الجامعات الأميركية... جيل جديد من النضال لأجل فلسطين
تُواصل الجامعات الأميركية استقبال موجاتٍ من الاحتجاجات التي تعكس وعياً متزايداً بين الشباب بالقضية الفلسطينية، ويقودُ هذه الاحتجاجات طلّابٌ وناشطون يدعمون القضية الفلسطينية ويرفضون حرب الإبادة الإسرائيلية المستمرة بحقِّ الشعبِ الفلسطيني. وعلى الرغم مما يُواجهه هؤلاء الطلاب، وحتى الأكاديميون، من اعتقالاتٍ تعسفية، وانتهاكِ حقّهم في حرية الرأي والتعبير، إلا أنّهم لا يتراجعون عن نضالهم من أجل فلسطين والعدالة والإنسانية جمعاء.
ويطالب المتضامنون بنهجٍ سياسيٍ جديد تجاه الصراع الإسرائيلي- الفلسطيني، يركز على حقوق الإنسان وإنهاء الدعم غير المشروط لإسرائيل من قبل الحكومات الغربية، ويسعون إلى الضغطِ على إسرائيل لوقف انتهاكاتها ضدَّ الفلسطينيين، والامتثال لقرارات الأمم المتحدة، وإنهاء الاحتلال.
كما تُظهر اعتقالات الطلاب ومحاولات قمعِ الاحتجاجات أنّ السلطات الأميركية قد تكون لا تزال غير مستعدّة للتعامل مع التغيير الذي يُطالب به الجيل الجديد. ومع ذلك، فإنّ استمرار هذه الاعتقالات لن يؤدّي إلّا إلى تعزيزِ عزم الطلاب وتصميمهم على المضي قدماً في نضالهم، وتجعلهم أكثر إصراراً على التمسّك بمبادئهم، خاصةً في ظلِّ التضامن الدولي المتزايد مع القضيّة الفلسطينية.
ولعل اعتراف جامايكا بدولة فلسطين، وما تقوم به إسبانيا من محاولةِ حشدِ دعم دول الاتحاد الأوروبي للاعتراف بالدولة الفلسطينية، هما من تجليّات التحوّل في الرأي العام العالمي لمصلحة القضيّة الفلسطينية. ومع تزايدِ رقعة التضامن الدولي، تبرز أهمية الدعم العالمي للقضية الفلسطينية، الذي يمكن أن يؤدي إلى اتّساعِ نطاقِ الاعترافات الدولية بدولةِ فلسطين، وإلى تعزيزِ الضغط على إسرائيل لإنهاء احتلالها والالتزام بالقوانين الدولية.
يمكن أن تكون الاحتجاجات الحالية نقطة انطلاق لحركة أوسع نحو التغيير
ومع أنّ إسرائيل ماضية في حربِ الإبادة وسياساتها القمعية في غزّة، والضفة الغربية، والقدس، وكافة الأراضي الفلسطينية المستهدفة، فإنّ الضغط الدولي يمكن أن يُجبرها على إعادةِ النظر في نهجها. إنّ هذا الضغط يأتي من مجموعةٍ متنوّعةٍ من الجهات، بما في ذلك الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والحكومات والجامعات والمنظمات غير الحكومية.
إنّ ما يقوم به الطلاب في الجامعات الأميركية مؤشر على تحوّل في الوعي الدولي العام، ودعوة لإعادةِ التفكير في سياساتِ الحكومات التي تدعم الاحتلال والاعتداءات الإسرائيلية. فبينما يستمر هذا الحراك، نرى بوادر أمل في حدوثِ تغيير جذري في الخطاب السياسي داخل الولايات المتحدة وخارجها، فهؤلاء الطلاب يمثلون جيلاً جديداً، لديه وعي عالمي واهتمام بالقضايا الإنسانية يتجاوز حدودهم الوطنية.. جيل يؤكد أنّ القضية الفلسطينية ليست مسألة جغرافية، بل هي قضية أخلاقية وإنسانية.
كما تُظهر هذه الاحتجاجات أنّ الجامعات ليست مجرّد أماكن للتعليم، بل هي مراكز للنقاش والحوار الحر، ويمكن أنْ تكون الاحتجاجات الحالية نقطةَ انطلاقٍ لحركةٍ أوسع نحو التغيير. وفي ظلّ هذا المشهد، يتعيّن على المؤسسات التعليمية الأميركية أن تُعيد تقييم سياساتها تجاه حرية التعبير وحقوق الطلاب، فالجامعات التي تسعى إلى فرضِ قيود على الاحتجاجات، أو قمع الحركات الطلابية، تُخاطر بفقدانِ سمعتها كأماكن للتعلّم والانفتاح الفكري. وبدلاً من ذلك، يجب أن تُعتبر الجامعات منصّات للحوار الحر والبناء، حيث يمكن للطلاب أن يناقشوا القضايا العالمية ويعبّروا عن آرائهم دون خوفٍ من الانتقام أو الاعتقال.
ختاماً، يبقى الأمل معقوداً على التضامن الدولي، وعلى القوى الحرّة التي تُؤمن بعدالة القضية الفلسطينية، ويبدو أنّ الاحتجاجات الطلابية في الجامعات الأميركية ليست مجرّد موجة عابرة، بل هي مؤشر على تحوّل جذري في الوعي الاجتماعي والسياسي بين الأجيال الشابة، واستمرار هذا الحراك ودعمه يمكن أن يكونا نقطة انطلاق نحو مستقبلٍ أكثر عدالةً وإنسانية وإنصافاً للشعب الفلسطيني.