شيع الفلسطينيون شهداءهم جنباً إلى جنب مع الشهداء السوريين.ستون شاباً خرجوا للدفاع عن درعا البلد، من بينهم ثلاثون فلسطينياً. واجهوا ثلاث فرق عسكرية سبعة أيام ولم يدخل الجيش حتّى نفذت ذخيرتهم واستشهد معظمهم. تحوّلت كلّ المدن المدمرة إلى مخيمٍ كبيرٍ.
لا أحد يعرفُ أين ومتى بدأت! كانت محتدمةً في الأزقة والحواري. وكانت الدماء الزنخة تجري تحت الأقدام. لم نكن مرئيين للبيوت الزجاجية التي ارتفعت كما ترتفعُ القصص على أبطالها المجهولين، حين يحترفُ القاص نثرَ الدهشة على الجفون.
قططٌ مرعوبة تكفلت الطرقات برسم البثور والحبوب على وجوهنا، لنبدو كأنّنا خارجين للتو من فرنٍ "قُمّر" فيه نصف الوجه وتُرك النصف الآخر طرياً مُمتلئاً بالفقاقيع.
"الأجسام في المرآة لا تبدو كما في الواقع". تتضخم صورتي في مخيلة مرتبكة عند بداية الصحو، وأجدني - كما في كل مرة أستيقظ فيها - "هامتي دامتي" متأرجحاً على جدار بين الواقع والخيال.
استطعنا بأعجوبة دخول الجامعة، وكانت لنا فلسفتنا في الحياة، ولم نكن نحب "المثقفين والثقافة"، كان يكفي أن نلتقي أحد المهتمين بالمسرح القومي أو سينما تاركوفسكي حتى نمطره سخرية، واكتشفنا فلسفة كازنتزاكيس قبل قراءة زوربا.