأتي هذا التشريع بعد أن حظرت عدة بلدات على طول ساحل كارولينا الجنوبية، مثل فولي بيتش، وجبل بليزانت، على المتاجر استخدام الأكياس البلاستيكية.
وقال السناتور توم ديفيس، الذي يعارض مشروع القانون، لوكالة "أسوشييتد برس": "إن المناطق في جميع أنحاء الولاية لها احتياجات مختلفة، وينبغي على المشرّعين في الولاية عدم التدخل وإبعاد الأشخاص الذين يقومون بدور نشط في حكومتهم المحلية". وأضاف "إنه هجوم مباشر على الحكم الذاتي". ويشار إلى أن مشروع القانون يسمح للبلدات والمدن التي فرضت حظرا قبل 31 يناير/ كانون الثاني الاستمرار بتطبيقه.
12- ولاية تكساس
ألغت المحكمة العليا في ولاية تكساس قرار مدينة لاريدو بحظر الأكياس البلاستيكية، وهو قرار من المرجح أن يلغي حظراً مماثلاً في نحو 12 مدينة أخرى، بما في ذلك أوستن، وفورت ستوكتون، وبورت أرانساس. وحكمت المحكمة في يونيو/حزيران 2018 بأن الدولة فقط لديها السلطة لتنظيم التخلص من النفايات الصلبة في ولاية تكساس.
يشار إلى أن جمعية "ميرشانتس" في مدينة لاريدو في الولاية رفعت دعوى قضائية ضد المدينة في مارس/آذار 2015 لإلغاء قرار الحظر، بحجة أن قانون الولاية يسبق قرار المدينة. ودعم هذه الخطوة 20 من أعضاء مجلس الشيوخ وممثلي الولايات، وجميعهم من الجمهوريين.
وأوضح موقع Ecowatch أن المدعي العام في تكساس، كين باكستون، دعم التجار. وذكر في بيان صحافي صادر عن مكتبه، أن الحكم "يبطل فعليًا الحظر غير القانوني على الأكياس في ولاية تكساس".