تتميز هذه السيارات عن تلك التقليدية التي تعمل بالبنزين والديزل، بسرعتها وقدرتها التوفيرية على رغم ارتفاع أسعارها، فضلاً عن الأمان الذي يحتاج إليه السائق أثناء القيادة.
وشهدت مبيعات السيارات الكهربائية حول العالم ارتفاعاً ملحوظاً في الآونة الأخيرة، إذ تشير إحصاءات مؤسسة statista إلى أن قيمة مبيعات السيارات الكهربائية ارتفعت بشكل ملحوظ. وبحسب الأرقام، فقد وصلت قيمة المبيعات عام 2016 إلى 4.8 مليارات دولار، وهي مرشحة للارتفاع إلى 7.2 مليارات بحلول عام 2021.
بدأت السيارات الكهربائية بغزو الأسواق العالمية والعربية، بفضل سلة من التشريعات والتحفيزات. وبحسب تقرير صادر عن وكالة الطاقة الدولية في عام 2017، بلغ عدد السيارات الكهربائية المستخدمة على الطرق نحو 3.1 ملايين في جميع أنحاء العالم، مسجلاً رقماً قياسياً جديداً. ومن المتوقع أن يتضاعف هذا الرقم ثلاث مرات بحلول عام 2020، وفي عام 2030، من المرجح أن يرتفع عدد السيارات الكهربائية إلى 125 مليوناً.
وساعدت عوامل عديدة في ازدهار سوق السيارات الكهربائية، منها تشجيع الدول اقتناءها عبر سلسلة من التشريعات التي تعفي أصحابها من الضرائب، وكذلك الإعفاءات المقدمة من الجمارك وغيرها من التحفيزات.
أمام هذه السلة من التحفيزات، لنتعرّف إلى ميزات هذه السيارات، فربما نرغب في اقتناء واحدة منها في الأيام المقبلة.
اقتصادية:
صحيح أن أسعار السيارات الكهربائية مرتفعة نسبياً مقارنة بأسعار السيارات العادية، وقد تتعدى 100 ألف دولار لبعض الموديلات، إلا أن التكاليف اليومية للسيارات الكهربائية تكاد تكون منعدمة مقارنة بالسيارات التقليدية، وهو ما يساعد في توفير الكثير من الأموال.
بحسبة بسيطة، فإن سعر شحن السيارات الكهربائية بسيط مقارنة بأسعار الوقود، إذ إن متوسط سعر ليتر البنزين عالمياً يصل إلى 1.16 دولار، وفق أرقام منظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك"، ما يعني أن متوسط سعر تنكة البنزين (20 ليتراً) يصل إلى 23 دولاراً تقريباً، وهي تكفي للسير 120 كيلومتراً.
في المقابل، فإن استخدام السيارات الكهربائية لا يتطلب سداد أي مبلغ لتزويدها بالوقود، ويكفي شحنها لفترة قصيرة، تتراوح بين نصف ساعة و4 ساعات وفق نوع البطارية، وهي تكفي للسير مسافة نحو 300 كيلومتر، أي أكثر من الضعف تقريباً.
من جهة أخرى، نشر موقع ovoenergy المختص بعالم السيارات والمحركات، دراسة عن تكاليف السيارات الكهربائية، وأظهرت الدراسة أن سيارات تيسلا ذات بطارية 100 أمبير، تحتاج نحو 13 دولاراً لشحنها وتكفي للسير نحو 335 ميلاً. أما سيارات نيسان ذات بطاريات 30 أمبيراً، فإن تكاليف شحنها لا تتعدى 3.9 دولارات وتكفي للسير نحو 155 كيلومتراً.
كذلك، فإن سيارات رينو المزودة بطارية 22 أمبيراً، تصل تكاليف شحنها إلى 2.20 باوند نحو 2.9 دولار، وتكفي للسير نحو 96 ميلاً. وبالمقارنة بالسيارات التقليدية، فإن التكاليف تكاد تكون منعدمة.
أضف إلى ذلك، تقوم الحكومات في الكثير من الدول، ومنها المملكة المتحدة، بخفض الضرائب على السيارات الكهربائية أو بإعفائها تماماً مقارنة بالسيارات التقليدية، كما أن ثمة تشريعات في عدد كبير من الدول تعفي السيارات الكهربائية من ضرائب الطرق.
وفي العديد من الدول العربية، ومنها مصر، أعفت السلطات السيارات الكهربائية من الرسوم الجمركية.
صديقة للبيئة:
تعتبر السيارات الكهربائية من السيارات الصديقة للبيئة، أو على الأقل لا تتسبب في زيادة الانبعاثات الضارة من ثاني أوكسيد الكربون والغازات الدفيئة في الجو. إذ بحسب موقع ovoenergy، تساوي الانبعاثات الضارة بالبيئة صفراً.
الخبير بمؤسسة النقل والبيئة في بروكسل، يان لوبتي، يقول في تقارير صحافية، إن إنتاج السيارات الكهربائية يحتاج مزيداً من الطاقة مقارنة بالسيارات التقليدية، إلا أنه بمجرد دخولها حيّز العمل، فإنها تكون أكثر فاعلية من حيث استهلاك الطاقة، علاوة على أنها أكثر نظافة من ناحية العوادم مقارنة بالسيارات العادية. ويضيف أن "هذه الأمور ستصبح بالطبع أفضل كلما زاد استخدام الطاقة المتجددة لتوليد الكهرباء".
وبحسب دراسة منشورة في موقع "دويتشه فيله" الألماني، فإن السيارة الكهربائية التي تعمل بكهرباء مستمدة من مصادر طاقة متجددة، تكون انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الصادرة عنها طيلة فترة تشغيلها أقل 6 مرات من السيارة التي تعمل بالبنزين. وتؤكد هذه النتائج ضرورة تركيز الدول على طرق إنتاج الكهرباء، حتى تصير السيارة الكهربائية أكثر فاعلية.
كما تشجع الحكومات مواطنيها على شراء هذه السيارات، فهي بذلك تساعد على تحقيق أهداف الدول بتقليل الانبعاثات الغازية، كما أنها تقلل معدلات تلوث المدن.
آمنة:
ابتكر مصمّمو السيارات الكهربائية طرقاً فعالة كي تسير بطرق آمنة وهادئة. وبحسب موقع wewantanycar المتخصص، فإن محركات السيارات التقليدية تعمل بحرق الوقود، ما يؤدي إلى إمكان حصول أي انفجار داخل المحرك نتيجة الاحتكاك واحتراق الوقود، ما يعني انخفاض مستوى الأمان.
في المقابل، لا تحتاج السيارات الكهربائية إلى أي عملية إحراق للوقود، كونها مجهزة بصفائح مختصة يتم شحنها، كما أن بطارية السيارة الكهربائية مخصصة لتخزين الطاقة بشكل آمن.
أضف إلى ذلك، فإن إحراق الوقود في السيارات التقليدية يُنتج ضجيجاً، وهو ما يسمى بالتلوث السمعي. وعلى رغم تطوير الشركات المصنعة للسيارات المحركات عازلة الصوت، إلا أنها لم تفلح بذلك بشكل فعال. في المقابل، فإن السيارات الكهربائية لا تصدر أي صوت، وبالتالي ينخفض مستوى التلوث السمعي في المجتمعات.
توفير الوقت:
تعمل الحكومات في كثير من الدول بتجهيز البنية التحتية لتوسيع نطاق استخدام السيارات الكهربائية، حيث تضع آلات الشحن في عدد كبير من الطرق، وبجانب المنازل والمؤسسات الكبيرة، الأمر الذي يساعد على توفير الوقت، إذ يكفي ركن السيارة في المكان المخصص لها وشحنها أثناء الوجود في العمل أو البيت أو أثناء التسوّق دونما حاجة إلى المرور بمحطات تزويد الوقود والانتظار في الطوابير طويلاً.
ووفق موقع numbeo، يتراوح متوسط الانتظار في محطات الوقود بين 10 دقائق و20 دقيقة، بينما يصل في بعض الدول إلى أكثر من نصف ساعة. في المقابل، فإن شحن السيارات الكهربائية لا يهدر وقت السائق.
أضف إلى ذلك، إن الكثير من الحكومات سنّت تشريعات تساعد في توفير النقود والوقت على السائق، ومنها زيادة عدد المواقف المخصصة للسيارات الكهربائية في المدن وأمام المنازل والمؤسسات مجاناً، كي لا يُضطر للبحث عن أماكن لركن سياراته ودفع الأموال لقاء ركنها.
فاتورة الشحن بالكهرباء:
تظهر إحصاءات statista أن كلفة شحن السيارات لا تتعدى دولاراً واحداً في الدقيقة، وهو ما يعد منخفضاً مقارنة بأسعار المحروقات.
تفيد الإحصاءات بأن الدنمارك لديها أعلى سعر شحن في الدقيقة الواحدة، أي ما يعادل 60 كيلووات، إذ يصل السعر إلى 39 سنتاً، تليها إسبانيا 30 سنتاً، ثم كل من أستراليا والصين وسويسرا والمملكة المتحدة، حيث يصل السعر إلى 28 سنتاً، ثم فرنسا 25 سنتاً، فألمانيا 21 سنتاً، والنرويج 18 سنتاً، واليابان 15 سنتاً، ثم كندا 13 سنتاً، فالولايات المتحدة 11 سنتاً.
نمو السوق عربياً:
عربياً، تولي الحكومات اهتماماً كبيراً في زيادة نسب السيارات الكهربائية في الأسواق، وذلك عن طريق حزمة من الإعفاءات والمزايا لتشجيع المواطنين على اقتنائها.
في مصر، وافقت الحكومة على إعفاء السيارات الكهربائية الجديدة من الجمارك، وبحسب بيانات حكومية، فإن استيراد السيارات الكهربائية لا يخضع لأي رسوم جمركية لأن أسعارها مرتفعة ولا تتحمل إضافة أي رسوم عليها.
أضف إلى ذلك، سمحت الحكومة المصرية ممثلة بوزارة التجارة والصناعة باستيراد السيارات الكهربائية المستعملة والتي لا يزيد عمرها عن ثلاث سنوات بخلاف سنة الإنتاج حتى تاريخ الشحن أو التملك. وكذا تعمل مصر على تجهيز البنية التحتية الخاصة بشحن السيارات، وتم وضع أكثر 67 شاحناً في جميع المحافظات، وجارٍ العمل لزيادة العدد.
وفي الأردن، وافق مجلس الوزراء على إعفاء السيارات الكهربائية بالكامل من رسوم التسجيل المستحقة عليها لأول مرة. وبحسب بيان سابق للحكومة، فإن القرار يهدف إلى تشجيع المواطنين على اقتناء السيارات الكهربائية لمزاياها التوفيرية الخاصة بالوقود، أضف إلى قدرتها على المحافظة على البيئة، كما اتخذ مجلس الوزراء العديد من الإجراءات أبرزها إعفاء السيارات من الجمارك، ومن ضريبة المبيعات، وإعفاء بطاريات السيارات الكهربائية من رسوم الجمارك وضريبة المبيعات.
وعلى خطى مصر، والأردن، سمحت الحكومة اللبنانية باستيراد السيارات الكهربائية، وأصدرت عدة تشريعات تتعلق بخفض الرسوم الجمركية على السيارات الخصوصية الهجينة إذ أصبحت 20% فقط، وأعفيت السيارات العاملة على الكهرباء كلياً من الرسوم الجمركية، كما تم إعفاء السيارات الكهربائية من رسم التسجيل ورسم الميكانيك عند تسجيلها للمرة الأولى.
حتى دول المغرب، سنت الحكومات العديد من التشريعات التي تسمح باستيراد السيارات الكهربائية وإعفائها من الجمارك.
وفي دول الخليج، يجري العمل على تحسين البنية التحتية لسير هذه المركبات، وتجهيز محطات الشحن الكهربائي في المناطق السكنية والمولات، وغيرها. وتعمل الحكومات الخليجية على زيادة نسب مبيعات السيارات الكهربائية.
لكن، هل البنية التحتية للدول العربية مهيأة لمثل هذه السيارات؟
تحتاج السيارات الكهربائية إلى محطات للشحن؛ إذ إنّ بطاريتها ستنفد بعد السير لمسافة محدّدة، شأنها بذلك شأن السيارات التي تعمل على الوقود الأحفوري. وفيما تجهّز الدول التي يتوسّع سوق السيارات الكهربائية لديها، محطات شحن على كافة أراضيها، وتضع الخطط بعيدة المدى لتوزيع هذه المحطات بما يكفل تحوّل مواصلات النقل لديها إلى الكهرباء، لعدّة أسباب وفي مقدّمتها الحفاظ على البيئة، والانتقال إلى عصر الطاقة المتجدّدة؛ هل تضع الدول العربية في حسابها مثل هذه الخطط؟
فالتشريعات والإعفاءات الجمركية ليست كافية للانتقال إلى عصر السيارات الكهربائية.