اقرأ أيضاً: الدستور المصري: انفراد "العربي الجديد" يثير ردود أفعال واسعة
ويرى السيسي أن الدستور الذي أعدته لجنة الخمسين منح البرلمان صلاحيات واسعة في مقابل منصب رئيس الجمهورية. وفي مقدمة هذه المواد، تأتي المادة 161 التي أجازت لمجلس النواب اقتراح سحب الثقة من رئيس الجمهورية، وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة بناء على طلب مسبّب وموقّع من غالبية أعضاء مجلس النواب على الأقل، وموافقة ثلثي أعضائه، وهو ما يعني بحسب مراقبين، أنه في حالة حدوث أي تحالف بين عدد من الجبهات داخل المجلس سيكون من السهل عليهم الإطاحة بالرئيس، خصوصاً في ظل سعي بعضهم إلى تكوين كتل كبيرة تحت قبة البرلمان وفي مقدّمتهم رجلا الأعمال أحمد عز ونجيب ساويرس.
أما المادة الأخرى التي تشكل أزمة بالنسبة للرئيس المصري فهي المادة 159 التي تتيح للبرلمان توجيه تهمة الخيانة العظمى ومخالفة أحكام الدستور أو جناية أخرى بعد تقديم طلب مسبب، ويمكنه في هذه الحالة وبموافقة غالبية الأعضاء وقف الرئيس عن العمل ومحاكمته أمام محكمة خاصة.
في حين تعطي المادة 13 من دستور 2014 الحقَّ لمجلس النواب أن يقرر سحب الثقة من رئيس مجلس الوزراء، أو أحد نوابه، أو أحد الوزراء، أو نوابهم، وما يترتب عليه استقالة الحكومة أو عضو الوزارة الذي سُحبت منه الثقة، وهو ما يمكّن البرلمان من الإطاحة بأي حكومة يأتي بها الرئيس من دون رضى البرلمان.
وكذلك المادة 146 التي تنص على أن "رئيس الجمهورية يكلّف رئيساً لمجلس الوزراء، بتشكيل الحكومة وعرض برنامجه على مجلس النواب، فإذا لم تحصل حكومته على ثقة غالبية أعضاء مجلس النواب خلال ثلاثين يوماً على الأكثر، يكلف رئيس الجمهورية رئيساً لمجلس الوزراء بترشيح من الحزب أو الائتلاف الحائز على أكثرية مقاعد مجلس النواب، فإذا لم تحصل حكومته على ثقة أغلبية أعضاء مجلس النواب خلال ثلاثين يوماً، عُدّ المجلس منحلاً ويدعو رئيس الجمهورية لانتخاب مجلس نواب جديد خلال ستين يوماً من تاريخ صدور قرار الحل".
كما تقيّد المادة 147 سلطات رئيس الجمهورية؛ إذ تنص على أن لرئيس الجمهورية إعفاء الحكومة من أداء عملها بشرط موافقة أغلبية أعضاء مجلس النواب، ولرئيس الجمهورية إجراء تعديل وزاري بعد التشاور مع رئيس الوزراء وموافقة مجلس النواب بالأغلبية المطلقة للحاضرين وبما لا يقل عن ثلث أعضاء المجلس، بحسب نص المادة.
وتمنع المادة 137 رئيس الجمهورية من حل البرلمان حيث تنص على أنه "لا يجوز لرئيس الجمهورية حل مجلس النواب إلا عند الضرورة، وبقرار مسبب، وبعد استفتاء الشعب، ولا يجوز حل المجلس لذات السبب الذي حُل من أجله المجلس السابق. ويصدر رئيس الجمهورية قراراً بوقف جلسات المجلس، وإجراء الاستفتاء على الحل خلال عشرين يوماً على الأكثر، فإذا وافق المشاركون في الاستفتاء بأغلبية الأصوات الصحيحة، أصدر رئيس الجمهورية قرار الحل، ودعا إلى انتخابات جديدة خلال ثلاثين يوماً على الأكثر من تاريخ صدور القرار. ويجتمع المجلس الجديد خلال الأيام العشرة التالية لإعلان النتيجة النهائية".
وتعدّ المادة 156 من دستور 2014 من أبرز المواد التي تسبّب هاجساً لرئيس الجمهورية خصوصاً بعد إسرافه في إصدار عدد كبير من القوانين في غياب البرلمان، وصل لنحو 350 قانوناً، إذ تنص على أنه "ينبغي على مجلس النواب الجديد مراجعة القوانين التي صدرت قبل انتخاب المجلس، في غضون خمسة عشر يوماً من انعقاد دورته الأولى، وإلا أُلغيت بأثر رجعي إلا إذا رأى البرلمان غير ذلك".
وتقيّد المادة 149 من الدستور حرية قرارات الرئيس في العفو عن المحكوم عليهم، فاشترطت على الرئيس أخذ رأي مجلس الوزراء في حالة العفو عن العقوبة، أو تخفيفها، الأمر الذي جعله دستور 2012 في يد الرئيس منفرداً.
ويرى خبير سياسي بمركز "الأهرام" أن مخاوف السيسي من الدستور، الخاصة بصلاحيات البرلمان، غير منطقية في الوقت الراهن، خصوصاً بعدما تمكنت أجهزة الدولة الأمنية من التوصل لصيغة ستأتي ببرلمان منعدم القوة، إذ إن القائمة الوحيدة التي تم إخلاء كافة الدوائر لها، وهي قائمة "في حب مصر" صُنعت على أعين جهاز الاستخبارات وبإشراف من ضابط الجهاز محمود السيسي نجل رئيس الجمهورية، إضافة إلى أن المقاعد الفردية ستكون مشتتة بحيث لا يمكن وصول كتلة كبيرة تابعة لتيار أو حزب بعينه.
ويتساءل الخبير السياسي في حديث لـ"العربي الجديد"، رافضاً الكشف عن اسمه، كيف يمكن للسيسي وإعلامييه أن ينتقدوا الدستور، ويقول إنه تمت كتابته بحسن نية من دون أن يختبر تطبيقه على أرض الواقع، خصوصاً أن البرلمان لم يتم تشكيله بعد، مؤكداً أن ما عبّر عنه السيسي هو الذي يحمل نية سيئة للسيطرة على كافة السلطات وتكريسها في يد رئيس الجمهورية في إطار الوصول لصيغة الرئيس الفرعون.
واستبعد مراقبون أن يتم المساس بالمادتين الخاصتين بتحديد مدة رئيس الجمهورية والتي تقدر بأربع سنوات لفترتين رئاسيتين. ورأوا أنه لو أن هناك نية لتعديل هذه المادة، لن يكون خلال الفترة الرئاسية الأولى للسيسي، أما المادة الثانية فهي مادة وزير الدفاع التي تمنع إقالته من منصبه قبل ثمانية أعوام، إذ أكد مراقبون أنّ أي مساس بهذه المادة سيفهم خطأ من جانب وزير الدفاع الحالي صدقي صبحي، وهو ما سيدفعه ليقف في خانة الأعداء بالنسبة للرئيس.
اقرأ أيضاً: السيسي يُعِدُّ لتعديل دستوري للانتقال إلى نظام رئاسي مطلق