يهدد انعدام عقار "الأنسولين" أرواح أكثر من 700 ألف من مرضى السكري في اليمن، وفق نداء استغاثة رسمي صدر عن وزارة الصحة في صنعاء، حول نفاد العقار من مخازن الوزارة بعد انقضاء أكثر من ثمانية أشهر من الحرب المستمرة في 20 محافظة يمنية.
وبات من الصعب الوصول إلى الدواء المنقذ للحياة في المحافظات المتأثرة من الحرب لعدة أسباب، منها شح الوارد منها من الخارج، وتضاعف الأسعار وانقطاع الكهرباء طوال تلك الأشهر، خاصة في المناطق الحارة، بالإضافة إلى تخصيص الحوثيين كافة الموازنات التنموية والخدمية للتعبئة للحرب على المناطق الجنوبية والوسطى منذ منتصف مارس/آذار الماضي.
وأنهى مرض السكري حياة محمد الأغبري (60 عاماً) بسبب اختفاء الأنسولين من جراء الحصار المستمر الذي تضربه مليشيات الحوثي، على جميع مداخل مدينة تعز (270 كلم وسط اليمن) للشهر الثامن على التوالي.
وكانت العديد من المنظمات، وعلى رأسها منظمة الصحة العالمية واللجنة الدولية للصليب الأحمر، قد أصدرت العديد من البيانات الصحافية تندد خلالها بتعمد استهداف حياة المدنيين من خلال الحصار المسلح الطويل الذي منع المدينة إلا من شاحنة إمداد طبي واحدة فقط تابعة لمنظمة الصحة العالمية بعد تواصل مسؤولين في الأمم المتحدة مع رئيس اللجنة الثورية العليا التابعة للحوثيين في العاصمة صنعاء في أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
إلا أن المنظمة صرحت بأن المدينة في حاجة ماسة إلى السماح للطواقم الطبية بالدخول لإنقاذ حياة الآلاف من المرضى والجرحى المدنيين.
وكان نفس المشهد قد تكرر لأشهر إبان اشتباكات الحوثيين وحلفائهم داخل مدن عدن والضالع ولحج وأبين، قبل أن تطردهم منها جميعا المقاومة المحلية المدعومة بقوات التحالف العربي منتصف يوليو/تموز الماضي.
في السياق، تقول فاطمة الشريف المصابة بالسكري لـ"العربي الجديد": "لم يعد لدينا ما نبيعه بعد أن فقد زوجي وظيفته ونفدت كافة المدخرات على الخدمات الأساسية للمنزل والأطفال، وكذلك على دوائي الذي ارتفعت أسعاره بمقدار 120 في المائة".
اقرأ أيضا:اليمنيون يبحثون عن الدواء
وتؤكد فاطمة أن وضعها الصحي يتدهور يوماً بعد يوم وظهرت عليها أعراض جديدة مثل تراجع قوة الإبصار، بسبب انعدام الدواء منذ أشهر في مدينتها عمران (شمال)، والذي كانت تستلمه بشكل منتظم منذ ست سنوات كدعم حكومي مستحق لمرضى السكري.
ورغم ذلك، وجهت وزارة الصحة التي يسيطر عليها الحوثيون الدعوة لكل المؤسسات الحكومية وغير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني المحلية والعالمية إلى سرعة التدخل وإنقاذ حياة أكثر من 700 ألف من مصابي السكري المعتمدين على الأنسولين في عموم محافظات اليمن.
وأردف نداء الاستغاثة، أن عقار الأنسولين قد نفد تماماً من مخازن الوزارة وصيدلياتها المركزية، وناشدت الوزارة الجميع العمل على توفير الأنسولين على وجه السرعة، سواء كان من السوق المحلية أو عبر جلبه من الخارج عبر جيبوتي وبلدان أخرى، عبر المرافئ المختلفة.
وكانت منظمة الصحة العالمية قد حذرت من انهيار وشيك وكلي للمنظومة الصحية في اليمن جراء استمرار تدهور الأوضاع في البلاد والذي بدأت فيه الأمراض السارية بالعودة والانتشار.
وقال ممثل منظمة الصحة في اليمن، أحمد شادول، إن الأوضاع الصحية والإنسانية في معظم محافظات اليمن تمر بأوضاع سيئة للغاية. مشيراً إلى أن استمرار أعمال العنف قد فاقم كثيراً الأوضاع الصحية والإنسانية التي كانت تعاني أصلاً من التدهور والضعف.
وأشار شادول إلى وجود صعوبات كبيرة في إيصال المعدّات الصحية والمستلزمات الطبية والأدوية اللازمة وتحريك الأطقم الطبية إلى الأماكن المتأثرة نظراً لشح الوقود وانعدام الأمن وعدم السماح للطواقم الطبية بالدخول لمساعدة ضحايا الحرب، إضافة إلى ما تعانيه المؤسسات الصحية من انعدام الكهرباء والمياه النظيفة وشح الوقود اللازم لتشغيل المولدات.
اقرأ أيضا:أطفال اليمن بلا لقاحات