منذ تولّى وزير الداخلية المصري الجديد، مجدي عبد الغفار، وهناك حالة من الانفلات غير الطبيعي في أعداد الضحايا داخل أماكن الاحتجاز المختلفة، سواء أقسام شرطة أو سجون.. هذا ما توصل إليه مركز النديم لتأهيل ضحايا التعذيب (منظمة مجتمع مدني مصرية)، وأكده في تقريره الصادر اليوم، الأربعاء، عن أرشيف التعذيب في شهر مارس/ آذار 2015.
وقال التقرير إن ثمانية مواطنين مصريين على الأقل قتلوا جراء التعذيب وسوء الرعاية الصحية، بينما لم يكمل وزير الداخلية الجديد شهره الأول على كرسي الوزارة، ويرافق ذلك حالة من الهياج والسعار الأمني بحق المعتقلين في السجون المختلفة بانتشار المعاملة اللإنسانية والمهينة وعدم إعطاء المعتقلين حقوقهم القانونية وتفشي التعذيب الممنهج، بحسب التقرير.
وبذلك، يرتفع عدد القتلى من المعتقلين في أماكن الاحتجاز المختلفة (أقسام شرطة أو سجون)، إلى 108 أشخاص، منذ تولي الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إدارة البلاد، وإلى 237 معتقلاً مصرياً منذ تظاهرات 30 يونيو/ حزيران 2013، بحسب آخر إحصاء لمركز النديم.
وكان 5 معتقلين في أماكن احتجاز مختلفة قد لقوا مصرعهم جراء التعذيب خلال ثلاثة أيام فقط، ما اعتبرته المنظمة "رقماً قياسياً جديداً تقدمه وزارة الداخلية المصرية للرأي العام المصري والحقوقي المحلي والدولي، وهم: محمد محمود عوض (38 عاماً)، لقي مصرعه متأثراً بإصابته بالسل داخل قسم أول المنصورة بسبب سوء الرعاية الصحية في 26 مارس الماضي.
وفي اليوم نفسه، لقي إبراهيم محمد محمود مصرعه داخل قسم ثاني المنصورة بسبب خضوعه لعمليات تعذيب وحشية وضرب حتى الموت. وبموتهما ارتفع عدد القتلى داخل قسم شرطة المنصورة إلى 12 حالة.
وفي اليوم نفسه أيضاً، لقي خالد خليل حتفه داخل سيارة تابعة لقسم شرطة مركز المنيا، بعد ضربه وتعذيبه على أيدي ثلاثة من أمناء الشرطة، بحسب التقرير، وهو يعد الحالة الثانية للموت داخل سيارة شرطة منذ 30 يونيو 2013.
وفي اليوم التالي، 27 مارس الماضي، لقي شحاته عزيز (68 عاماً)، مصرعه داخل سجن الوادي الجديد، بسبب سوء الرعاية الصحية والهبوط الحاد في الدورة الدموية، وبوفاته
وفي يوم 29 من الشهر نفسه، لقي حسين محمود عبد المولى حتفه داخل قسم شرطة الهرم، بسبب وحشية التعذيب على أيدي أفراد من المباحث.
وأفاد التقرير بأن النيابة العامة لم تحبس أي ضابط أو مسؤول أو قيادي بوزارة الداخلية أو قطاع مصلحة السجون، وتحولت السجون وأماكن الاحتجاز إلى مقابر رسمية منذ أحداث 30 يونيو 2013، وأنه في كل هذه الحالات مع تكاثرها وتعددها وتتابعها، فالقاتل فيها شخص واحد فقط، هو "هبوط حاد في الدورة الدموية"، من وجهة نظر وزارة الداخلية.
اقرأ أيضاً:
سجون "جهنم" في مصر
معتقلو "العقرب" في مصر: حملة انتهاكات وتعذيب شديدة
انتهاكات الوزير الجديد
وكانت منظمة هيومان رايتس ووتش مونيتور، قد أصدرت تقريراً، في 20 مارس، أكدت فيه رصدها لعشرات الانتهاكات الأخيرة بالسجون المصرية، وذلك عقب تعيين وزير داخلية مصري جديد، في أسلوب جديد يبدو أنه ممنهج بحق المعارضين.
وعبّرت المنظمة عن قلقها الشديد إزاء تزايد الانتهاكات بعدد كبير من السجون المصرية، وسط مخالفة السلطات المصرية لنص المادة 40 من دستورها، بأن كل من يُقبض عليه أو يحبس أو تقيّد حريته بأي قيد، تجب معاملته بما يحفظ له كرامته، ولا يجوز تعذيبه ولا ترهيبه ولا إكراهه ولا إيذاؤه بدنياً أو معنوياً، ولا يكون حجزه أو حبسه إلا في أماكن مخصصة لذلك لائقة إنسانياً وصحياً، تلتزم الدولة بتوفيرها، ومخالفة شيء من ذلك جريمة يعاقب مرتكبها وفقاً للقانون ولا تسقط بالتقادم.
وحمّلت منظمة هيومن رايتس مونيتور السلطات المصرية عامة ووزير الداخلية المصر الجديد مجدي عبد الغفار بشكل خاص، المسؤولية الجنائية عن تلك الانتهاكات المتزايدة، كما تؤكد ببالغ الأسى أن مصر أصبحت تشهد عنفاً شرطياً بشكل غير مسبوق، دون الحفاظ على حق المواطن المصون في الحياة، فيما لا تتخذ السلطات المصرية أي خطوات جادة لحل تلك القضية، أو محاسبة عادلة للمسؤولين عن وقوع عشرات القتلى داخل السجون المصرية، بسبب التعذيب أو الإهمال الطبي.
وطالبت المنظمة بالتحقيق بشكلٍ عاجل في تلك الانتهاكات، والالتزام بالمبادئ الأساسية لمعاملة السجناء، وكذلك التحقيق في زيادة حالات الوفاة للمعتقلين في السجون المصرية، ومحاسبة المسؤولين عنها.
كما أكدت على ضرورة تحسين ظروف الاعتقال، والإسراع في إقامة محاكمات عاجلة تتمتع بالنزاهة والعدالة للمعتقلين، حيث لا يجوز استمرار حبسهم على ذمة قضايا سياسية، وتهم لم تثبت بحقهم.
اقرأ أيضاً:
مصر: سجناء "برج العرب" يستغيثون بعد انتهاكات غير مسبوقة
صراعات أجنحة النظام المصري في تغييرات قيادة الداخلية