يسّرت السلطات والأجهزة الكويتية كل الاحتياجات الأمنية واللوجستية للوفود المشاركة في أَعمال أول قمة عربية تستضيفها الكويت، غداً الثلاثاء، وبعد غد الأربعاء، وأَحضرت 68 طبيباً في مختلف التخصصات، مستعدين لأَي طوارئ، أَو عوارض، صحية، قد تستجد لدى أَيٍّ من المشاركين، في هذه التظاهرة السياسية والإعلامية، وكذلك لدى أَي من الضيوف والحضور العديدين، ممن سينشغلون بمتابعة التفاصيل في هذه القمة، لا سيما وأَنَّ هذه التفاصيل ستكون الأولى بالاهتمام، طالما أَن "إِعلان الكويت" الذي ستصدره القمة جاهز، وسُيقرأ في ختام الاجتماعات بعد غد الأربعاء. وطالما، أَيضاً، أَن القمة لن تخرج بتسوياتٍ ومصالحة، "لأَن الجرح عميق"، حسب وزير الخارجية المصري، نبيل فهمي.
وليس من اختصاص أولئك الأَطباء، ولا من صلاحياتهم، الاعتناء بالجرح الذي أَشار إليه الوزير فهمي، من دون أَن يوضح المصابين به، ومن دون أَن يجتهد في معالجته، وهو الذي يرأس دبلوماسية أَكبر بلد عربي، طالما عوّل عليه العرب من أَجل أَن يكون في صدارة من يشغلهم تعافي الأمة وشفاؤها.
مصر التي تستضيف القمة السادسة والعشرين، العام المقبل، سيكون لها رئيس جديد، ستتم انتخابات مبايعته قريباً، إِن كان اسمه المشير، عبد الفتاح السيسي. وليس مؤكداً ما إذا كانت الندوب الناتئة في الجسد المصري المتعب، طوال الأشهر الماضية، ستزول، وهو ما يتمناه العرب، أَم ستزيد.
وهذا سؤال جاءَ إِلى خواطر إِعلاميين ضيوف، في الكويت، لمّا ورد إليهم خبر استضافة القاهرة قمة العام المقبل، قبل أَن تبدأ أَعمال قمة العام الجاري. وجاءَت إلى الخواطر نفسها أَسئلة عن أَسباب انخفاض تمثيل دولٍ، كان متوقعاً أن تكون أَكثر حرصا في مجاملة الكويت، مثل البحرين التي يغيب ملكها، الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة، وكذلك الإمارات التي جاءَ مفاجئاً عدم تمثيل حاكم دبي، الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، بلاده. الأَمر الذي تسرب في شأنه أَن أمير الكويت، الشيخ صباح الأحمد الصباح، امتعض منه، وحاولت رسالة من، محمد بن راشد إِليه أَن تخفف من امتعاضه، الذي يعود، أَيضاً، إِلى شعور عام بأن اختراقاً قد لا يحدث على صعيد حل الأزمة بين السعودية والبحرين والإمارات من جهة، وقطر من جهة أخرى، وهو ما أَوحت به اجتماعات وزراء الخارجية أَمس الأحد، وهيأت لاجتماعات القمة المرتقبة.
ويغيب الرئيس الجزائري، عبد العزيز بوتفليقة عن القمة. وهو الذي أَكد لمواطنيه أَنه في صحة جيدة، تؤهله الى تجديد رئاسته في انتخابات الشهر المقبل. ويغيب أيضاً الرئيس العراقي، جلال الطالباني، المقيم في مستشفى ألماني منذ ما يزيد عن عامين. وينوب ولي العهد السعودي، الأمير، سلمان بن عبد العزيز، عن شقيقه الملك، عبد الله بن عبد العزيز. ويحضر الرئيس المصري، عدلي منصور، أَول قمة عربية، لآخر مرة، قبل أَن يغادر مقعده المؤقت. وحده الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أَمير دولة قطر، سيكون مشاركاً من بين قادة دول الخليج، وسيسلم رئاسة الدورة العربية إلى أمير الكويت. وكان وزير خارجية قطر، خالد العطية، قد أَكد ما يمكن حسبانها قناعات بلاده في شأن المشهد العربي، في كلمته أَمام زملائه وزراء الخارجية العرب، أَمس الأحد، ومنها أَن "المراحل الانتقالية التي يمر بها بعض الدول العربية تتطلب حواراً وطنياً، وخطوات تنفيذية تعكس تغييراً في السياسات". واستمع وزير الخارجية المصري، نبيل فهمي، إلى هذه الرؤية القطرية، من دون ارتياحٍ على الأغلب. ثم أشاعت صحف وفيرة في بلاده، أَن الوزير العطية انسحب من الاجتماع، احتجاجاً على سعي مصري من أَجل تبني مفهوم خاص للإرهاب، وهو ما لم يكن صحيحاً، بدليل أَن تونس وليبيا والسودان والجزائر لم تؤيد هذا المسعى المصري، والذي ساندته الرياض بغير حماس. ما أَفاد بأن مصر ليست صاحبة الكلمة الفصل في هذا الأمر (وغيره)، ما يجعلها تشعر بأَن "الجرح عميق"، لا صلة لثمانية وستين طبيباً جاهزين في أَثناء القمة به.