إننا جزء من المعركة... ولن نسمح بنكبة جديدة
في ذلك الفجر، بدأت تتوارد الأخبار من فلسطين، تغريدات ومنشورات على وسائل التواصل الاجتماعي. صور وفيديوهات لمقاومين فلسطينيين داخل المستوطنات الإسرائيلية. كتبت تغريدة في حينها هل هذه حقيقة!
لم نتخيّل يوماً أن نشاهد المقاومين الفلسطينيين وهم يحكمون قبضتهم على مواقع عسكرية ومستوطنات داخل الأراضي المُحتلة، فوجئ جيش الاحتلال والمؤسسات الأمنية داخل إسرائيل بالعملية، ساعات وبدأ الرد على الشعب الفلسطيني، فُتحت النار على أهل غزة، عمليات قتل ممنهجة، مجازر يتعمّد الاحتلال الإسرائيلي ارتكابها، فضلاً عن عمليات التهجير وهنا بيت القصيد!
إذا ما راجعنا السياسات الصهيونية منذ نشأة الكيان نجد أنه لا يتوانى في انتهاز كل فرصة ليتمكّن من تحقيق مخططاته وأهدافه الإستراتيجية، وهذا ما يقوم به اليوم في عداونه المُستمر على قطاع غزة، وعلينا قراءة المشهد بشكل أوسع نظراً لخطورته وحساسية الموقف، حتى لا نسمح بتكرار نكبة 1948.
بالعودة إلى مخطط الاحتلال الإسرائيلي، تلقّت إسرائيل الصدمة، قامت بخطة طوارئ وبدأت بنسج الروايات المُزيّفة لكسب تأييد دولي وشعبي ضمن مختلف دول العالم، على أن شعبها قد قُتل وذُبح وخطف وما إلى ذلك من سرديات يعمل على نشرها في ظل تعاون وتماهي من كبرى المؤسسات الإعلامية الغربية. تجاوز العدوان الرد على عملية طوفان الأقصى الذي يفترض أن تكون عمليات وضربات للبنية العسكرية لحماس حسب المتعارف عليه بالميزان العسكري، ولكن أين استهدفت حماس؟ في المدارس؟ أم المستشفيات؟ أم المخابز والأبراج السكنية وغيرها؟
تلقّت إسرائيل الصدمة، قامت بخطة طوارئ وبدأت بنسج الروايات المُزيّفة لكسب تأييد دولي وشعبي ضمن مختلف دول العالم
إذاً نحن لسنا أمام رد عسكري على فصيل مقاومة قام بعملية ثأرية نتيجة اعتداءات وانتهاكات لسنوات طويلة، نحن أمام مُخطط مُعد سابقاً وبدعم دولي غربي وهذا ما يعكس الزيارات الأخيرة للأراضي المُحتلة من الرئيس الأميركي إلى رئيس الوزراء البريطاني وغيرهما.
وما يحدث في الميدان من تهجير لأهل قطاع غزة وترهيبهم بالمجازر وبأنّ لا خطوط حمراء لدى جيش الاحتلال الإٍسرائيلي ليس إلا رسالة واضحة لأهل غزة... اتركوا القطاع!
سيناريو تهجيري ونكبة جديدة للشعب الفلسطيني، علينا جمعياً أن نعي ما يجري، ليست حربًا حمساوية إسرائيلية ولا فلسطينية إسرائيلية، وإنما عدوان ونكبة جديدة ومسعى لتصفية القضية الفلسطينية، واستكمال القضاء على حلم الحرية والعودة والاستقلال الوطني. كذلك هي حرب لرسم خريطة المنطقة الجديدة في سياق رسم خريطة العالم الجديد، نحن نمر بمرحلة انتقالية، يدور فيها صراع وتنافس شديد على شكل ومضمون العالم الجديد الذي لم يولد بعد.
ما يجهله الاحتلال الإسرائيلي اليوم هو أنّ العدوان على غزة أعاد القضية الفلسطينية إلى الصدارة، ، وأضعف إسرائيل وأسقط نظرية الردع ومخططها للقيام بدور المهيمن في المنطقة. اشتعلت الشوارع والساحات العربية بالشباب الغاضبين الصادقين بانتمائهم لفلسطين، طوفان عربي يدعم طوفان الأقصى الفلسطيني بما استطاعوا إليه سبيلا، وعي بما يخطط له الاحتلال الإسرائيلي، كل هذه العوامل لم تأتِ في ذهن الإسرائيلي الذي ظن بأن القضية طُمست نتيجة بعض الأصوات العربية المُطبّعة.
المعركة اليوم، هي معركتنا كإعلاميين وناشطين يجب أن ترقى هذه الساحة إلى مستوى القضية بكل أبعادها ومسؤولياتها ولا يمكن الوصول إلى أهدافنا المرجوة إلاّ بالتحام العمل الجماهيري والإعلامي لكي يوازي عملنا كل التحديّات المُضادة، ينبغي أن نتخذ إطاراً فكرياً بخصوص القضية الفلسطينية وتحديد استراتيجية لإعادة رسم الصورة التي عملت الصهيونية على تصويرها والترويج لها، ابتداءً من من ظهور الحركة الصهيونية ومروراً بقيام دولة الاحتلال الإسرائيلي وانتهاءً بالجرائم التي يقترفها الإسرائيلون كل يوم، استناداً إلى الحقائق وتوثيق جرائم الاحتلال بعيداً عن الخطابات الارتجالية والعاطفية فقط.
أما عن فلسطين... فيا لهذا الشعب العظيم! الذي يعاني ويتحمّل ويقاوم، يا لهذا الشعب العظيم الذي لم ولن يترك أرضه، يعانق أرضه وتمتزج دماؤه بترابها ولا يتركها، هذا الشعب لن يسمح بنكبة جديدة، على قدر آلام الشعب الفلسطيني عموماً وأهل غزة خصوصاً يجب أن تكون الداوفع والزخم لنا نحن العرب لنقف يداً واحدة وصوتا واحدا لمنع حصول نكبه جديدة، الشعب الفلسطيني لن يُهجّر ثانية... الشعب الفلسطيني سيعود إلى أرضه، إلى فلسطين كل فلسطين.