على الرغم من ذلك، فإن العراقيين لم يلمسوا أي نتائج على الأرض قد تُعيد لهم أمنهم المفقود وتستبدل خيامهم في معسكرات النزوح بالعودة إلى منازلهم في مدنهم التي نزحوا عنها بفعل المعارك.
وباستثناء العاصمة العراقية بغداد، التي نالت مظلة جوية أميركية على مدار الساعة ساهمت بحمايتها وأيقظت "داعش" من حلم اقتحامها ولو مؤقتاً، فإن الهالة التي صاحبت انطلاق عمليات التحالف الدولي وما سوّقت له وسائل الإعلام الغربية وحتى العربية، جعل توقعات المحللين تجتمع على توقيتات زمنية شبه موحدة للقضاء على "داعش" كقوة على الأرض ممسكة بزمام الأمور. وتراوحت تلك التوقعات ما بين حزيران/ يونيو وسبتمبر/ أيلول من العام الحالي. وتبدو هذه المواعيد غير منطقية حتى الآن وغير قابلة للتحقيق، ولو بشكل جزئي، ولا سيما مع ابتلاع تنظيم "داعش" المزيد من المناطق والأراضي تعادل ثلاثة أضعاف ما خسره بمدينة تكريت.
اقرأ أيضاً: داعش يحاصر الرمادي ويجيز القتل دون فتوى
وكشف تقرير صادر عن وزارة الدفاع العراقية، يوم الإثنين الماضي، عمّا وصفه بتقدم ملحوظ لتنظيم "داعش" في العراق على عكس ما كان متوقعاً مطلع العام الحالي بعد تكثيف الولايات المتحدة ضرباتها الجوية على مواقع التنظيم في العراق.
ووفقاً لما أكده مسؤول عسكري في هيئة رئاسة أركان الجيش العراقي، لـ"العربي الجديد"، فإن التقرير أشار إلى أن "داعش ابتلع مناطق ومدناً جديدة رداً على خسارته تكريت تعادل ثلاثة أضعاف حجم مدينة تكريت، وهي بيجي والبو فراج والبو سودة والصوفية وذراع دجلة والسجارية وأجزاء واسعة من مدينة الرمادي في محافظتي الأنبار وصلاح الدين". كما لفت التقرير إلى أن التنظيم "نفّذ العشرات من الجرائم متمثلة بعمليات إعدام ميدانية جماعية وتدمير البنى التحتية".
وبحسب المسؤول العراقي، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، أشار التقرير أيضاً إلى أنّ "داعش نجح في إدارة عمليات تخزين السلاح والعتاد وتجنيد المقاتلين بشكل احترافي، تمكن من خلالها من امتصاص ضربات التحالف وتعويض خسائره البشرية التي بلغت نحو سبعة آلاف مقاتل منذ بدء عمليات التحالف الدولي على التنظيم بالعراق غالبيتهم من العراقيين".
وأوضح المسؤول العراقي أن "خطة التحالف التي كانت تقضي بتدمير البنى التحتية لقوات داعش في العراق خلال أول 20 شهراً لم تنجح بالشكل الذي تم التخطيط له، إذ لا يزال التنظيم فعالاً ويتخذ أسلوب الكر والفر ويسعى لاستنزاف القوات العراقية المشتركة بشرياً ومادياً".
وأطلقت الولايات المتحدة الأميركية، في التاسع عشر من أيلول/ سبتمبر 2014، تحالفاً بقيادتها وبمشاركة بريطانيا وفرنسا وكندا وأستراليا وألمانيا ودول عربية أخرى ضد تنظيم "داعش".
ونفّذ التحالف لغاية الآن نحو 2500 ضربة جوية على معاقل التنظيم المتطرف من دون أن يلمس المراقبون أو المواطنون أي تأثير لتلك الضربات حتى الآن.
وفي السياق، قال العقيد الركن سعد العبيدي، من قوات الجيش العراقي في محافظة الأنبار، لـ"العربي الجديد"، إن "حكومة حيدر العبادي أخفقت في توفير الدعم للقوات العراقية أو العشائر"، لافتاً إلى أن "المعركة تدور مع مقاتلين يريدون أن يقتلوا أنفسهم بقتلك، ولك أن تتخيّل صعوبة ذلك".
وأضاف العبيدي: "قد نجد أنفسنا أمام تهديد حقيقي على بغداد مرة أخرى في حال استمر الحال على ما هو عليه، ويجب أن نودع أو نتغاضى عن كل شيء سياسي ونعترف بضرورة تدخل الغرب بالعراق بأي شكل، لأن استمرار هذا الوضع يعني تعقيداً أكثر للمشهد". وأكد في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن "عناصر داعش من العراقيين تتراجع نسبتهم سواء في عملية التجنيد أو المقاتلين الموجودين على الأرض عكس المقاتلين العرب والأجانب". ولفت العبيدي إلى أن "هذا الأمر يعود إلى ارتكاب داعش لأخطاء داخلية في سياسته داخل مدن شمال وغرب العراق، منها المجازر اليومية التي ينفذها بحق عشائر سنية معارضة لها وصلت الى مئات الضحايا في فترة لم تتجاوز ثلاثة أسابيع في مدن الموصل والأنبار".
وحول توقعات مدة الحرب الدائرة في الأنبار، قال النائب في البرلمان العراقي، أحمد الجاف، لـ"العربي الجديد"، إنه "إذا لم تتدخل دول كبرى، فنحن نتحدث عن سنوات، وفيها ستكون مجازر كبرى ودمار هائل". وأضاف الجاف: "حتى إيران يجب استبعادها من الموضوع، فقدراتها لم تمكنها من حسم الموضوع في سورية منذ أربع سنوات بل دمرتها أكثر وأثارت الطائفية في تلك البلاد التي لم تعرفها يوماً".
ولفت النائب العراقي، في حديثه لـ"العربي الجديد"، إلى "الحاجة إلى توافق دولي واتفاق على محاصرة التنظيم وإيقاف منافذ تزويده بالمقاتلين". وأكد الجاف أن "هذا لن يحصل ما لم تكن هناك معاهدة صداقة بين دول جوار العراق، وبعدها نبدأ بعملية تآكل داعش"، مضيفاً: "عدا ذلك، فإن قتل عشرة من هذا التنظيم لا يعني سوى دخول عشرة آخرين مجدداً".
اقرأ أيضاً: إقليم كردستان نحو جيش كردي بدعم أميركي