4 عوامل ترفع الدولار والمستثمرون يتدافعون للشراء

31 اغسطس 2015
إقبال على الموجودات الأميركية (أرشيف/getty)
+ الخط -

فيما ترتفع مخاوف المستثمرين من تداعيات اضطراب أسواق الصين، واحتمالات تباطؤ النمو الاقتصادي في ثاني أكبر اقتصاد عالمي، ترتفع جاذبية الدولار والموجودات الأميركية كـ "ملاذ آمن".

ويرى كبير اقتصاديي "سيتي غروب" وليام بويتر، في تعليقات بمجلس العلاقات الخارجية الأميركي، أن هزات الاقتصاد الصيني ستتواصل، وسيضطر بنك الشعب "البنك المركزي الصيني"، إلى تنفيذ مجموعة من جرعات التحفيز النقدي خلال العام الجاري، لإنقاذ الاقتصاد من الكساد.

وهذا يعني أن تدفقات المستثمرين الأجانب على الموجودات الدولارية سترتفع خلال العام الجاري، وأن سعر صرف الدولار سيرتفع إلى معدلات قياسية أمام العملات العالمية، خاصة العملة الأوروبية وعملات الاقتصادات الناشئة.

وحسب مصرف "جي بي مورغان" الأميركي، فإن إجمالي الاستثمارات التي خرجت من الصين وحدها خلال الـ15 شهراً الماضية بلغت 520 مليار دولار، توجه معظمها إلى شراء موجودات أميركية أو إلى حسابات دولارية. كما يشير تقرير الكونغرس الأميركي الصادر في يونيو/حزيران الماضي، إلى أن موجودات الأجانب في أدوات الدين الأميركية من سندات الخزانة والأوراق المالية قصيرة الأجل، بلغت في نهاية ديسمبر/كانون الأول الماضي 6.156 ترليونات دولار. من بين هذه الموجودات 4.113 ترليونات دولار تعود ملكيتها إلى جهات رسمية، مثل البنوك المركزية وصناديق الاستثمار السيادية والمؤسسات التابعة للدول، فيما قدر التقرير الموجودات التي تعود ملكيتها للمستثمرين، أفراداً وشركات، بحوالى 2.043 ترليون دولار. وهذا يعني أن المستثمرين من أنحاء العالم تهافتوا على الدولار وموجوداته الأميركية منذ العام الماضي.

ويشير خبير "جي بي مورغان" بويتر في تعليقاته إلى أن أزمة الاقتصاد الصيني لن تحل ببساطة، لأنها أزمة مديونية كثيفة متراكمة منذ سنوات من قبل الشركات والمؤسسات الحكومية.

 كما أشار إلى أن القطاع المصرفي الصيني، لا يزال ضعيفاً وهشاً، ولا يملك الكفاءات التي تؤهله للتعامل مع مشاكل السوق المالية. ويشير بويتر إلى أن أزمة الاقتصاد الصيني وتداعياتها ستقود إلى رفع سعر صرف الدولار إلى مستويات قياسية، وستؤثر تدريجياً على معدل النمو الاقتصادي الأميركي.

اقرأ أيضاً: خبراء:ما يحدث في الصين ليس مقدمة لأزمة مالية

ويشير خبراء المال إلى 4 عوامل رئيسية ستدفع الدولار إلى مستويات قياسية، ربما تضر بمعدل النمو الأميركي خلال الشهور الماضية. وهذه العوامل هي:

أولاً: أزمة السوق الصيني، واحتمالات تباطؤ الاقتصاد الصيني وتداعياتها على الاقتصادات الناشئة. ورغم أنه حتى الآن لم يتأكد حجم الضرر الذي تكبدته الصين على صعيد معدل النمو المقدر لهذا العام بحوالى 7.0%، إلا أن اضطراب الأسواق، وعدم قدرة الحكومة الصينية على تهدئة الأسواق رغم مئات المليارات التي ضختها في السوق، ترفع المخاطر وتثير حالة من عدم اليقين وسط أثرياء الصين والشركات العالمية المستثمرة فيها. ويلاحظ في هذا الصدد أن حجم الاقتصاد الصيني يقدر بحوالى 10 ترليونات دولار، وأن حجم السوق يقدر بحوالى 6 ترليونات دولار. وبالتالي فإن هنالك محاذير من مستقبل الصين على نمو الاقتصاد العالمي رغم التطمينات.

ثانياً: معدّل النمو، الفارق بين معدل نمو الاقتصاد الأميركي ومعدل نمو اقتصاديات العملات الرئيسية المنافسة للدولار، خاصة اقتصاديات الدول الآسيوية التي ستتأثر بدرجة كبيرة بهزات الاقتصاد الصيني، وتأرجح سعر صرف اليوان. وبالتالي سترتفع تدفقات هذه الدول على الموجودات الأميركية والحسابات الدولارية.

وربما يحدث هذا لعدة أسباب أهمها، حماية الثروات الخاصة من التآكل بفعل انخفاض سعر صرف العملات من ناحية. ومن ناحية أخرى ستتجه الشركات نحو تملك موجودات أميركية تدر عليها عائداً بالدولار لخدمة ديونها الدولارية، بدلاً من الدخول المحلية التي تجنيها بالعملات المحلية الضعيفة.

وتشير التقديرات الأميركية إلى أن الاقتصاد الأميركي ربما سينمو بمعدل يفوق 3.5% في المتوسط خلال العام الجاري، مقارنة بالتباطؤ المتوقع في الاقتصاد الصيني وشبه الركود في منطقة اليورو التي تهددها انتخابات اليونان، واحتمالات عرقلة خطة الإنقاذ المالي الأخيرة.

ورغم أن اليونان اقتصاد صغير، ويمكن عزله عن سائر اقتصاديات أوروبا، ولكن المخاوف تتركز من امتداد ضعف اليونان إلى باقي دول اليورو، صاحبة المديونية المرتفعة.

وتشير توقعات في حي المال البريطاني إلى أن استثمارات يقدر حجمها بترليون دولار، ربما تخرج من أوروبا خلال العام الجاري، سيتجه معظمها نحو الدولار. ويلاحظ أن العائد على الموجودات الثابتة في معظم الدول الأوروبية لا يزال سالباً. حيث يبيع كل من ألمانيا وهولندا سندات بفائدة سالبة. وهذا بالتأكيد سيدفع الشركات وأصحاب الثروات نحو الاستثمار في الموجودات الأميركية. وهو ما سيقود تلقائياً إلى ارتفاع سعر صرف الدولار.

ثالثاً: الفائدة الأميركية، رغم أن أزمة الصين أجلت ارتفاع سعر الفائدة الأميركية، وهنالك احتمالات كبيرة ألا يرفع مصرف الاحتياط الفدرالي الفائدة الأميركية خلال العام الجاري، إلا أن وجود هذا الاحتمال ولو بنسبة ضئيلة سيدفع المستثمرين الأجانب والشركات والمصارف الأجنبية للاستثمار في الدولار. ومعروف أن رفع الفائدة على عملة ما يعني غلاءها.

وفي هذا الصدد يذكر أن الفائدة على الدولار ظلت قرب الصفر، أي 0.25%، طوال الست سنوات الماضية. وهذه الفائدة الصفرية أغرت شركات الاقتصادات الناشئة على الاستدانة بالدولار. وهو ما يعني أن معظم هذه الشركات بحاجة إلى دولارات لخدمة ديونها.
 
رابعاً: زيادة الفارق بين معدل الفائدة بين أميركا وباقي الدول الصناعية الأخرى. فبعد طي برنامج "التحفيز الكمي" الذي استمر منذ العام 2008، وثبات معدل النمو الأميركي وبنسبة جيدة باتت مسألة رفع مصرف الاحتياط الفيدرالي "المركزي الأميركي" لمعدل الفائدة مسألة وقت.

وربما يرفع مصرف الاحتياط الفدرالي الفائدة وفي أعلى الحالات بنسبة 0.5، ولكن ترجيحات المحللين تشير إلى أن مصرف الاحتياط سيختبر الأسواق أولا بنسبة (0.25%). ومثل هذه النسبة، رغم أنها ليست كبيرة، سترفع قيمة سعر صرف الدولار، مقارنة بفائدة تحت الصفر في منطقة اليورو وقرابة الصفر في اليابان.

 
اقرأ أيضاً: البنك المركزي الأميركي يقترب من رفع قيمة الدولار