الإعلان عن نيّة روسيا إنشاء قاعدة بحرية دائمة قبالة مدينة طرطوس، هو الدليل الأنصع على نيات روسيا احتلال سورية بعد تدخلها العسكري، بحجّة إيجاد جو من أجل التوّصل الى حلّ سياسي.
لم يكن للتدخل الروسي أي تأثير على المناطق الخاضعة لسيطرة تنظيم داعش الإرهابي، بل كانت متركزة على مناطق إستراتيجية، خاضعة لسيطرة كتائب المعارضة، والتي كان النظام يستميت لاستعادتها من أجل تحقيق حلم الدويلة الطائفية التي يسعى لها.
ذهاب وفد من النظام للمشاركة في محادثات السلام من دون تنفيذ مطالب المعارضة السورية، يبيّن نية النظام، ومن خلفه الروس، على توظيف هذه المحادثات، من أجل تشتيت المعارضة المسلحة، وكسب مزيد من الوقت، لمحاولة الحسم العسكري على الأرض.
السكوت الدولي عن الممارسات التي يقوم بها النظام السوري وحزب الله في كل مكان من سورية، وليس في مضايا فقط، بمثابة ضوء أخضر لقتل مزيد من الأبرياء في سورية، وتدفع لظهور مزيد من الحركات المتطرفة فيها.
النهج الذي تنتهجه روسيا في قتل السوريين جعلها على عداء مع الدول المجاورة لسورية بسبب قصف مناطق ذات حساسية بالنسبة لبعض الدول، وهذا ظهر جلياً في التحذيرات التركية الأقرب إلى التهديد المتكررة لروسيا بعد قيامها بقصف مناطق تابعة للتركمان.
الحديث الآن عن جهود دولية لمحاربة تنظيم "داعش" الإرهابي لن يكون كافياً دون الأخذ بعين الإعتبار الإرهاب الذي يمارس من قبل النظام السوري والميليشيات الطائفية المساندة له، التي ساهمت بشكل كبير في إنشاء أغلب المجموعات المتطرفة في المنطقة.
يبدو أن الأزمة السورية ستشهد تعقيدات كثيرة جديدة، نضيف إلى ما ذكرناه أعلاه التصريحات التي أدلى بها أردوغان: "حلفاؤنا يقتربون من فكرة إقامة منطقة آمنة شمال سورية".
ستعمل روسيا على تحويل القضية إلى مسألة أمن قومي كما فعلت الولايات المتحدة الأمريكية بعد أحداث 11 سبتمبر الشهيرة، في محاولة منها لإظهار نفسها في موقع استهداف من قبل داعش، لتبرير تواجدها اللاشرعي بسورية.
كثر الحديث في الأيام الماضية عن لقاءات تعقد بين مسؤولين روس رفيعي المستوى وشخصيات من المعارضة السورية السياسية والعسكرية، ما يعني أن روسيا بدأت السير على الطريق الصحيح للخروج من المستنقع، محاولةً العمل على إرضاء المعارضة وتحسين صورتها العدائية.