15 يوماً لتكليف رئيس جديد للحكومة العراقية: صراع الشارع والأحزاب

بغداد

براء الشمري

avata
براء الشمري
04 ديسمبر 2019
EEDC1F5F-8582-4374-9076-2E20499A0683
+ الخط -
بعد الخطاب الرسمي الموجَّه من رئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوسي، إلى رئيس الجمهورية برهم صالح، والذي يدعوه فيه إلى ترشيح اسم جديد لتولي رئاسة الحكومة العراقية الجديدة خلال 15 يوماً، يكون العدّ التنازلي لاختيار رئيس الوزراء البديل لعادل عبد المهدي المستقيل قد بدأ فعلياً، في ظل تقاطعات كبيرة بين القوى السياسية العراقية المختلفة حول اسم المرشح وشكل الحكومة، وهل ستكون موقتة لعام واحد يذهب بعدها الجميع إلى خيار الانتخابات المبكرة، أم أنها ستكمل باقي الدورة الانتخابية، بينما يبقى السؤال المطروح والأكثر أهمية هو موقف الشارع المتظاهر من ذلك كلّه، فهو ما زال مصراً على خيار حلّ الرئاسات الثلاث، والذهاب لانتخابات مبكرة تحت رعاية الأمم المتحدة.
ويؤكد مراقبون وسياسيون عراقيون أن المسألة اليوم ليست فقط التوافق على رئيس الوزراء الجديد، أو مدى قبول الشارع به، بل تتعدى ذلك إلى تفسيرات قانونية لنصوص دستورية لم تُستخدم في العراق منذ إقرار الدستور الجديد عام 2005، وتتعلق بالمادة 76 تحديداً، فوفقاً لهذه المادة الدستورية، يكلّف رئيس الجمهورية مرشح الكتلة الأكبر في البرلمان العراقي لتشكيل الحكومة، وفي حال إخفاق رئيس الوزراء بتشكيلها خلال 30 يوماً أو استقالته أو إقالته، أمام رئيس الجمهورية 15 يوماً لتكليف شخصية أخرى بتشكيل الحكومة، من دون أن يشترط الدستور أو يحدّد في الحالة الثانية أن يكون المكلَّف من الكتلة الأكبر التي فقدت حقها بعد منحها فرصة أولى، غير أن قوى سياسية تجد أن هذا التفسير اجتهادي، وأن الكتلة الأكبر يبقى من حقها اختيار رئيس الوزراء لمرتين وثلاث وأكثر.
وأعلنت كتلة "سائرون" البرلمانية، المدعومة من التيار الصدري، فور استقالة عبد المهدي، تنازلها عن حقها في كونها الكتلة الأكبر للشعب، الذي قالت إنه صاحب الحق في ترشيح رئيس الوزراء، إلا أن تحالف "الفتح" (الجناح السياسي للحشد الشعبي) المدعوم من إيران، أعلن تمسكه بكونه الكتلة الأكبر التي من حقها تسلّم المنصب بعد تنازل "سائرون"، وقابل ذلك كلّه رفض من قِبَل المحتجين لأي شخص ترشحه الأحزاب الحاكمة.

أما المعني الأول بالأمر، وهو رئيس الجمهورية برهم صالح، فلم يصدر عنه أي تصريح، الأمر الذي فتح المجال أمام باب التوقعات والتفسيرات السياسية والقانونية.
وقال عضو باللجنة القانونية البرلمانية لـ "العربي الجديد"، إن "جدلاً كبيراً يجري بشأن الجهة التي من حقها ترشيح رئيس الوزراء الجديد، بعد أن فقدت الكتلة الأكبر حقها، مؤكداً أن الدستور منح هذه الكتلة مرة واحدة لترشيح رئيس الحكومة، ويتحوّل بعد ذلك هذا الحق إلى رئيس الجمهورية.
وبيّن أن بعض الكتل البرلمانية، وفي مقدمتها "الفتح"، تعترض على هذا التفسير، وتؤكد تمسكها الشديد بما تقول إنه حقها في ترشيح رئيس الوزراء، موضحاً أن الكرة رميت الآن في ملعب رئيس الجمهورية، الذي سيجد نفسه أمام خيارين أحلاهما مر، فإمّا إرضاء الشارع وإغضاب القوى السياسية التي جاءت به إلى المنصب، أو مسايرة الكتل السياسية، وفي هذه الحالة عليه أن يتوقع ردة فعل غاضبة من قِبَل المحتجين.
وأوضح أن رئيس الجمهورية دخل باتصالات ومشاورات مع قوى سياسية ونواب قبل اتخاذ قراره النهائي، وخصوصاً النواب الذين وقعوا في وقت سابق على طلب قدّموه إلى الرئيس العراقي، حدّدوا فيه عدداً من الشروط الواجب توافرها في رئيس الوزراء الجديد.
ويؤكد أستاذ القانون الدستوري في الجامعة المستنصرية محمد الدهان، أن الدستور كان واضحاً في منح الكتلة الأكبر في البرلمان حقّ تشكيل الحكومة لمرة واحدة فقط، بعدها يكون الرئيس حراً في ترشيح من يراه مناسباً في المرة الثانية، في حال إقالة أو استقالة الحكومة، موضحاً في حديث لـ "العربي الجديد"، أن الدستور وضع الرئيس برهم صالح في موقف لا يُحسد عليه وهو يجد نفسه بين مطرقة الاحتجاجات، وسندان الأحزاب المتمسكة بالسلطة.

وأشار إلى وجود إشكالية أخرى ستواجه رئيس الجمهورية، تتمثل بصمت الدستور عن عدد المرات التي يتم فيها تكليف مرشحين لرئاسة الحكومة، متسائلاً: "ماذا لو فشل مرشحو برهم صالح لرئاسة الوزراء لمرة ومرتين أو ثلاث؟".
وأوضح أن هذه المسألة يجب أن تُحسم بشكل سريع من قبل المحكمة الاتحادية التي يجب أن تحدّد بوضوح عدد مرات تكليف مرشح لرئاسة الوزراء خلال الدورة الانتخابية، مؤكداً أن بعض الدول تقوم بإعادة الانتخابات إذا فشل أشخاص يتم تكليفهم بتشكيل الحكومة.
أما عضو اللجنة القانونية في البرلمان بهار محمود، فتعتقد أن صلاحيات الحكومة بعد استقالتها يجب أن تنتقل إلى رئيس الجمهورية وفقاً للمادة 81 من الدستور، والتي تنصّ على أنه في حالة خلو منصب رئيس الوزراء، يحلّ رئيس الجمهورية محله لمدة 15 يوماً شريطة تكليف مرشح آخر، مضيفة في بيان أن "خلو المنصب في الفقه الدستوري يشمل أربع حالات، هي الاستقالة، والإقالة، والوفاة، والإصابة بعجز دائم أو مرض يمنع رئيس الوزراء من أداء عمله". وتابعت أن "أي إجراء أو تعامل مع الوضع الحالي خارج هذه المادة يكون غير دستوري".
وفي السياق، دعت عضو البرلمان العراقي عالية نصيف المتظاهرين إلى الحذر من محاولات الترويج لوزير دفاع سابق أقيل من منصبه لتولي رئاسة الوزراء، في إشارة إلى وزير الدفاع الأسبق خالد العبيدي. وأضافت نصيف، وهي من المقربين من رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، أن "شخصاً كان يشغل منصب وزير الدفاع تمت إقالته بعد إدانته بملفات فساد، يستخدم حالياً جيوشاً إلكترونية لإعادة تدوير نفسه والترشيح لمنصب رئيس الوزراء"، موضحة أن أتباعه بدأوا ينشرون صوراً وأناشيد مؤيدة له.
وأجرت صفحات على موقع التواصل الاجتماعي استفتاءً شمل متابعيها، بشأن الأصلح من بين 3 شخصيات لتولي منصب رئيس الوزراء، والشخصيات الثلاثة هم وزير الدفاع الأسبق خالد العبيدي، ورئيس قوة مكافحة الإرهاب السابق عبد الوهاب الساعدي، ومحافظ ميسان علي دواي.
ولم يقتصر الجدل الدستوري في العراق على منصب رئيس الوزراء وخلوه، بعد أن رجح عضو البرلمان باسم خشان سجن رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي ونائبه حسن الكعبي بسبب سكوتهما عن مخالفات دستورية جرت داخل البرلمان، مبيناً خلال تصريح صحافي أن القضاء سيقوم بحبسهما عاجلاً أم آجلاً.

ذات صلة

الصورة
نازحون بمخيم بزيبز العراقي، في 26 أغسطس 2024 (إكس)

مجتمع

أثارت صرخات ومناشدات نازحين عراقيين في مخيم بزيبز بمحافظة الأنبار العراقية، تداولتها مواقع التواصل الاجتماعي في البلاد، موجة انتقادات موجهة للحكومة
الصورة

مجتمع

فجر الحادث المروع الذي وقع بمحافظة البصرة، جنوبي العراق، أمس الثلاثاء، وأودى بحياة 6 أطفال وأصاب 14 آخرين، موجة غضب شعبية واسعة في البلاد..
الصورة
عراقي يتحدى إعاقته (العربي الجديد)

مجتمع

لم يستسلم الشاب العراقي مصطفى إسماعيل (30 عاماً) المصاب بالشلل الرباعي لإعاقته، ولا للظروف المعيشية الصعبة المحيطة به، وتمكّن متسلحاً بالإرادة الصلبة من تحقيق حلمه في افتتاح مكتبته الخاصة، أخيراً، في شارع النجفي بمدينة الموصل.
الصورة

مجتمع

أعلنت السلطات الصحية العراقية، انتشال 5 آلاف و244 جثة من تحت أنقاض المناطق المهدمة بمحافظة نينوى، بعد 6 سنوات مضت على تحريرها من سيطرة تنظيم "داعش" الذي اجتاحها صيف العام 2014.