ارتمى حسين بجانب أمه وهو ينتحب من البكاء، فقد خسر في أسبوع واحد صديق الطفولة، وحبه الأول، وأصبح يهذي لنفسه: كندا.. كندا.. كيف سوف أذهب إلى إلينا في كندا، وما هو ثمن تذكرة الطائرة؟
في الصباح التالي انتظر حسين إلينا وهو حذر متيقظ وكله آذان لكي يسمعها وهي تغادر شقتها. وفجأة سمع خطواتها تهبط الدرجات في منتهى السرعة، وكأنها تطير، وتلاقت عيناهما بسرعة خاطفة..
وقف حسين أمام باب العمارة في انتظار زملائه لكي يركب معهم "الترام" إلى مدرسة العباسية الثانوية في محرم بك، وكان يعرف أنه لن يظهر منهم أحد قبل نصف ساعة، وفجأة سمع الخواجة زخاري يتحدث إليه: "نهارك سعيد حسين"..
سارت إلينا وحسين عائدين إلى منزلهما وهما في منتهى الفرح والنشوة، بعد مشاهدتهما لهذا الفيلم الغرامي وسماعهما أغاني عبد الحليم حافظ الغرامية، كانت الشوارع شبه خالية، فاليوم هو الأحد، عطلة إلينا من المدرسة.
كانت إيلينا اليونانية في منتهى الجمال والأناقة بفستانها الأبيض والكحلي، الذي يشبه ملابس البحارة. كسا وجهَها المرمري الجميل احمرارٌ طفيف، وكانت عيناها العسليتان الساحرتان تقولان أشياء كثيرة خجولة.