هيمن ملفا إعادة تأهيل الجيش الليبي، وضبط الحدود بين مصر وليبيا على "أجندة" اللقاء الذي عُقد، أمس الثلاثاء، بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس وزراء "حكومة طبرق" عبدالله الثني في القاهرة. اللقاء الأول بين الطرفين، يعتبر لقاءً تكميلياً للزيارة السابقة التي قام بها رئيس "برلمان طبرق" صالح عقيلة ورئيس الأركان عبد الرزاق الناظوري إلى القاهرة في آغسطس/آب الماضي.
ويزور الثني القاهرة برفقة عدد من وزرائه وقيادات الجيش الليبي، وأعدت له مصر استقبالاً رسمياً يعبّر عن كونها أول دولة تعترف بحكومته وتدعو العالم للاعتراف به ودعمه، إذ استبقت الحكومة المصرية وصوله بالإعلان أن رئيس الوزراء إبراهيم محلب سيكون على رأس مستقبلي الثني في مطار القاهرة.
ووفقاً لمصادر مصرية، فإن مباحثات السيسي والثني تشمل تفاصيل عملية تأهيل قوات الأمن الليبية التي ستتولاها مصر، والتي ستنقسم إلى محورين: الأول هو بدء استقبال ضباط وطلاب الشرطة والقوات المسلحة الليبيين في القاهرة، وإخضاعهم لدورات تدريبية متطورة في معاهد شرطية وعسكرية مصرية. والثاني هو تزويد القوات الشرطية والعسكرية بالمعدات والأسلحة وأنظمة المراقبة والتتبع وغيرها من الأدوات التي تفتقدها ليبيا، فضلاً عن صيانة بعض الآليات الثقيلة التي يملكها الجيش منذ عهد معمر القذافي، وتدريب العناصر المحلية هناك.
وأوضحت المصادر أن برنامج إعادة التأهيل ستشارك فيه دول أخرى غير مصر، في مقدمتها الإمارات التي ستتولى التمويل بشكل أساسي، إلا أن مصر ستتحمل وحدها مهمة التدريب، سواء في مصر أو ليبيا.
وكانت صحيفة "نيويورك تايمز" قد أشارت إلى أن مصر والإمارات قد تدخلتا عسكرياً في ليبيا مرات عدة لتأمين انعقاد البرلمان المنتخب في مدينة طبرق، ومهمات محدودة أخرى خلال شهري يوليو/تموز وآغسطس/آب الماضيين، إلا أن الجهات الرسمية نفت ذلك.
وجاءت تلك التطورات بعد اتفاق مصري إماراتي جزائري سعودي، كشف عنه "العربي الجديد" في يونيو/حزيران الماضي، على دعم البرلمان المنتخب والحكومة المنبثقة عنه، مالياً وعسكرياً وأمنياً ولوجستياً، والعمل سوياً لتأمين الحدود الليبية مع مصر والجزائر لمنع تسلل القوات غير النظامية وسيل تهريب الأسلحة عبر الصحراء شرقاً وغرباً.
أما الملف الثاني الذي حضر في اللقاء، بحسب المصادر، فهو تأمين الحدود، إذ سبق للقوات المسلحة المصرية والسيسي أن أعلنا عن تكثيف عمليات التأمين، وإجراء طلعات جوية يومية لكشف بؤر تهريب الأسلحة والذخائر ومناطق إيواء العناصر الإجرامية والإرهابية بطول الحدود بين مصر وليبيا.
وأكدت المصادر أن السيسي تلقى تقريراً من وزير الدفاع صدقي صبحي أكد فيه أن استمرار تحميل الجيش المصري مهمة ضبط الحدود بمفرده يفوق القدرات المالية والبشرية لقوات حرس الحدود المصرية، ولا سيما أن هذه المهام معروفة بأنها مسؤولية مشتركة بين الدول الجارة.
وأضافت المصادر أن السيسي سيبحث مع الثني هذا الأمر، باعتباره خطوة ثانية تالية لإعادة تأهيل القوات الليبية، على أن تعطي الحكومة الليبية أولوية في الوقت الحالي لمساعدة الجيش المصري في هذه المهمة، ورفع درجة التنسيق بين الجانبين لمواجهة التنظيمات الإرهابية والعصابات المنظمة التي تمتهن تهريب الأسلحة والسيارات والمخدرات.
أما الملف الثالث على طاولة مباحثات السيسي والثني، فهو العلاقة بالإخوان المسلمين وغيرها من التنظيمات التي أعلنت الحكومة الليبية أنها "تعمل من خلال مليشيات إرهابية على فرض أجندة الإخوان بعد خسارتهم في الانتخابات الأخيرة"، إذ تتطابق رؤية القيادتين بوجوب محاربة الإخوان.
وأشارت المصادر ذاتها إلى وجود تعاون استخباراتي بين البلدين في هذا الإطار، ودور القاهرة في إعادة تأهيل جهاز الاستخبارات الليبية، بتزويده بالمعلومات والتدريبات اللازمة أيضاً.
وشددت المصادر في هذا الملف على دعم مصر "المطلق" للقضاء على أي سلاح غير شرعي في ليبيا، باعتباره مهدداً للسيادة المصرية بقدر تهديده لاستقرار ليبيا، ودعمها أيضاً للمبادرة التي تم الإعلان عنها في القاهرة في أغسطس/آب الماضي لجمع السلاح الموجود بحوزة المليشيات، مقابل دمج أذرعها السلمية في العملية السياسية.
أما الملف الرابع، فهو خاص بحكومتي الثني ومحلب، ويتركز على نقل الخبرات المصرية في مجالي التطوير الإداري ونظم المعلومات إلى الحكومة الليبية الجديدة، التي ترغب في تحديث أدائها باستخدام تقنيات حديثة لم يسبق استخدامها إدارياً هناك، بالإضافة إلى تحفيز شركات المقاولات المصرية للعودة إلى ليبيا للعمل في بعض المناطق المؤمنة.
يُذكر أن السيسي كان قد دعا الأمم المتحدة أكثر من مرة لمساندة حكومة الثني، بعدما أعلن ذلك لأول مرة في لقائه بوزير الدفاع الفرنسي جان إيف لو دريان، الشهر الماضي، وأوضح في بيان له أن "دعم حكومة الثني ضرورة ملحة في العمل الجدي نحو بناء مؤسسات دستورية تساعد البلاد على النهوض من كبوتها، التي استنزفت قدرات البلاد".
واتهم السيسي قوى لم يسمّها بالسعي لفرض واقع جديد بالقوة على الأرض يخالف إرادة وطموحات الشعب الليبي، داعياً المجتمع الدولي إلى إصدار "رسالة تأييد واضحة لإرادة الشعب الليبي، وأخرى لا تقل وضوحاً إزاء من يساندون قوى التطرف والإرهاب الساعية لفرض الأمر الواقع بقوة السلاح في ليبيا".