يدرك بشّار الأسد أنّ المنطقة على حافَة تغيير كبير في ميزان القوى، وأن نتائج المعركة ضد لبنان وغزة ستعيد تقييم نظامه، حتى مع سياسة النأي بالنفس التي ينتهجها.
يشير الجدل المحموم اليوم حول التصعيد المُلتهِب بين حزب الله وإسرائيل بوضوح إلى رغبةٍ جليّة في اجتثاث الذراع الإيرانية في لبنان، قد تدفع المنطقة نحو حرب مفتوحة.
ارتفع تهريج الأسد إلى مستوى السياسة الجادّة في زمنٍ سوريٍّ حَرِجٍ، فكان لسردياته الاجترارية أُحْجِيَات فَطِنة واستعارات غير متوقّعة ترصد خريفه المُتهالك.
لا شيء يوحي أنّ البركان السوري الملتهب منذ ستينيّات القرن الماضي يتّجه نحو الخمود، خاصّة بعد نزع السياسة من المجتمع بواسطة العسكر، في معادلةٍ صفريةٍ عجيبة
الواقع الحالي يتطلب إبقاء بشّار الأسد في الحكم بغية إغراقه في دائرةٍ من التسويات الإلزامية التي تقلّص دوره، وتحوّله إلى مترجم تنفيذي لنصوص القوى المؤثرة.
ضغوط قاهرة تضع الأسد على "المحكّ السياسي"، وتضيّق أنفاسه وهوامشه، خصوصا بعد إدراج اسمه على لوائح المطلوبين للمحكمة الجنائية بتهمة استخدام المواد الكيميائية.
يعيش بشار الأسد حالة من العزلة والرعب في مناخٍ سياسي يعاني من الانهيارات التي مهدت لتآكل هيكلي تتسع دوائره، مع محاولات لتوطيد سلطته وسط توقعات باستحالة ذلك.
يعرف بشار الأسد المخاطر المحدِقة بنظامه، ويدرك أنّ الحاجة إليه، إسرائيلياً وأميركياً، قد ضعفت، وأنه أهدر كلّ الفرص التي قُدمت له للتغيير والإصلاح الحقيقيين.