ترسم المائة عام من عمرها خطوط مشوار عمرها الطويل. رائحة تراب فلسطين ما زال ينعشها. في الثلاثين من عمرها كانت عندما بدأ مشوار غربتها. هي من قرية السميرية، قضاء عكا، وتعيش اليوم في منزل أولاد أختها في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين، في صيدا، جنوب لبنان، كونها حرمت من الإنجاب.
الحاجة مريم عيسى الناطور، عاشت ثلاثين عاماً في فلسطين، منها سنوات مع زوجها الذي تطلقت منه لاحقاً. وكان يعمل في الزراعة، ولم تشعر يوماً بضنك العيش. عن النكبة تقول: "هربنا إلى عكا، ومن عكا توجهنا إلى شعب، وفيها أقمنا اثنين وأربعين يوماً، بانتظار هدوء الحالة الأمنية، لكنّ الأمر كان يزداد سوءاً، ونيران الأعداء تقتل الناس. هجم الصهاينة على شعب، فهربنا نحو صفد التي كانت أكثر مقاومة. في شعب بعد هجوم الصهاينة استشهد سبعة شبان فلسطينيين، عندها شعرنا بخوف شديد. آوانا مختار مدينة صفد، فمكثنا عنده مدة من الزمن، وبعدها هجم الصهاينة على صفد، ومنها توجهنا نحو لبنان".
جئنا إلى لبنان مشياً، وكنت مع أمي وأخواتي البنات السبع، وزوجة أبي وأخوتي الذكور الثلاثة. كنا ننام في الوديان والسهول، وظللنا نسير حتى وصلنا إلى بنت جبيل، جنوب لبنان. لم تكن معنا أغطية، ولا طعام، فافترشنا الأرض، وغطتنا الأشجار. بقينا في الجوع، إذ لم نأكل، فدكان المنطقة كان يبيع السكاكر فقط.
تتابع: "بقينا هناك يومين، وبعدها جاءت حافلة فساومته على السعر لكنّه طلب مائة ليرة فلسطينية، فرفضت الذهاب معه، لأنّ المبلغ كبير جداً، ولم نكن نملك المبلغ المطلوب لنا جميعاً، فبتنا ليلتنا على الطريق، نمنا في الشارع. عند الصباح حضرت سيارة، وسألنا السائق إن كانت لنا رغبة في الذهاب إلى صيدا أو صور، فسألناه عن الأجرة، لكنّه رفض أخذ المال منا، وأوصلنا إلى صيدا".
ومن صيدا انتقلت الحاجة مريم مع أهلها إلى بيروت. ثم جاءت حافلة لتقل الناس نحو سورية، لكنّهم رفضوا وعادوا إلى صيدا. هناك استأجروا منزلاً صغيراً في صيدا القديمة، وعملوا في حياكة شباك الصيد للصيادين، وكان عملاً متعباً. تقول إنّهم عاشوا في ذلك البيت ثماني سنوات. وبعدها انتقلوا إلى بيت آخر قريب عاشوا فيه طويلاً.
اقــرأ أيضاً
وعن حياتها، تقول: "بعد فترة من تهجيرنا تزوجت من رجل متزوج، كان لديه ولد، وسكنت في بلدة الغازية، جنوب لبنان، لمدة خمسة وثلاثين عاماً، حتى مات زوجي، فطردني ابنه الذي ربيته. فجئت إلى مخيم عين الحلوة، لأعيش في منزل أختي، مع أولادها، وأعتاش مما يقدمه لي الناس".
الحاجة مريم عيسى الناطور، عاشت ثلاثين عاماً في فلسطين، منها سنوات مع زوجها الذي تطلقت منه لاحقاً. وكان يعمل في الزراعة، ولم تشعر يوماً بضنك العيش. عن النكبة تقول: "هربنا إلى عكا، ومن عكا توجهنا إلى شعب، وفيها أقمنا اثنين وأربعين يوماً، بانتظار هدوء الحالة الأمنية، لكنّ الأمر كان يزداد سوءاً، ونيران الأعداء تقتل الناس. هجم الصهاينة على شعب، فهربنا نحو صفد التي كانت أكثر مقاومة. في شعب بعد هجوم الصهاينة استشهد سبعة شبان فلسطينيين، عندها شعرنا بخوف شديد. آوانا مختار مدينة صفد، فمكثنا عنده مدة من الزمن، وبعدها هجم الصهاينة على صفد، ومنها توجهنا نحو لبنان".
جئنا إلى لبنان مشياً، وكنت مع أمي وأخواتي البنات السبع، وزوجة أبي وأخوتي الذكور الثلاثة. كنا ننام في الوديان والسهول، وظللنا نسير حتى وصلنا إلى بنت جبيل، جنوب لبنان. لم تكن معنا أغطية، ولا طعام، فافترشنا الأرض، وغطتنا الأشجار. بقينا في الجوع، إذ لم نأكل، فدكان المنطقة كان يبيع السكاكر فقط.
تتابع: "بقينا هناك يومين، وبعدها جاءت حافلة فساومته على السعر لكنّه طلب مائة ليرة فلسطينية، فرفضت الذهاب معه، لأنّ المبلغ كبير جداً، ولم نكن نملك المبلغ المطلوب لنا جميعاً، فبتنا ليلتنا على الطريق، نمنا في الشارع. عند الصباح حضرت سيارة، وسألنا السائق إن كانت لنا رغبة في الذهاب إلى صيدا أو صور، فسألناه عن الأجرة، لكنّه رفض أخذ المال منا، وأوصلنا إلى صيدا".
ومن صيدا انتقلت الحاجة مريم مع أهلها إلى بيروت. ثم جاءت حافلة لتقل الناس نحو سورية، لكنّهم رفضوا وعادوا إلى صيدا. هناك استأجروا منزلاً صغيراً في صيدا القديمة، وعملوا في حياكة شباك الصيد للصيادين، وكان عملاً متعباً. تقول إنّهم عاشوا في ذلك البيت ثماني سنوات. وبعدها انتقلوا إلى بيت آخر قريب عاشوا فيه طويلاً.
وعن حياتها، تقول: "بعد فترة من تهجيرنا تزوجت من رجل متزوج، كان لديه ولد، وسكنت في بلدة الغازية، جنوب لبنان، لمدة خمسة وثلاثين عاماً، حتى مات زوجي، فطردني ابنه الذي ربيته. فجئت إلى مخيم عين الحلوة، لأعيش في منزل أختي، مع أولادها، وأعتاش مما يقدمه لي الناس".