جمال محمد إبراهيم

لعلّ تراجع الاختلافات بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري، في ما يتّصل بعموميات السياسات الداخلية والخارجية، قد أدّى إلى اهتمام ملحوظ بأهمية القدرات الشخصية.

للمراقب أن يسأل لِمَ لم يتقدّم السودان بشكواه ضد مصر في 1985 إلى الأمانة العامّة لجامعة الدول العربية، ولجأ مباشرة إلى الأمم المتحدة؟

لم تعرف حرب السودان نهاية بعد، وعجز مقاتلوها المُرهقون عن إيقاف دمار بلادهم، كما أعجز التصعيد كلَّ الوسطاء عن إحداث أي اختراق يوقف تلك الحرب.

من تابع المناظرة بين المرشّحين لانتخابات الرئاسة الأميركية هاريس وترامب من أولها إلى منتهاها لن يجد ســؤالا واحــدا من منظّميها عن الحرب الدائرة في السودان!

لا الجيش قادرٌ على السيطرة على أوضاع البلاد، ولا المليشيات ملكتْ قدرات تعينها على إدارة دولة مثل السّـودان، حتّى إن تمكّنتْ من السيطرة على كل الولايات.

نعرض هنا لأمور يتعلّق أولها بمسار الحرب بالسّودان، والظروف المحيطة بها. ويتّصل ثانيها بما آلت إليه أوضاع المجتمع الدولي إزاء ما عرض له من تحدّيات ومن اختبارات.

حربٌ اختلط حابلها بنابلها وهو قتال سوداني - سوداني، ظاهره صراعٌ حول كراسي الحكم، تتصاعد وتيرتُه تنافساً في السيطرة على حكم السودان.

تُخلّف الحروب دوما مآسٍ واضحةَ المعالم، وليس للفضائيات أن تنتقي في تغطياتها الإعلامية بين حرب وحرب، ولا بين صراع وصراع.

تعيش الدبلوماسية السودانية تراجعا في الأداء، يعكسه صوت ممثل السودان في الأمم المتحدة، الذي يصـارع بأسـلوب انفعـالـي يضـرّ بمنطق شكواه أكثر ممّـا ينفعها.

حملت حرب السودان وجوهاً من حرب روســيا ومن حرب إسرائيل ضد غزّة، فكلتا الحربين تدوران حول وجهين رئيسين: الهوية والانتماء، فحملت حرب السودان الكثير منهما.