إليها في يومها العالمي
إلى من يذرفن الدمع، صادقاً ونبيلاً من دون انكسار، على أكثر من 60 ألف مواطن في سجون السيسي. وراء كل منهم أم وزوجة وأخت وابنة، إلى أكثر من 60 ألف صابرة وصامدة في مصر، ننحني لكن احتراماً وخجلاً في اليوم العالمي للمرأة.
هل سمعت عن واحدة منهن تقدمت بطلب استرحام أو استعطاف ممن لا يملكون رحمة، ولا يعرفون غير التوحش والبربرية، لكي يعفوا عن ذويهن الأسرى في أقبية التعذيب؟!
هؤلاء الرائعات النبيلات اللاتي تغتسل الأرض بوقع خطواتهن، ذهاباً وإياباً، من قاعات المحاكم ومراكز الاعتقال وزنازين السجن، يضربن المثل الأعلى في الجسارة والصمود والشموخ، بمواجهة ذئاب سادية، جائعة طوال الوقت للدم الحرام والمال الحرام.
هؤلاء يشكلن وثيقة إدانة للزمان الوغد، الذي وضعهن تحت طائلة أوغاد يمارسون كافة أشكال الابتزاز والقرصنة، يبيعون لحظات مصافحة عابرة، أو نظرة من بعيد، لأسراهن في السجون البعيدة.
****
إلى المرأة التي عضّها الفقر، ونهشها الجهل، وافترسها الخوف، فذهبت ترقص في الشارع، بحركات مفزوعة، تحت الرايات الغريبة، وتهتف ضد مصرية الأرض.
تلك المغلوبة على أمرها، فصدّقت ذلك النائب، الإعلامي "مقاول الوطنية المقززة" الذي غزاها بالمال والترهيب، فخرجت ترقص وتهتف وتسبّ أحياناً، علّها تعود في آخر النهار بما يسد رمق جائعين ينتظرونها في منزل يعافر كي لا تُسقطه رطوبة تنهش جدرانه، أو ما يسكت نداء الرأس المتعطش لجرعة "كيف"، أو اتقاء لشر أحد "البكوات" الذي سيعيدها إلى ظلام الزنزانة، إن عصت الأوامر.
إلى هذه البائسة: سيأتي زمان يحترم إنسانيتك، ويرحم فقرك ومرضك وجهلك.
وإلى الذين لا يكفّون سياطهم عن الراقصات، كالذبائح، قهراً وقلة حيلة: كفّوا سخريتكم عن تلك النسوة البائسات اللاتي أتى بهن ذلك "القومجي المحترف" لكي يهتفن ويرقصن بأجر من أجل الجنرال، واعتبار ذلك مناسبة قومية بهيجة.
****
إلى روح تلك العجوز الألمانية التي أسدلت ثوباً قشيباً من الرحمة والإنسانية النقية، على ذلك الشاب السوري المهاجر، ثم رحلت عن هذا العالم الغاشم، تاركة كل ثروتها، ومعها وثيقة إقامة دائمة، للفتى الذي كان يزرع حديقة بيتها بالزهور والفاكهة، كما نسج قصتها الزميل أحمد عمر. إلى هذه المرأة: ندعو الله أن يبني لك بيتاً في الجنة.
****
إلى أمهاتنا وأخواتنا وبناتنا في فلسطين الحبيبة: قلوبكن هي المكان الآمن الأمين على خرائط الوطن.. تخبّئن المستقبل في جيوبكن، وأرحامكن أقوى من ترسانة الأعداء النووية.
سلام على أجمل الأمهات، وأروع الأخوات، وأنبل البنات اللاتي يزرعن باحات الأقصى باليقين في التحرير، ويغرسن على شاطئ غزة شتلات المقاومة، ويغزلن من الألم حطة تجمل حاضرنا وتدفئ غدنا.
***
إلى ميشال أوباما: دفاعك عن الإسلام والمسلمين في وجه ذلك الذي قفز من خرائب عصور الظلام، هو درس في كيف تكون إنساناً في زمن الضباع.
***
إلى أمي في قبرها: لا زلت أعيش على حصاد حقول محبتك الممتدة بطول هذه الدنيا وعرضها.