يستبعد خبراء غربيون تدخل إيران في اليمن لدعم "مليشيا جماعة الحوثي"، ضد تحالف "عاصفة الحزم" الذي تقوده السعودية وتسانده 10 دول، بما في ذلك أميركا التي تقدم دعماً لوجستياً للحملة العسكرية.
ويقول خبراء في هذا الصدد، إن تركيز إيران في الوقت الحالي، ينصب على المصالح المادية الضخمة التي ستجنيها من التوصل "لاتفاق الملف النووي" الإيراني الذي تجري المفاوضات
بشأنه في لوزان، بسويسرا مع أميركا والقوى الخمس الأخرى، فيما يعرف بـ " 5+1".
وتأمل إيران عبر نجاح هذه المفاوضات في استعادة 80 مليار دولار مجمدة في البنوك العالمية، وجذب شركات الطاقة الغربية والتقنية لتحديث صناعتها النفطية المتقادمة.
ويذكر أن التمدد الإيراني في المنطقة العربية، أستهدف إضعاف الدول المركزية في العواصم العربية، عبر تقوية "المليشيات الطائفية الموالية"، لبناء نسخ من" حزب الله في لبنان" في كل من البحرين واليمن، بعد سيطرتها الكاملة على الحكم في العراق وسورية.
ومنذ سيطرة " المليشيات الحوثية" على صنعاء وإقصاء الحكومة الشرعية بقيادة الرئيس عبد ربه منصور هادي عن الحكم، طرح التدخل الإيراني، مجموعة من التحديات الجيوسياسية للسعودية ودول الخليج الغنية بالنفط والغاز، ومخاوف حول أمن الطاقة العربية وتدفق إمداداتها إلى الأسواق العالمية.
لأن هذه السيطرة، حسب تحليلات غربية، تعني أن طهران باتت تسيطر بشكل مباشر أو غير مباشر على مرور أكثر من 20 مليون برميل يومياً، معظمها من النفط العربي إلى أسواق العالم، بخاصة أسواق آسيا.
وهو ما يضع إيران في موقف قوي للتفاوض مستقبلاً مع الصين أو ربما التنسيق مع روسيا، والمساومة على أمن الطاقة بالمنطقة العربية.
اقرأ أيضاً:
الحوثيون يهددون 30% من تجارة النفط العالمية
ويعتقد عدد من الخبراء الغربيين، ومن بينهم الخبير البريطاني بيتر ساليسبيري الذي قال في ورقة كتبها نهاية فبراير/ شباط الماضي، للمعهد الملكي البريطاني" تشاتهام هاوس"، إن "نجاح الملف النووي الإيراني لن يحل التنافس السعودي- الإيراني" في المنطقة، وتقاطعاته الجيوسياسية العديدة في سورية والعراق ولبنان والبحرين".
ولكنه سيدعم التمدد الإيراني في المنطقة العربية، الذي يصرح به المسؤولون الإيرانيون علناً. وكان علي رضا زاكاني نائب رئيس البرلمان الإيراني، قد قال في أعقاب استيلاء المليشيات الحوثية على صنعاء، إن "إيران تسيطر الأن على أربع عواصم عربية، وهي بيروت ودمشق وبغداد وصنعاء".
ورغم التصريحات الساخنة التي انطلقت من طهران تندد بالهجمات الجوية على الحوثيين، فإن الاعتقاد الراسخ وسط خبراء سياسيين في لندن، أن ما يهم إيران في الوقت الراهن نجاح المفاوضات النووية التي أستؤنفت يوم الأربعاء في مدينة لوزان السويسرية.
فالاقتصاد الإيراني الذي يبلغ حجمه ترليون دولار، يعاني من ارتفاع في معدل التضخم
والبطالة، وبحاجة ماسة إلى تدفقات دولارية، لتحريك عجلة النمو الاقتصادي الراكد وجذب شركات الطاقة الغربية للاستثمار في النفط والغاز، وهذا ما يهم إيران في الوقت الراهن، أكثر من الدخول في "مستنقع اليمن"، الذي ستطول حربه وتتضاعف تكاليفه، وربما تقنع طهران من اليمن باستنزاف السعودية وحلفائها عبر دعم المليشيات الحوثية.
ويسعى الوفد الإيراني في سويسرا بقيادة وزيرالخارجية محمد جواد ظريف، إلى إقناع أميركا ومجموعة الخمس برفع شامل للحظر الاقتصادي على طهران، مقابل التوقيع على اتفاق لتجميد البرنامج النووي.
وحسب تقرير للكونجرس الأميركي، فإن أميركا ترغب في اتفاق يحتوي على كل تفاصيل تفكيك البرنامج النووي وليس تجميده، بما في ذلك نقل اليورانيوم المخصب إلى خارج إيران، وفي المقابل ترغب إيران بتعهدات عريضة لتجميد البرنامج النووي. ولكن ماذا ستكسب إيران من نجاح المفاوضات النووية.
أولاً: استرجاع أموالها المجمدة في المصارف العالمية المقدرة بحوالى 80 مليار دولار، والتمكن من الحصول على أثمان مبيعاتها من النفط والمكثفات والغاز الطبيعي بالعملات الصعبة، وذلك بحسب بيانات البنك المركزي الإيراني.
فالحظر الأميركي الحالي يمنع إيران من الحصول على عائدات مبيعاتها من النفط، وينص على حظر الدول التي تشتري النفط الإيراني من تحويل أثمانه إلى طهران، ويطالبها بإنشاء حساب خاص بالعملة المحلية وألا تسمح بتحويل هذه الأموال إلى إيران.
وإن لم تفعل الدولة ذلك فستتعرض للعقاب الأميركي. وبالتالي تراكمت لدى إيران حوالى 80 مليار دولار في حسابات أجنبية.
أما ثانياً : فإن إيران ترغب في رفع الحظر المفروض على شركات الطاقة الغربية والتقنيات والخدمات الخاصة بصناعة النفط والغاز الطبيعي. فإلغاء هذا الحظر الذي شدد منذ العام 2013 سيقود تلقائياً إلى دخول التقنية الغربية والشركات النفطية الكبرى إلى مجال صناعة الطاقة الإيرانية. وتأمل إيران في زيادة معدل إنتاجها إلى 4 ملايين برميل يومياً بنهاية العام الجاري، حسب التصريحات الرسمية.
وإذا أضيف إلى هذا المعدل من الإنتاج نفط العراق الذي بات جزءاً من الدخل الإيراني بشكل
ضمني، ستكون لدى إيران السيطرة الفعلية على إنتاج 8 ملايين برميل يومياً بنهاية العام الجاري، وتستطيع أن تملي إراداتها بمعاونة فنزويلا على منظمة البلدان المصدرة للنفط" أوبك".
ويملك العراق احتياطات ضخمة من النفط تمكنه من إنتاج 10 ملايين برميل يومياً في المستقبل.
كما تملك إيران رابع أكبر احتياطي نفطي في العالم، ويقدر بنحو 157 مليار برميل وثاني أكبر احتياطي من الغاز الطبيعي بحوالى 1193 ترليون قدم مكعبة، إلا أنها لا تنتج حالياً من النفط سوى 3.2 ملايين برميل يومياً و8.2 ترليونات قدم مكعبة سنوياً من الغاز الطبيعي.
ويعد حقل "بارس الجنوبي" أكبر حقول الغاز الإيرانية، حيث يحتوي على 40% من إجمالي احتياطي الغاز الإيراني. وكانت الحكومة الإيرانية قد تعاقدت على تطوير هذا الحقل مع شركات غربية، إلا أن الشركات انسحبت من عقود التطوير في أعقاب تشديد الحظر الأميركي.
اقرأ أيضاً:
"الحزم" تهزّ صنعاء وتعصف بأسواق العالم