لم تمحُ 26 عاماً على رحيل الرئيس الجزائري محمد بوضياف، ذكراه من أذهان الجزائريين، ولم تُسقط التساؤلات الكبيرة حول عملية اغتياله والغموض الذي يلف هذه الحادثة، على الرغم من توقيف ضابط من الحرس الرئاسي اعترف بتنفيذ العملية، إلا أن هذه النتيجة لم تُرض كثيرين لا يزالون حتى اليوم يوجّهون أصابع الاتهام لقيادات في الجيش والمخابرات بالوقوف وراء الاغتيال. وبعد يوم واحد من إحياء الذكرى الـ26 للاغتيال، كان نجل الرئيس الراحل، ناصر بوضياف، يعلن ترشحه للانتخابات الرئاسية المقبلة المقررة في ربيع العام المقبل، مؤكداً أنه بصدد طرح "مشروع وطني قوي يحمل كل الحلول للخروج من الأزمة التي سبّبها هذا النظام الفاسد". ويراهن ناصر بوضياف على الثقل التاريخي والرصيد السياسي لوالده، في حال نجح في جمع التواقيع المطلوبة دستورياً للترشح، وتم قبول ملف ترشحه من قبل المجلس الدستوري السنة المقبلة. ويتهم ناصر بوضياف صراحة القائد السابق لجهاز المخابرات محمد مدين، الذي أقاله الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة في سبتمبر/ أيلول 2015، والقائد السابق للجيش وزير الدفاع السابق خالد نزار، بالتخطيط والتورط في اغتيال والده.
اليوم، وبعد أكثر من ربع قرن، ما زال الجزائريون يتذكرون اغتيال بوضياف بكثير من الألم لذلك المشهد الدامي، تماماً كما يتذكرون عودته إلى الجزائر في 26 يناير/ كانون الثاني لتسلم رئاسة الدولة بعد انقلاب الجيش ووقف المسار الانتخابي في 12 يناير 1992، حين استقبله العسكر بالتمر والحليب. اغتيل بوضياف في 29 يونيو/ حزيران 1992، عندما أطلق الملازم في الحرس الرئاسي، لمبارك بومعرافي، الرصاص عليه عندما كان يخطب في دار الثقافة في مدينة عنابة، شرقي الجزائر، ولم يكن بجانبه أي من المسؤولين السياسيين والعسكريين الذين يرافقون الرئيس عادة، كما لو أن الأمر دُبر في ليل في أتون أزمة سياسية دامية.
حصل الاغتيال بعد نحو ستة أشهر من تسلمه الرئاسة، إثر عودته إلى البلاد قادماً من منفاه في المغرب، والذي عاش فيه ما يقارب ثلاثة عقود بعد خلافه مع رفاق الثورة في السنوات الأولى بعد الاستقلال، وذلك بعدما أقنعه الجيش، عبر وزير الدفاع حينها خالد نزار، برئاسة المجلس الأعلى للدولة، والذي أنشئ كمجلس رئاسي (هيئة غير دستورية) يحل محل الرئيس الشاذلي بن جديد المستقيل قبل ذلك بأسبوعين في 12 يناير 1992، وقرار الجيش وقف المسار الانتخابي.
يؤاخذ الكثير من السياسيين والمتابعين الجزائريين بوضياف على قبوله منصباً بطريقة غير دستورية وانقياده لخطة الجيش الذي كان بصدد البحث عن شخص يملك رمزية سياسية وتاريخية لتولي هذا المنصب، يكون واجهة سياسية، على أن يدير الجيش مقاليد الحكم من وراء الستار. ومن وراء الستار أيضاً دبّر الجيش قرارات فتح المعتقلات في الصحراء للآلاف من المعتقلين الإسلاميين من "الجبهة الإسلامية للإنقاذ" المنحلة، وما تبع ذلك من جنون دموي.
ولا يختلف الجزائريون على نيّة بوضياف، أحد أبرز قادة ثورة التحرير، في إنقاذ البلاد من حالة الانزلاق السياسي والفوضى التي كانت تتجّه إليها، لكن كثيرين منهم يُجمعون على دوافع اغتياله من قبل جهة ما في السلطة بعدما بدأ ينبش في ملفات الفساد وحاول التمرد على جنرالات الجيش، وهو ما يدفع بالكثيرين إلى ربط حديثه في الفترة الأخيرة التي سبقت اغتياله عن تفشي الفساد وفساد العسكريين وضرورة تطهير البلاد وبين تدبير اغتياله.
وقاد بوضياف المنظمة السرية، وهي الجناح العسكري للحركة الوطنية في الجزائر قبل ثورة التحرير، وكان من مجموعة 22 التي خططت ودبرت تاريخ إطلاق ثورة التحرير الجزائرية في أول نوفمبر/ تشرين الثاني 1954، واعتُقل ضمن القادة الخمسة الذين اختطفت السلطات الفرنسية طائرتهم بعد مغادرتها المغرب. بعد استقلال البلاد، اعترض على سياسات الرئيس أحمد بن بلة وعلى هيمنة الجيش ووزير الدفاع هواري بومدين على الحكم، اعتُقل قبل أن ينجح في الهروب والمغادرة إلى المغرب حيث أقام في مدينة القنيطرة لأكثر من ربع قرن، قبل أن يعود للبلاد.
اتُهم مبارك بومعرافي باغتياله، وهو أقر في جلسة المحاكمة بارتكابه الجريمة بسبب ما قال إنها مواقف بوضياف وخلفيته السياسية الموالية للإسلاميين، لكنه رفض الكشف عن أي تفاصيل أخرى. يقبع بومعرافي حالياً في السجن، وحاول إسلاميون كانوا سجناء في سجن سركاجي اغتياله داخل السجن خلال تمرد دامٍ داخل السجن، لكنه نجا من ذلك. لم يصدق أحد رواية الفعل المعزول التي انتهت إليها التحقيقات في الاغتيال، والتي قامت بها لجنة تحقيق خاصة، رفض اثنان من الأعضاء المستقلين في اللجنة التوقيع على خلاصاتها، بينهم عضو رابطة حقوق الإنسان لحسن سعد الله، والذي اغتيل في حادث غامض لاحقاً، والطيب الثعالبي، رفيق نضال بوضياف، خصوصاً أن ضباطاً جزائريين فارين من الجيش والمخابرات يتواجدون في الخارج، بينهم ضابط المخابرات العقيد محمد سمراوي، قدموا رواية زعموا فيها أن التخطيط للاغتيال تم داخل جهاز المخابرات، لكن وزير الدفاع السابق خالد نزار حينها تمسك بالرواية الرسمية بشأن مسؤولية بومعرافي المعزولة في الاغتيال.
وبعد 26 سنة من الحادث الدامي، لا يزال بعض الجزائريين يتذكرون تفاصيل ذلك اليوم المأساوي الذي حل كفاجعة غير متوقعة، منهم المناضل الثوري قرام عمار، الذي كان يجلس في ذلك اليوم إلى جانب بوضياف. يروي عمار تلك اللحظات الرهيبة التي أخطأه فيها الموت لكنه لم يخطئ رفيقه في النضال محمد بوضياف، ويقول لـ"العربي الجديد": "لا أستطيع أن أنسى ذلك اليوم الراسخ في ذاكرتي. كان بوضياف يخطب، وفي لحظة ما يتحرك الستار من الخلف، استدار الرئيس بوضياف وتساءل، واشنو هذا؟ (ما هذا؟) ثم توقف لبرهة قصيرة عن الكلام، وفي لحظة ثانية أطلقت زخات رصاص على الرئيس من الخلف". ويضيف: "كان الرصاص موجهاً إلى الرئيس فقط وليس لكل من كان على المنصة، تماماً كما حدث للرئيس المصري أنور السادات، رأيت شبحاً يتحرك من خلف الستار الذي أطلق النار على بوضياف". ويشير إلى أنه لم يشاهد وجه بومعرافي عندما وقعت العملية، لافتاً إلى أنه كان "من أوائل الذين خرجوا من القاعة بحكم أني كنت على المنصة، وعندما خرجت استغربت لأني لم أرَ لا دوريات ولا نقاط تفتيش توحي بوقوع حادث في مستوى اغتيال رئيس".
اقــرأ أيضاً
عابد زيداني، لم يكن على المنصة قرب الرئيس المغتال، لكنه كان في القاعة، وككثير من الناشطين والموظفين الحكوميين، يعتبر أن اغتيال بوضياف كان أشبه بالحلم المرعب. يروي لـ"العربي الجديد"، تلك اللحظات قائلاً "يومها كنت هناك بين الحاضرين، الكثير من الناس تسأل كيف تمت الجريمة، في الحقيقة بدا أن كل الأمر مدبر ومخطط له"، مضيفاً: "قبل بدء الرئيس خطابه، كنت قد جبت كامل ردهات القاعة بما فيها مكان جلوس الرئيس والقاعة الخلفية، ولم تكن هناك أي ترتيبات أمنية استثنائية، فيما شهدت القاعة في الساعة الأولى لعملية الاغتيال إطلاق نار كثيفاً من الداخل والخارج لم نكن ندري من ضد من". ويروي زيداني ما حدث بعد الاغتيال، إذ ظل الحضور محتجزين داخل القاعة لساعات، ويقول "لم يفرج عنا من تلك القاعة إلا بعد الساعة الخامسة عصراً، وعند السماح لنا بالخروج كانت فرق الدرك الوطني تسألنا من رأى منكم شيئاً فليبلغنا به، لكني في تلك اللحظة وبعد ما رأيت لم يعد لي ثقة في أحد".
لسبب ما لم يكن الطيب يدروج ضمن الوفد الصحافي المرافق لبوضياف في رحلته الأخيرة. كان يدروج مراسلاً لجريدة "الجمهورية" الحكومية ومقرها المركزي في منطقة وهران، غربي الجزائر، فاته حضور ذلك المشهد. يقول لـ"العربي الجديد": "كان من المفروض أن أكون ضمن الوفد الصحافي المرافق، لكن حدث طارئ منعني من السفر، وتابعت خبر الاغتيال عن طريق الأخبار التي بثها التلفزيون... كانت الصدمة كبيرة، الخوف من المجهول كان كبيراً، وشعرنا أن البلد مقبل على دوامة لن يخرج منها إلا بكلفة كبيرة". يذكر يدروج أنه في مساء اليوم نفسه "استُدعيت إلى جانب رؤساء التحرير ومديري الصحف إلى مقر التلفزيون الحكومي في شارع الشهداء، وسط العاصمة، وتابعنا شريطاً تلفزيونياً يكاد يعكس سيناريو التراجيديا، دونت تفاصيله في صحيفة الجمهورية، وكان الشريط يحوي كل تفاصيل الزيارة، بدءاً من تدشين الرئيس بوضياف لمعرض التكوين المهني، مروراً بخطابه المرتجل داخل دار الثقافة، إلى لحظة الوفاة وما تبعها من تداعيات الخوف والترهيب وفرار الجاني. لقد كان شريطاً توثيقياً في غاية الاحترافية"، لكنه يلفت إلى اختفاء هذا الشريط لاحقاً "من سوء الحظ فقد اختفى من جلسات محاكمة المتهم بالاغتيال بومعرافي واستُبدل بآخر في غاية الرداءة".
أما حسن خلاص، فكان طالباً في الجامعة حينما أطلق لمبارك بومعرافي الرصاصات على بوضياف، يقول عن ذلك اليوم: "كنا في جامعة بوزريعة في العاصمة الجزائرية عندما جاءنا الخبر الصادم. لم نصدق في الوهلة الأول، لكن سرعان ما خيّم الصمت والدهشة". ويضيف "شخصياً كنت حينها على وشك إنهاء مذكرة التخرج حول الحركة الإسلامية في الجامعة، وخشيت ألا أتمكن من إتمامها وإخراجها، لأننا كنا نعتقد أن الوضع مرشح لكل الاحتمالات".
اليوم، وبعد أكثر من ربع قرن، ما زال الجزائريون يتذكرون اغتيال بوضياف بكثير من الألم لذلك المشهد الدامي، تماماً كما يتذكرون عودته إلى الجزائر في 26 يناير/ كانون الثاني لتسلم رئاسة الدولة بعد انقلاب الجيش ووقف المسار الانتخابي في 12 يناير 1992، حين استقبله العسكر بالتمر والحليب. اغتيل بوضياف في 29 يونيو/ حزيران 1992، عندما أطلق الملازم في الحرس الرئاسي، لمبارك بومعرافي، الرصاص عليه عندما كان يخطب في دار الثقافة في مدينة عنابة، شرقي الجزائر، ولم يكن بجانبه أي من المسؤولين السياسيين والعسكريين الذين يرافقون الرئيس عادة، كما لو أن الأمر دُبر في ليل في أتون أزمة سياسية دامية.
حصل الاغتيال بعد نحو ستة أشهر من تسلمه الرئاسة، إثر عودته إلى البلاد قادماً من منفاه في المغرب، والذي عاش فيه ما يقارب ثلاثة عقود بعد خلافه مع رفاق الثورة في السنوات الأولى بعد الاستقلال، وذلك بعدما أقنعه الجيش، عبر وزير الدفاع حينها خالد نزار، برئاسة المجلس الأعلى للدولة، والذي أنشئ كمجلس رئاسي (هيئة غير دستورية) يحل محل الرئيس الشاذلي بن جديد المستقيل قبل ذلك بأسبوعين في 12 يناير 1992، وقرار الجيش وقف المسار الانتخابي.
ولا يختلف الجزائريون على نيّة بوضياف، أحد أبرز قادة ثورة التحرير، في إنقاذ البلاد من حالة الانزلاق السياسي والفوضى التي كانت تتجّه إليها، لكن كثيرين منهم يُجمعون على دوافع اغتياله من قبل جهة ما في السلطة بعدما بدأ ينبش في ملفات الفساد وحاول التمرد على جنرالات الجيش، وهو ما يدفع بالكثيرين إلى ربط حديثه في الفترة الأخيرة التي سبقت اغتياله عن تفشي الفساد وفساد العسكريين وضرورة تطهير البلاد وبين تدبير اغتياله.
وقاد بوضياف المنظمة السرية، وهي الجناح العسكري للحركة الوطنية في الجزائر قبل ثورة التحرير، وكان من مجموعة 22 التي خططت ودبرت تاريخ إطلاق ثورة التحرير الجزائرية في أول نوفمبر/ تشرين الثاني 1954، واعتُقل ضمن القادة الخمسة الذين اختطفت السلطات الفرنسية طائرتهم بعد مغادرتها المغرب. بعد استقلال البلاد، اعترض على سياسات الرئيس أحمد بن بلة وعلى هيمنة الجيش ووزير الدفاع هواري بومدين على الحكم، اعتُقل قبل أن ينجح في الهروب والمغادرة إلى المغرب حيث أقام في مدينة القنيطرة لأكثر من ربع قرن، قبل أن يعود للبلاد.
اتُهم مبارك بومعرافي باغتياله، وهو أقر في جلسة المحاكمة بارتكابه الجريمة بسبب ما قال إنها مواقف بوضياف وخلفيته السياسية الموالية للإسلاميين، لكنه رفض الكشف عن أي تفاصيل أخرى. يقبع بومعرافي حالياً في السجن، وحاول إسلاميون كانوا سجناء في سجن سركاجي اغتياله داخل السجن خلال تمرد دامٍ داخل السجن، لكنه نجا من ذلك. لم يصدق أحد رواية الفعل المعزول التي انتهت إليها التحقيقات في الاغتيال، والتي قامت بها لجنة تحقيق خاصة، رفض اثنان من الأعضاء المستقلين في اللجنة التوقيع على خلاصاتها، بينهم عضو رابطة حقوق الإنسان لحسن سعد الله، والذي اغتيل في حادث غامض لاحقاً، والطيب الثعالبي، رفيق نضال بوضياف، خصوصاً أن ضباطاً جزائريين فارين من الجيش والمخابرات يتواجدون في الخارج، بينهم ضابط المخابرات العقيد محمد سمراوي، قدموا رواية زعموا فيها أن التخطيط للاغتيال تم داخل جهاز المخابرات، لكن وزير الدفاع السابق خالد نزار حينها تمسك بالرواية الرسمية بشأن مسؤولية بومعرافي المعزولة في الاغتيال.
وبعد 26 سنة من الحادث الدامي، لا يزال بعض الجزائريين يتذكرون تفاصيل ذلك اليوم المأساوي الذي حل كفاجعة غير متوقعة، منهم المناضل الثوري قرام عمار، الذي كان يجلس في ذلك اليوم إلى جانب بوضياف. يروي عمار تلك اللحظات الرهيبة التي أخطأه فيها الموت لكنه لم يخطئ رفيقه في النضال محمد بوضياف، ويقول لـ"العربي الجديد": "لا أستطيع أن أنسى ذلك اليوم الراسخ في ذاكرتي. كان بوضياف يخطب، وفي لحظة ما يتحرك الستار من الخلف، استدار الرئيس بوضياف وتساءل، واشنو هذا؟ (ما هذا؟) ثم توقف لبرهة قصيرة عن الكلام، وفي لحظة ثانية أطلقت زخات رصاص على الرئيس من الخلف". ويضيف: "كان الرصاص موجهاً إلى الرئيس فقط وليس لكل من كان على المنصة، تماماً كما حدث للرئيس المصري أنور السادات، رأيت شبحاً يتحرك من خلف الستار الذي أطلق النار على بوضياف". ويشير إلى أنه لم يشاهد وجه بومعرافي عندما وقعت العملية، لافتاً إلى أنه كان "من أوائل الذين خرجوا من القاعة بحكم أني كنت على المنصة، وعندما خرجت استغربت لأني لم أرَ لا دوريات ولا نقاط تفتيش توحي بوقوع حادث في مستوى اغتيال رئيس".
عابد زيداني، لم يكن على المنصة قرب الرئيس المغتال، لكنه كان في القاعة، وككثير من الناشطين والموظفين الحكوميين، يعتبر أن اغتيال بوضياف كان أشبه بالحلم المرعب. يروي لـ"العربي الجديد"، تلك اللحظات قائلاً "يومها كنت هناك بين الحاضرين، الكثير من الناس تسأل كيف تمت الجريمة، في الحقيقة بدا أن كل الأمر مدبر ومخطط له"، مضيفاً: "قبل بدء الرئيس خطابه، كنت قد جبت كامل ردهات القاعة بما فيها مكان جلوس الرئيس والقاعة الخلفية، ولم تكن هناك أي ترتيبات أمنية استثنائية، فيما شهدت القاعة في الساعة الأولى لعملية الاغتيال إطلاق نار كثيفاً من الداخل والخارج لم نكن ندري من ضد من". ويروي زيداني ما حدث بعد الاغتيال، إذ ظل الحضور محتجزين داخل القاعة لساعات، ويقول "لم يفرج عنا من تلك القاعة إلا بعد الساعة الخامسة عصراً، وعند السماح لنا بالخروج كانت فرق الدرك الوطني تسألنا من رأى منكم شيئاً فليبلغنا به، لكني في تلك اللحظة وبعد ما رأيت لم يعد لي ثقة في أحد".
أما حسن خلاص، فكان طالباً في الجامعة حينما أطلق لمبارك بومعرافي الرصاصات على بوضياف، يقول عن ذلك اليوم: "كنا في جامعة بوزريعة في العاصمة الجزائرية عندما جاءنا الخبر الصادم. لم نصدق في الوهلة الأول، لكن سرعان ما خيّم الصمت والدهشة". ويضيف "شخصياً كنت حينها على وشك إنهاء مذكرة التخرج حول الحركة الإسلامية في الجامعة، وخشيت ألا أتمكن من إتمامها وإخراجها، لأننا كنا نعتقد أن الوضع مرشح لكل الاحتمالات".