فتح تفجير مستودع أسلحة وذخائر تابع لمليشيات "الحشد الشعبي" في حي العبيدي شرقي العاصمة العراقية بغداد، اليوم الجمعة، الباب مجدداً حول مخاطر بقاء مستودعات الذخيرة التابعة للمليشيات داخل الأحياء والمناطق السكنية.
وتؤكد مصادر عسكرية في قيادة عمليات بغداد العسكرية، وجود 62 مستودع سلاح لمليشيات "الحشد" منتشرة في بغداد لوحدها. وتحوي على مئات الأطنان من الذخيرة والعتاد وصواريخ الكاتيوشا والغراند والبراميل المتفجرة، فضلاً عن قذائف الهاون من أعيرة مختلفة.
وبحسب ما أوضح ضابط رفيع في قيادة عمليات بغداد لـ"العربي الجديد"، فإن "المستودع الذي تعرض للتفجير اليوم بسبب ارتفاع درجات الحرارة كان يحوي على أكثر من 200 صاروخ ونحو 500 قذيفة هاون".
وأدى الانفجار لتطاير عشرات الصواريخ على مناطق وأحياء مجاورة من العاصمة، بينها العبيدي والمشتل والبتول والكمالية والعماري والمعامل وبغداد الجديدة وزيونة وشارع فلسطين والمنطقة القريبة من ملعب الشعب الدولي. وأسفر عن مقتل تسعة مدنيين وإصابة 49 آخرين في حصيلة نهائية، إضافة إلى دمار مادي واسع يمتد قطره لنحو 4 كيلومترات ومنازل سقطت عليها المقذوفات والصواريخ.
وأحدث الانفجار كذلك، حفرة يصل عمقها إلى 12 متراً وقطرها نحو 100 متر، وفقاً لتسجيلات فيديو سربها ناشطون.
ويعود المستودع، وفق المصدر نفسه، إلى "مليشيا عصائب أهل الحق العاملة ضمن الحشد الشعبي".
وأبدى مواطنون عراقيون، وخبراء أمنيون، مخاوفهم من تكرار الحادث، مطالبين الحكومة بأخذ دورها في إجبار المليشيات على نقل ما لديها من ذخيرة ومتفجرات إلى خارج أحياء العاصمة.
وتعتمد مليشيات "الحشد" على قسمين من الأسلحة؛ الأول، المجهز من قبل وزارة الدفاع العراقية يضاف له القسم الأهم والأكبر من الأعتدة التي تصل بشكل رسمي من إيران عبر الحدود. هي كميات تشمل صواريخ متوسطة وبعيدة المدى تستخدمها المليشيات في الحرب على تنظيم "الدولة الاسلامية" (داعش).
ويقول أحد سكان حي العبيدي في العاصمة بغداد، ويدعى حسين قاسم، لـ"العربي الجديد"، إن "ما حدث اليوم يكشف أن أمن المواطن في مهب الريح، والأمن المنشود في العراق من الصعب أن يتحقق وسط فوضى انتشار مخازن الأسلحة في وسط أحياء العاصمة".
وأضاف: "استيقظت بسقوط صاروخ على منزلي وقد دمر كل شيء بما فيه سيارتي. الرعب الذي أصاب زوجتي وأطفالي لا يوصف".
ودعا "الحكومة العراقية والأجهزة الأمنية، إلى تدارك الموضوع، وإخراج هذه الأسلحة من الأحياء إلى خارج العاصمة بغداد".
ووفقاً لقاسم، فقد سقط في الحي الذي يقطنه "12 قذيفة وصاروخاً، ما تسبب بإحراق مجمع تجاري وتدمير عدد من المنازل وسقوط قتلى وجرحى".
وسخر من الإعلان الحكومي أن المستودع تابع للجيش، مبيناً أن "الحكومة تخشى القول إن المستودع للمليشيات كي لا تفضح وضعها الحالي، وقوة المليشيات عليها".
ويبدو أن وجود أسلحة ومستودعات عسكرية، وسط الأحياء السكنية ليس جديدا، بحسب ما يؤكد الخبير الأمني والضابط السابق في الجيش العراقي، العميد المتقاعد علي أحمد المحمدي، لـ"العربي الجديد"، موضحاً أن "الأمر زاد بشكل ملحوظ قبل عامين مع دخول تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) وسيطرته على أجزاء كبيرة من العراق".
وانطلاقاً من استعراضات المليشيات المتكررة، يتساءل المحمدي "كيف يخرجون الصواريخ والسلاح بسرعة ثم يعيدونها بسرعة أيضاً".
ويكشف المحمدي أن "العاصمة بغداد تحوي أكثر من 25 موقع سلاح للمليشيات عدا المخازن والمستودعات، وهناك تنافس وحمى تسليح بين المليشيات نفسها".
ويشير إلى أن "نظام التسليح لمليشيات الحشد يكمن في امتلاكها أسلحة تابعة للجيش العراقي السابق، وكذلك تجهيز إيران لها بمختلف الأعتدة والأسلحة".
من جهته، اعتبر أستاذ العلوم السياسية أنمار الربيعي وصف السلطات العراقية لما حدث بأنه "حادث عرضي أمراً في غاية السذاجة".
وبين أن "الحجج الواهية التي استعرضتها السلطات الأمنية في بغداد غير صحيحة وتفتقر للدقة ويجب عليها شرح ما حدث بصورة صحيحة بعيدة عن إخفاء الحقائق عن المواطن".