دفع الاحتلال الإسرائيلي صباح اليوم الجمعة، بـ3500 عنصر من الشرطة وحرس الحدود إلى القدس المحتلة، وسط نشر قوات معزّزة في البلدة القديمة، وعند بواباتها الرئيسية، مع رفع حالة التأهب الأمنية، تحسّباً من اندلاع المواجهات مجدداً اليوم، في المسجد الأقصى المبارك.
وأعلن قائد شرطة الاحتلال في القدس، موشيه أدري، أنّه سيسمح للمصلّين ما فوق الـ 35 عاماً فقط بدخول المسجد الأقصى، من دون تحديد سنّ النساء، في وقتٍ عززّت فيه قوات حرس الاحتلال، نشر قواتها على مداخل الأحياء الفلسطينية القريبة من البلدة القديمة، وخصوصاً الشيخ جراح، ووادي الجوز، مع إبقاء قوات أخرى كبيرة عند الأحياء الفلسطينية، القائمة على امتداد ما تسمّيه إسرائيل خط التماس بين أحياء القدس الشرقية وبين الأحياء الغربية، في شارع رقم واحد، حيث مسار القطار الخفيف في القدس.
وكشفت صحيفة هآرتس اليوم، أنّ شرطة الاحتلال نصبت منذ أمس حواجز إسمنتية عند مداخل الأحياء الفلسطينية المتاخمة لأحياء يهودية، بهدف منع الفلسطينيين من الوصول بمركباتهم للأحياء اليهودية. ونشرت سلطات الاحتلال حواجز اسمنتية على مداخل حي الثوري، المتاخم للحي اليهودي "أبو طور" ومنعت الفلسطينيين من الدخول إلى الحي بمركباتهم، وأجازت لهم العبور عبر الطريق الخلفي إلى سولن. كما وضعت كتلاً أسمنتية مشابهة عند خط التماس، بين حي جبل المكبر وبين الحي الاستيطاني أرمون هنتسيف.
وفي شمال شرقي القدس، أغلق الاحتلال مدخلي قرية العيسوية المجاورة للجامعة العبرية، من الجنوب، ومدخل القرية الشمالي الصاعد إلى التلة الفرنسية، ونشر حواجز اسمنتية في الجهة الشمالية لحي الطور، شمالي مستشفى المطلع، لمنع الوصول إلى الجامعة العبرية من مدخلها الجنوبي.
ويسعى الاحتلال من وراء نشر الكتل الاسمنتية إلى تقييد حرية التنقل بين احياء القدس الفلسطينية والأحياء اليهودية، ولإحاطة الأحياء القريبة من الأقصى، بحواجز تسهّل على الاحتلال ضبط إيقاع الحركة في هذه الأحياء، والسيطرة عليها في حال حدوث مواجهات مع السكان.
في المقابل بدأ الاحتلال منذ أمس الخميس، بتنفيذ توصيات أمنية، ساهم فيها عدد من محللي الشؤون العربية في وسائل الإعلام الإسرائيلية، وفي مقدمتهم رون بن يشاي، والمستشرق عوزي رابي، وتقضي بعدم انتظار امتداد المواجهات إلى الشريان الرئيسي في القدس شارع رقم واحد، فقام بنقل المواجهات إلى داخل الأحياء الفلسطينية ليبقي السكان في حالة دفاع، ويحصر الشباب الفلسطيني المنخرط في المواجهات داخل الأحياء الفلسطينية ويحول دون وصولهم إلى بوابات القدس والأقصى، بفعل المواجهات التي استمرت أمس في عدة أحياء، أهمّها في مخيم شعفاط والطور والعيساوية.
مواجهات واعتقالات
وكان مخيم شعفاط مسقط رأس الشهيد إبراهيم العكاري، منفذ عملية الدهس في القدس الأربعاء الماضي، قد شهد أعنف وأقوى المواجهات مع قوات الاحتلال، استمرّت حتى مطلع فجر اليوم.
وتركّزت المواجهات في محيط الحاجز العسكري الإسرائيلي المقام على مدخل المخيم، حيث تراجعت قوات الاحتلال بعد تعرضها لهجوم، من قبل أكثر من 150 شابًا فلسطينيًا.
وفي هذا السياق، باشر الاحتلال بحملات اعتقالات واسعة في صفوف الفلسطينيين في القدس، وذكرت القناة الإسرائيلية الثانية أنّ شرطة الاحتلال في القدس وضعت قائمة بنحو ألف شاب وفتى مقدسي، لاعتقالهم بحجة مشاركتهم في الاحتجاجات ضد الاحتلال.
في غضون ذلك كشف تقرير آخر لهآرتس، أنّ الاستخبارات الإسرائيلية وقسم الاستخبارات في الشرطة الإسرائيلية، حذّرت رئيس الحكومة الإسرائيلية، وأقطاب الحكومة، من عواقب استمرار الاستفزازات التي يقوم بها أعضاء الكنيست وأقطاب المستوطنين في المسجد الأقصى المبارك، ومن مخاطر تحوّل الصراع إلى صراع ديني، يشعل المنطقة بأسرها.
وأشار التقرير إلى أنّ نتنياهو كان على علم بهذه التحذيرات، ومع ذلك لم يتحرّك لمطالبة أقطاب الائتلاف الحكومي، وخصوصاً نواب الكنيست من الليكود، مثل موشيه فيغلين، ورئيسة لجنة الداخلية، ميريت ريحف، والوزير أوري أريئيل، بضبط النفس ووقف هذه الاستفزازات، إلا بعد تدهور العلاقات مع الأردن واستدعاء الأخيرة لسفيرها، قبل عدة أيام، وعلى أثر اتصال أجراه نتنياهو مع العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني، جدد فيه التزامه باحترام المكانة الخاصة للأردن في المسجد الأقصى، وفق ما تنص عليه اتفاقية السلام بين البلدين.
في المقابل، صعّد زعيم البيت اليهودي، نفتالي بينت أمس من انتقاداته لحكومة نتنياهو، متّهماً إياها بفقدان السيادة على القدس، لافتاً إلى أنّ الحكومة التي تختبئ وراء الكتل الاستيطانية، لا تملك أي شرعية للحكم، وهذا ما اعتبره مراقبون في إسرائيل خطوة أولى من بينيت نحو الانسحاب من الحكومة، حين يجد أن الفرصة مواتية لذلك.