على الرغم من مرور ثلاثة أشهر على تشكيل الحكومة العراقية برئاسة مصطفى الكاظمي التي نالت الثقة في السابع من مايو/ أيار الماضي، إلا أن الجدل السياسي والقانوني بشأن عدد من القضايا التي طالب بها الحراك الاحتجاجي الذي انطلق قبل أكثر من 10 أشهر لا يزال مستمراً، وأبرزها محاسبة المتورطين بقتل أكثر من 700 متظاهر وإصابة آلاف آخرين، وإكمال قانون الانتخابات الذي يُعدّ شرطاً أساسياً لإجراء الانتخابات المبكرة التي حدّد الكاظمي موعدها في يونيو/ حزيران 2021.
ومنذ استلامه السلطة، أطلق رئيس الوزراء العراقي وعوداً متكررةً بشأن مضي حكومته بالكشف عن المتورطين بعمليات قتل واختطاف واعتداء ضد المحتجين، آخرها تصريحه نهاية الشهر الماضي الذي قال فيه: "نحن ماضون إلى فتح التحقيق بكل المتورطين بالدم العراقي".
إلا أن وعود الكاظمي المتكرّرة لم تمنع محتجين في محافظات جنوبية من التظاهر خلال الأيام الماضية للمطالبة بمحاسبة قتلة المتظاهرين في زمن حكومة عادل عبد المهدي السابقة، والتي استخدمت مختلف الوسائل لقمع الاحتجاجات.
وأكد ناشطون في تظاهرات ساحة الحبوبي في مدينة الناصرية (مركز محافظة ذي قار) لـ "العربي الجديد"، أن حكومة الكاظمي أطلقت الكثير من الوعود، إلا أنها لم تفِ بها، وفي مقدمتها محاسبة قتلة المتظاهرين التي لا تتطلب الكثير من الوقت، خصوصاً ضد أولئك الذين سبق أن صدرت بحقهم أوامر قبض، مثل مسؤول خلية الأزمة والمسؤول عن تحركات الجيش خلال فترة التظاهرات جميل الشمري الذي صدرت بحقه أكثر من مذكرة قبض لاتهامه بإصدار أوامر بإطلاق الرصاص الحي ضد المتظاهرين، والذي تسبب بمقتل وإصابة العشرات في الناصرية ومدن أخرى في ذي قار.
كما قال أحمد الجزائري، وهو من ناشطي محافظة النجف لـ "العربي الجديد"، إن الحكومة الحالية تتجنب الحديث عن المجازر التي ارتُكبت بحق متظاهري المحافظة على يد قوات الأمن والمليشيات في عهد حكومة عادل عبد المهدي، موضحاً أن هذا الملف يُعدّ أولوية بالنسبة للحراك الشعبي الذي يمكن أن يعود في أي لحظة إذا شعر أن الحكومة لا تريد أن تحقق مصالح الشعب.
واستذكر عراقيون اليوم الجمعة، مرور شهر على مقتل الخبير الأمني هشام الهاشمي على يد مسلحين مجهولين، منتقدين تسويف الحكومة لقضية مقتله التي قالوا إن مصيرها سيكون مشابهاً لقضايا أشخاص قُتلوا أثناء التظاهرات التي مرت عدة أشهر ولم تكشف ملابساتها.
ثلاثون يوم يعني شهر واحد ممكن تصير حالها حال اغتيال احمد عبد الصمد وصفاء غالي .( ٦ )اشهر على عملية اغتيالة والقاتل مجهول...على هذا الشعب النائم سوف ينسا ذكرهم #هشام_الهاشمي pic.twitter.com/uDlziEOAaZ
— خوش ولد (@mali199971) August 7, 2020
ايـن هـم قتـله الثـوار إيـن هم قتـله الاعلامييـن
— 𖤍مـَٰيـَْم𖤍 (@3njor_) August 7, 2020
إيـن جميـل الشمـري؟
إيـن عبـد الكـريم خلـف؟
إيـن الخـال؟
إيـن رشيد فلـيح؟
إيـن إحمـد زويـني؟
يـا اولاد (الطلاقـاء)
قـالها الإمام علي (المـوت لـنا عادة وكرامتنـا من اللـه الشهـاده) #هشام_الهاشمي#السيستاني_يوجه_باغاثه_لبنان
وأشار أسعد الناصري، وهو من رجال الدين الداعمين للتظاهرات، في تغريدة عبر "موقع "تويتر"، إلى أن "الهدف الأهم بعد الدماء التي نزفت من الثوار هو محاكمة قتلة المتظاهرين، وإلا فليس من الإنصاف السماح لهم بخوض الانتخابات، حالهم حال الوطنيين وضحايا ظلمهم، كما أن محاكمتهم تثبت مصداقية الحكومة بشكل كبير".
وتأتي المطالبات بمحاسبة قتلة المتظاهرين متزامنة مع الجدل بشأن جدول الدوائر الانتخابية المرتبط بقانون الانتخابات.
وأكد عضو باللجنة القانونية في البرلمان أن خلافاً عميقاً يجري داخل اللجنة بشأن توزيع الدوائر الانتخابية، مستبعداً في حديث لـ "العربي الجديد" حصول اتفاق خلال الأيام القليلة المقبلة. وأشار إلى وجود أن بعض ممثلي الكتل السياسية في اللجنة القانونية يتقصدون التعطيل، من خلال طرح مقترحات لا يمكن القبول بها من قبل الجماهير، مثل الابقاء على كل محافظة دائرة انتخابية، أو تحويل العراق بأجمعه إلى دائرة انتخابية واحدة.
وفي السياق، قال مقرر اللجنة القانونية في البرلمان يحيى المحمدي إن اللجنة بانتظار رأي وقرار الكتل السياسية بشأن الصياغة النهائية لتسمية الدوائر الانتخابية، مبيناً في تصريح صحافي أن تقسيم الدوائر في 4 محافظات، هي بغداد وكركوك ونينوى وديالى يحتاج إلى مزيد من النقاش.