ينتظر حكومة التوافق الوطني الفلسطينية، برئاسة رامي الحمد الله، والتي أدت اليمين القانونية أمس الاثنين، 3 سيناريوهات للملف الاقتصادي، أولها السيناريو المتفائل بتحسين الأوضاع عقب المصالحة، والثاني استمرار الأزمات دون تغيير، والثالث تدهور الأوضاع في حالة تصعيد الاحتلال الإسرائيلي العقوبات.
وفي هذا السياق، تحدث رئيس حكومة التوافق الفلسطينية في مؤتمر صحفي، اليوم الثلاثاء، عن عقبات تواجه الملف الاقتصادي في المرحلة المقبلة، وكشف عن تشكيل لجان اقتصادية لحل القضايا العالقة بين الضفة الغربية وقطاع غزة.
وأكد الحمد الله، اليوم، إن إعادة إعمار قطاع غزة وتنفيذ رزمة من المشاريع الاقتصادية، تشكل أولوية الحكومة الحالية.
وعلى الرغم من التفاؤل، الذي أبدته الأسواق المحلية خلال الأيام الماضية، والعزيمة التي أظهرها وزير الاقتصاد الوطني الجديد، محمد مصطفى، بـ " بذل جهود كبيرة لتحسين الوضع الاقتصادي الراهن"، إلا أن ملامح الرد الإسرائيلي على إعلان الحكومة يقول عكس ذلك.
وقد تصطدم مساعي رئيس الوزراء ووزير الاقتصاد بردة فعل إسرائيلية، رافضة وجود حركة حماس في الحكومة الجديدة، وينفذ رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، تهديدات وزرائه، بقطع جميع العلاقات الاقتصادية والسياسية، وسحب بطاقات VIP، مع الإبقاء على التنسيق الأمني فقط.
سيناريوهات الملف الاقتصادي
يقول السيناريو المتشائم، حسب خبراء، إن حجب الاحتلال الإسرائيلي أموال المقاصة، وإحكام إغلاق معبر كرم أبو سالم، المخصص لتوريد وتصدير البضائع من وإلى القطاع، سيمتد الى الضفة الغربية، وبالتالي سيزيد تأزم الاقتصاد المحلي.
وسيؤدي اشتداد الحصار الاقتصادي والجغرافي إلى ارتفاع معدلات العاطلين عن العمل في القطاع، بنسب أكثر من 39٪ (النسبة الحالية)، وستتدهور قدرة القطاع الإنتاجية، المتراجعة أصلاً، فيما سينسحب هذا التأثر على الضفة الغربية لكن بشكل أقل.
بينما يشير السيناريو الثاني، إلى بقاء الوضع الاقتصادي والمعيشي على حاله، دون أية تغييرات، حيث سيواصل معبر كرم أبو سالم تقطع عمله من يوم لآخر، بينما يواصل الاحتلال الإسرائيلي منعه إدخال مواد بناء لاستكمال مشاريع إعادة إعمار القطاع، واستمرار إغلاق السلطات المصرية الحالية منفذ رفح.
أما السيناريو المتفائل، فإن تبعاته تشير إلى فتح المعابر الحدودية مع الضفة الغربية، وسيسمح بإدخال مواد البناء، وستعود الحياة إلى القطاعات الإنتاجية في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة، اللذين سيتبادلان البضائع والسلع بينهما، مما يعني زيادة في الإنتاج والعمل، وتخفيض البطالة.
التحديات والعقبات
يأمل العديد من المستثمرين، حسب تصريحات لـ"العربي الجديد"، أن يقود تشكيل حكومة الوفاق الفلسطيني إلى حل على الصعيد الاقتصادي، ولا سيما أن اقتصاد القطاع يشكل نحو 30٪ من الاقتصاد الفلسطيني.
وطالب الحمد الله، خلال المؤتمر الصحفي اليوم، بضرورة قيام الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بالضغط على الاحتلال الإسرائيلي، للكف عن التهديدات التي سرعان ما يلوح بها، لأية إجراءات فلسطينية لا تتوافق مع أهدافه.
وأعلنت الولايات المتحدة الأميركية، رسميا، أنها ستتعامل مع حكومة التوافق الوطني، مؤكدة استمرار الدعم والمساعدات للجانب الفلسطيني.
أما التحدي الأبرز للحكومة في الوقت الحالي، فيرتبط بكيفية تمويل مؤسسات القطاع في أعقاب دمج المؤسسات الرسمية، بعضها بعضاً، وهنا يدور الحديث عن تكاليف مالية إضافية لم تكن في حسبان الموازنة الفلسطينية للعام الجاري.
ورغم أن موازنة عام 2014 تشمل بعض المصروفات للقطاع، مثل رواتب الموظفين، المسجلين في ديوان الموظفين قبل الانقسام، فإن موظفين جدداً عينتهم حكومة اسماعيل هنية، لم يُعرف مصيرهم بعد.
الأمان العربي
تبلغ الموازنة الفلسطينية للعام الجاري 4.2 مليار دولار ، بعجز جارٍ، يقدر بنحو 1.25 مليار دولار ، يبحث توفيره من خلال المنح والمساعدات المالية المحلية والدولية.
وبحسب التجارب السابقة، فإن الحمد الله ووزراءه سيتوجهون إلى الدول العربية، لتفعيل شبكة الأمان العربية، البالغة قيمتها الشهرية نحو 100 مليون دولار أميركي، لإنجاح حكومة التوافق الوطني، واستدامتها.
وقد يكون اللجوء إلى المصارف العاملة في فلسطين، لطلب قروض مالية، خياراً ثانوياً في حال لم يتم توفير الأموال اللازمة لإدارة الحكومة ومؤسساتها وموظفيها البالغ عددهم 200 ألف موظف.
وتبلغ نفقات الحكومة الفلسطينية قبيل إعلان المصالحة وحكومة التوافق، بحسب بيانات وزارة المالية الفلسطينية، نحو 280 - 300 مليون دولار ، بينما سيضاف إليه مبلغ 80 مليون دولار ، بحسب اقتصاديين، لتسيير عمل مؤسسات وموظفي القطاع.
ويبقى السؤال المطروح أيّ سيناريو من الثلاثة سيكون من حظ الاقتصاد الفلسطيني؟.