بات لكل قرية شيعيّة في لبنان (تقريباً) "شهيدها". 325 شاباً لبنانياً ذهبوا إلى سوريا على أقدامهم، وعادوا محمّلين بالنعوش. بالأمس القريب، دفعت هذه القرى بأبنائها إلى قتال إسرائيل. سقط نحو 1185 شهيداً في الصراع مع المحتل، منذ اجتياح عام 1982 حتى التحرير في مايو/ أيار 2000.
حالياً، لا يُصدر حزب الله، من خلال مواقعه الالكترونيّة ومؤسساته الرسمية، رقماً محدداً لعدد القتلى في سوريا. أخيراً، ذكر عدد من المواقع الإلكترونيّة اللبنانيّة والسوريّة، أن عدد قتلى حزب الله في سوريا وصل إلى الألف. الرقم ليس دقيقاً. أجرى "العربي الجديد" بحثاً في مختلف المواقع التابعة مباشرةً أو غير مباشرةً لحزب الله، استند فيه بشكل أساسي إلى دراسة أجرتها مدونة "Mostly Off" عن أسماء القتلى الذين يجري نعيهم يوماً بعد آخر، منذ مشاركة حزب الله في القتال في سوريا، ليتبيّن أن الرقم الأقرب إلى الواقع، حتى نهاية شهر مارس/ آذار 2014، هو 325 قتيلاً. وقد سقط خلال الشهر الحالي عدد من القتلى لا يدخلون في هذا الاحصاء. العدد ليس قليلاً، فالحزب ليس جيشاً في النهاية.
المؤكد هو أن مقاتلي حزب الله يذهبون إلى سوريا بكامل إرادتهم. لكن ذلك لا يعني أن الحزب لم يستعِن بخطاب مذهبي في تعبئة جمهوره. ففي المرحلة الأولى من الثورة السوريّة، لم يكن جمهور حزب الله قد حسم موقفه. كثرت الأسئلة في تلك المرحلة عن جدوى دعم نظامٍ سبق لقواته أن نفّذت مجازر بحق حزب الله، إلى جانب الاعتقال والتعذيب. مع الوقت، أدخل حزب الله، شعار "لن تُسبى زينب مرتين". طوال المعركة مع إسرائيل، لم يضطر حزب الله إلى الاستعانة بهذه الشعارات. في حينها، ارتكزت أدبياته على ضرورة تحرير الأرض، واستعادة الكرامة، والحلم بتحرير مسجد الأقصى، لما له من رمزيّة. هذا الخطاب لم يُحمّس الشباب للقتال في سوريا، بينما حماية المقامات الدينيّة فعلت فعلها.
كما أن حزب الله حافظ، لسنوات طويلة، على خطاب هادئ تجاه السلفيّة الجهاديّة. تلاقى مع هذا الفكر سياسياً، في أفغانستان، وسياسياً وعسكرياً في العراق، ما سمح بأن يكون موقف السلفيّة الجهاديّة غير حادّ تجاه حزب الله. لكن القتال في سوريا، الذي حمل شعارَين، هما حماية المقدسات، ومحاربة "التكفيريين"، كسر "شعرة معاوية" بين الحزب والسلفيّة الجهاديّة. بات في حزب الله، اليوم، مَن يسأل: لماذا يكرهنا هؤلاء إلى هذا الحد؟ سؤال ردّده الأميركيّون في أحد الأيام. وسبق للأمين العام للحزب، حسن نصر الله، أن قال، في أحد خطاباته، إن الأميركيين ينصبون فخاً للسلفيّة الجهاديّة في سوريا، ودعاهم في حينها إلى عدم الانجرار للقتال هناك. ربما سقط حزب الله في الفخّ، حتى بات هناك اليوم مَن يتساءل من بين دبلوماسيين وسياسيين أوروبيين: "لماذا ننهي الحرب في سوريا؟ إيران وحزب الله يُستنزفان هناك".
الإعلان الرسمي لحزب الله عن المشاركة في القتال في سوريا إلى جانب النظام، جاء على لسان نصر الله نفسه، وذلك في 25 مايو/ أيار 2013. آنذاك، قال الأمين العام إن هدف الحزب هو منع الفتنة السنيّة ـ الشيعيّة، عبر منع أي اعتداء على مقام السيدة زينب في دمشق، وذلك لتبرير قتال الحزب هناك. كما أعلن عن المشاركة في حماية اللبنانيّين والحدود اللبنانيّة من خطر "التكفيريين". اللافت، أنه في الأشهر الممتدة من يونيو/ حزيران 2012 حتى أبريل/ نيسان 2013، سقط 33 قتيلاً للحزب في سوريا. كما أن شهر مايو/ أيار 2013، سجّل أعلى عدد للقتلى، وهو أمر مفهوم، كون الحزب تولّى في حينها معركة القصَيْر كاملةً، إدارةً وتنفيذاً.
في الأشهر السابقة لإعلان المشاركة في حرب سوريا، شارك حزب الله بنخبة مقاتليه، كخبراء عسكريين، وفي إدارة المعارك، وهو ما يُفسّر انخفاض عدد القتلى. أمّا معركة القصَيْر، فكانت أوّل مشاركة كبيرة للحزب، سورياً، من إدارة المعركة إلى المشاة، الأمر الذي يوضح سبب ارتفاع عدد القتلى. فتلك، كانت أوّل معركة هجوميّة فعليّة للحزب في سوريا.
بعد معركة القصَير، شارك الحزب في القتال بالعديد من المناطق السوريّة. من حلب، في الشمال، إلى درعا، في الجنوب، مروراً بالعاصمة دمشق. خسر الحزب مقاتلين في مختلف المناطق، وقد تُرجمت الخبرة التي اكتسبها في القصير انخفاضاً في عدد المقاتلين لاحقاً، خصوصاً في القلمون.
أما لجهة توزّع قتلى الحزب بالنسبة للأقضية اللبنانيّة، فكان لافتاً أن قضاء الهرمل ومدينته، التي تُسمى "مدينة الشهداء"، لم يأتِ إلا في المرتبة السادسة بـ19 قتيلاً. أمّا في المرتبة الأولى، فتربّع قضاء بعلبك، الذي قدم 88 شاباً، يليه قضاء صور الذي قدّم 55 شاباً، ثم النبطية بـ45 وبعبدا (التي تضمّ الضاحية الجنوبية لبيروت)، بـ35.
حالياً، لا يُصدر حزب الله، من خلال مواقعه الالكترونيّة ومؤسساته الرسمية، رقماً محدداً لعدد القتلى في سوريا. أخيراً، ذكر عدد من المواقع الإلكترونيّة اللبنانيّة والسوريّة، أن عدد قتلى حزب الله في سوريا وصل إلى الألف. الرقم ليس دقيقاً. أجرى "العربي الجديد" بحثاً في مختلف المواقع التابعة مباشرةً أو غير مباشرةً لحزب الله، استند فيه بشكل أساسي إلى دراسة أجرتها مدونة "Mostly Off" عن أسماء القتلى الذين يجري نعيهم يوماً بعد آخر، منذ مشاركة حزب الله في القتال في سوريا، ليتبيّن أن الرقم الأقرب إلى الواقع، حتى نهاية شهر مارس/ آذار 2014، هو 325 قتيلاً. وقد سقط خلال الشهر الحالي عدد من القتلى لا يدخلون في هذا الاحصاء. العدد ليس قليلاً، فالحزب ليس جيشاً في النهاية.
المؤكد هو أن مقاتلي حزب الله يذهبون إلى سوريا بكامل إرادتهم. لكن ذلك لا يعني أن الحزب لم يستعِن بخطاب مذهبي في تعبئة جمهوره. ففي المرحلة الأولى من الثورة السوريّة، لم يكن جمهور حزب الله قد حسم موقفه. كثرت الأسئلة في تلك المرحلة عن جدوى دعم نظامٍ سبق لقواته أن نفّذت مجازر بحق حزب الله، إلى جانب الاعتقال والتعذيب. مع الوقت، أدخل حزب الله، شعار "لن تُسبى زينب مرتين". طوال المعركة مع إسرائيل، لم يضطر حزب الله إلى الاستعانة بهذه الشعارات. في حينها، ارتكزت أدبياته على ضرورة تحرير الأرض، واستعادة الكرامة، والحلم بتحرير مسجد الأقصى، لما له من رمزيّة. هذا الخطاب لم يُحمّس الشباب للقتال في سوريا، بينما حماية المقامات الدينيّة فعلت فعلها.
كما أن حزب الله حافظ، لسنوات طويلة، على خطاب هادئ تجاه السلفيّة الجهاديّة. تلاقى مع هذا الفكر سياسياً، في أفغانستان، وسياسياً وعسكرياً في العراق، ما سمح بأن يكون موقف السلفيّة الجهاديّة غير حادّ تجاه حزب الله. لكن القتال في سوريا، الذي حمل شعارَين، هما حماية المقدسات، ومحاربة "التكفيريين"، كسر "شعرة معاوية" بين الحزب والسلفيّة الجهاديّة. بات في حزب الله، اليوم، مَن يسأل: لماذا يكرهنا هؤلاء إلى هذا الحد؟ سؤال ردّده الأميركيّون في أحد الأيام. وسبق للأمين العام للحزب، حسن نصر الله، أن قال، في أحد خطاباته، إن الأميركيين ينصبون فخاً للسلفيّة الجهاديّة في سوريا، ودعاهم في حينها إلى عدم الانجرار للقتال هناك. ربما سقط حزب الله في الفخّ، حتى بات هناك اليوم مَن يتساءل من بين دبلوماسيين وسياسيين أوروبيين: "لماذا ننهي الحرب في سوريا؟ إيران وحزب الله يُستنزفان هناك".
الإعلان الرسمي لحزب الله عن المشاركة في القتال في سوريا إلى جانب النظام، جاء على لسان نصر الله نفسه، وذلك في 25 مايو/ أيار 2013. آنذاك، قال الأمين العام إن هدف الحزب هو منع الفتنة السنيّة ـ الشيعيّة، عبر منع أي اعتداء على مقام السيدة زينب في دمشق، وذلك لتبرير قتال الحزب هناك. كما أعلن عن المشاركة في حماية اللبنانيّين والحدود اللبنانيّة من خطر "التكفيريين". اللافت، أنه في الأشهر الممتدة من يونيو/ حزيران 2012 حتى أبريل/ نيسان 2013، سقط 33 قتيلاً للحزب في سوريا. كما أن شهر مايو/ أيار 2013، سجّل أعلى عدد للقتلى، وهو أمر مفهوم، كون الحزب تولّى في حينها معركة القصَيْر كاملةً، إدارةً وتنفيذاً.
في الأشهر السابقة لإعلان المشاركة في حرب سوريا، شارك حزب الله بنخبة مقاتليه، كخبراء عسكريين، وفي إدارة المعارك، وهو ما يُفسّر انخفاض عدد القتلى. أمّا معركة القصَيْر، فكانت أوّل مشاركة كبيرة للحزب، سورياً، من إدارة المعركة إلى المشاة، الأمر الذي يوضح سبب ارتفاع عدد القتلى. فتلك، كانت أوّل معركة هجوميّة فعليّة للحزب في سوريا.
بعد معركة القصَير، شارك الحزب في القتال بالعديد من المناطق السوريّة. من حلب، في الشمال، إلى درعا، في الجنوب، مروراً بالعاصمة دمشق. خسر الحزب مقاتلين في مختلف المناطق، وقد تُرجمت الخبرة التي اكتسبها في القصير انخفاضاً في عدد المقاتلين لاحقاً، خصوصاً في القلمون.
أما لجهة توزّع قتلى الحزب بالنسبة للأقضية اللبنانيّة، فكان لافتاً أن قضاء الهرمل ومدينته، التي تُسمى "مدينة الشهداء"، لم يأتِ إلا في المرتبة السادسة بـ19 قتيلاً. أمّا في المرتبة الأولى، فتربّع قضاء بعلبك، الذي قدم 88 شاباً، يليه قضاء صور الذي قدّم 55 شاباً، ثم النبطية بـ45 وبعبدا (التي تضمّ الضاحية الجنوبية لبيروت)، بـ35.
* سقط سهو، في النسخة الأولى من المقال، ذكر أحد مصادره الأساسية، وهو مدونة "mostly off" لهشام أشقر، فاقتضى التوضيح والاعتذار.