04 أكتوبر 2024
9 سنوات مرّت بسرعة البرق
مرت تسعة أعوام بسرعة البرق منذ ذلك التاريخ المهم، تاريخ أحد أهم الأحداث الذي أصبح محطة مهمة في طريق ثورة 25 يناير في مصر. إنه تاريخ البروفة الأولى، أو الشرارة الأولى للخروج الجماهيري العفوي ضد الاستبداد والفساد والجشع، إنها ذكرى الإضراب العام في السادس من إبريل/ نيسان عام 2008.
مرت تسعة أعوام بسرعة البرق على تأسيس أول وأكبر حركة شبابية في مصر، تلك المجموعة التي وضعت نفسها أمام مرمى النيران والبطش والتنكيل منذ اليوم الأول لنشأتها، حركة شباب السادس من إبريل التي كان لها الدور الرئيسي في ضم قطاعات شبابية جديدة لمعركة التغيير، وتحفيز الشباب على الإيجابية، ورفض الظلم والفساد والاستبداد طوال السنوات السابقة لثورة 25 يناير، وهي كذلك الحركة التي كان لها الدور الرئيسي في إطلاق شرارة الخروج والانتفاضة ضد الظلم والفساد والاستبداد في 25 يناير عام 2011.
كانت البداية عام 2008، مع دعوة عمال مصنع الغزل والنسيج في مدينة المحلة الكبرى إلى الإضراب داخل المصنع، للمطالبة بزيادة الأجور والبدلات، فتلقفنا الفكرة وقلنا لنجرب، فلتكن دعوة إلى الإضراب العام في كل مصر، فالكل يعاني من الفساد والاستبداد وغلاء الأسعار.
كان هناك موقع إلكتروني اجتماعي لطيف وجديد وقتها يطلق عليه فيسبوك، بدأ ينتشر في الأوساط الشبابية المصرية قبل أشهر، وفيه يمكنك نشر صورك الشخصية، ويمكنك تتبع المجموعات التي تحتوى اهتماماتك، ويمكنك البحث عن زملاء الدراسة أو البحث عن أصدقاء جدد، وكذلك نشر القصص والصور وأخبار الفن والرياضة والموضة بمنتهى السرعة. ولكن، لا أحد يستخدمه في السياسة أو الدعاية السياسية أو الحشد السياسي، فدعونا نجرّب هذا الموقع اللطيف، دعونا نستكشف هذا الفيسبوك في التحريض السياسي.
وكانت المفاجأة، فبعد أيام قليلة، تضاعف عدد أعضاء "الغروب" (المجموعة) الداعي إلى
إضراب عام يوم 6 إبريل/ نيسان 2008، للاعتراض على غلاء الأسعار والفساد والاستبداد، حتى وصل إلى أكثر من 75 ألف عضو نشط مقتنع بالفكرة، ومستعد لنشر الفكرة أكثر وأكثر في العالم الواقعي، وسط أصدقائه وأقاربه وزملاء العمل، وكان يوم 6 إبريل عام 2008 حدثا كبيرا في مصر.
وتكونت حركة 6 إبريل من معظم الشباب الذي دعا إلى ذلك الإضراب العام، ثم من الشباب الطامح في الحرية والديمقراطية والكرامة، ولم تكتف الحركة بتنظيم صفوفها وجذب العضوية من على الإنترنت والعالم الافتراضى فقط، بل انتشرت كذلك في الأوساط الشبابية والطلابية على أرض الواقع، وكلما زاد الانتشار زاد القمع من السلطة، وتوالت الأحداث والإنجازات والإخفاقات والملاحقات والقمع والسجن والتعذيب، وكلما زاد القمع من الأجهزة الأمنية حدث ما يشبه الفلترة والتنقية في الصفوف، فيخرج بعضهم ممن يخشون التبعات، لينضم من هم أشد عزيمة وإصرارا. إلى أن كانت حادثة مقتل الشاب خالد سعيد على يد أفراد من الشرطة المصرية في الإسكندرية، وهو الحادث الذي مثّل، مع محطات أخرى، مثل إضراب 6 إبريل 2008 وإنشاء الحركة ثم عودة محمد البرادعي إلى مصر والحراك الكبير الذي أحدثه في مصر والتفاف الشباب حوله، كل تلك المحطات المتراكمة كانت نقاطا فارقة في الطريق إلى ثورة 25 يناير 2011.
وبعد الثورة، دخلت الحركة منعطفات عديدة حادة. وبقدر ما كان المجال العام مفتوحا نسبيا بعد تنحّي الرئيس حسني مبارك عن الحكم كانت الاختيارات صعبة، وبقدر ما كانت الأوضاع متقلبةً سريعة التقلب، تولى المجلس العسكري السلطة بعد مبارك، وهو المجلس الذي كان مبارك قد عينه من قبل، ثم تفرق شركاء الميدان قبل الانتخابات البرلمانية، وبدلا من أن تكون الثورة ضد النظام السابق أصبحت الثورة تتنافس وتتصارع مبكرا في الانتخابات والإعلام. وفضّلت حركة 6 إبريل أن تلعب دور جماعة الضغط، من أجل تحقيق أهداف الثورة خارج الإطار السياسي الرسمي، فلم تكن جزءا من العملية الانتخابية والصراع المبكر على السلطة التشريعية في أواخر عام 2011. وبسبب هذا الدور، وبسبب انتقادها الأوضاع والمسار بعد تنحي مبارك، فتحت عليها نيران المجلس العسكري، والتيار الإسلامي المتحالف معه أيضا، وأصبحت تحت هجوم الجميع وتخوينهم.
وعلى الرغم من ذلك، كان للحركة خيار مفاجئ للجميع، وهو "عصر الليمون" والدعوة إلى
انتخاب مرشح جماعة الإخوان المسلمين في مواجهة مرشح النظام القديم في الانتخابات الرئاسية عام 2012، وهو الاختيار الذي فتح جبهات جديدة ضد الحركة، بعضها من داخل المعسكر الثوري الليبرالي اليساري. إلى أن كان ما كان في 30 يونيو/ حزيران 2013 وانقلبت الأحوال، فبسبب موقف حركة 6 إبريل الرافض للإقصاء والقمع وانتهاك حقوق الإنسان وعودة السلطوية بأبشع صورها، وبسبب موقفها الداعي إلى أن تكون مصر وطنا للجميع، بمن فيهم الإسلاميون وكل من يدعون إلى فكره سلمياً، تم حظر حركة 6 إبريل في النصف الأول منذ ثلاث سنوات، وتمت مطاردة أعضائها وقياداتها وكوادرها الذين أصبحوا بين مسجون أو مطارد أو في المنفى، وسط مناخ عام وتحريض إعلامي رسمي، يعتبر تواريخ مثل 6 إبريل 2011 أو 25 يناير 2013 تواريخ للفوضى والتمرّد والخروج على النظام. وعلى الرغم من ذلك، لا يزال شباب 6 إبريل على عهدهم بالتمسّك بمبادئ ثورة 25 يناير، ومساندة القيم التي تدعو إلى التسامح والتعايش ومساندة العدل والحرية والكرامة.
وعلى الرغم من الخطاب المصري الرسمي من وسائل الإعلام الرسمية والموالية للسلطة، والذي يحض على الكراهية والإقصاء، وتخوين كل من يعترض أو لديه رأي مختلف. وعلى الرغم من خطاب المؤامرات وأساطير المؤامرات الغربية على مصر وخزعبلاتها، وعلى الرغم من كل الإحباط الذي ينتشر انتشار النار في الهشيم، لا يزال هناك من يتمسّك بقيم ثورة يناير التي تدعو إلى العدل والحرية والتسامح والتعايش وعدم الإقصاء. والأهم أنهم يحاولون مقاومة اليأس والإحباط، وهذان من أهم أسلحة السلطة، وهما أخطر الأعداء.
مرت تسعة أعوام بسرعة البرق على تأسيس أول وأكبر حركة شبابية في مصر، تلك المجموعة التي وضعت نفسها أمام مرمى النيران والبطش والتنكيل منذ اليوم الأول لنشأتها، حركة شباب السادس من إبريل التي كان لها الدور الرئيسي في ضم قطاعات شبابية جديدة لمعركة التغيير، وتحفيز الشباب على الإيجابية، ورفض الظلم والفساد والاستبداد طوال السنوات السابقة لثورة 25 يناير، وهي كذلك الحركة التي كان لها الدور الرئيسي في إطلاق شرارة الخروج والانتفاضة ضد الظلم والفساد والاستبداد في 25 يناير عام 2011.
كانت البداية عام 2008، مع دعوة عمال مصنع الغزل والنسيج في مدينة المحلة الكبرى إلى الإضراب داخل المصنع، للمطالبة بزيادة الأجور والبدلات، فتلقفنا الفكرة وقلنا لنجرب، فلتكن دعوة إلى الإضراب العام في كل مصر، فالكل يعاني من الفساد والاستبداد وغلاء الأسعار.
كان هناك موقع إلكتروني اجتماعي لطيف وجديد وقتها يطلق عليه فيسبوك، بدأ ينتشر في الأوساط الشبابية المصرية قبل أشهر، وفيه يمكنك نشر صورك الشخصية، ويمكنك تتبع المجموعات التي تحتوى اهتماماتك، ويمكنك البحث عن زملاء الدراسة أو البحث عن أصدقاء جدد، وكذلك نشر القصص والصور وأخبار الفن والرياضة والموضة بمنتهى السرعة. ولكن، لا أحد يستخدمه في السياسة أو الدعاية السياسية أو الحشد السياسي، فدعونا نجرّب هذا الموقع اللطيف، دعونا نستكشف هذا الفيسبوك في التحريض السياسي.
وكانت المفاجأة، فبعد أيام قليلة، تضاعف عدد أعضاء "الغروب" (المجموعة) الداعي إلى
وتكونت حركة 6 إبريل من معظم الشباب الذي دعا إلى ذلك الإضراب العام، ثم من الشباب الطامح في الحرية والديمقراطية والكرامة، ولم تكتف الحركة بتنظيم صفوفها وجذب العضوية من على الإنترنت والعالم الافتراضى فقط، بل انتشرت كذلك في الأوساط الشبابية والطلابية على أرض الواقع، وكلما زاد الانتشار زاد القمع من السلطة، وتوالت الأحداث والإنجازات والإخفاقات والملاحقات والقمع والسجن والتعذيب، وكلما زاد القمع من الأجهزة الأمنية حدث ما يشبه الفلترة والتنقية في الصفوف، فيخرج بعضهم ممن يخشون التبعات، لينضم من هم أشد عزيمة وإصرارا. إلى أن كانت حادثة مقتل الشاب خالد سعيد على يد أفراد من الشرطة المصرية في الإسكندرية، وهو الحادث الذي مثّل، مع محطات أخرى، مثل إضراب 6 إبريل 2008 وإنشاء الحركة ثم عودة محمد البرادعي إلى مصر والحراك الكبير الذي أحدثه في مصر والتفاف الشباب حوله، كل تلك المحطات المتراكمة كانت نقاطا فارقة في الطريق إلى ثورة 25 يناير 2011.
وبعد الثورة، دخلت الحركة منعطفات عديدة حادة. وبقدر ما كان المجال العام مفتوحا نسبيا بعد تنحّي الرئيس حسني مبارك عن الحكم كانت الاختيارات صعبة، وبقدر ما كانت الأوضاع متقلبةً سريعة التقلب، تولى المجلس العسكري السلطة بعد مبارك، وهو المجلس الذي كان مبارك قد عينه من قبل، ثم تفرق شركاء الميدان قبل الانتخابات البرلمانية، وبدلا من أن تكون الثورة ضد النظام السابق أصبحت الثورة تتنافس وتتصارع مبكرا في الانتخابات والإعلام. وفضّلت حركة 6 إبريل أن تلعب دور جماعة الضغط، من أجل تحقيق أهداف الثورة خارج الإطار السياسي الرسمي، فلم تكن جزءا من العملية الانتخابية والصراع المبكر على السلطة التشريعية في أواخر عام 2011. وبسبب هذا الدور، وبسبب انتقادها الأوضاع والمسار بعد تنحي مبارك، فتحت عليها نيران المجلس العسكري، والتيار الإسلامي المتحالف معه أيضا، وأصبحت تحت هجوم الجميع وتخوينهم.
وعلى الرغم من ذلك، كان للحركة خيار مفاجئ للجميع، وهو "عصر الليمون" والدعوة إلى
وعلى الرغم من الخطاب المصري الرسمي من وسائل الإعلام الرسمية والموالية للسلطة، والذي يحض على الكراهية والإقصاء، وتخوين كل من يعترض أو لديه رأي مختلف. وعلى الرغم من خطاب المؤامرات وأساطير المؤامرات الغربية على مصر وخزعبلاتها، وعلى الرغم من كل الإحباط الذي ينتشر انتشار النار في الهشيم، لا يزال هناك من يتمسّك بقيم ثورة يناير التي تدعو إلى العدل والحرية والتسامح والتعايش وعدم الإقصاء. والأهم أنهم يحاولون مقاومة اليأس والإحباط، وهذان من أهم أسلحة السلطة، وهما أخطر الأعداء.