الذكاء... فياغرا للنساء
بعد الجنس مع الذكي تقدح عيناك نبوغاً، ويضيء جلدك؛ كأنّ نوراً تحت مسامك، وتتربع أعضاؤك على عرش "لوغوس الجنس".
تعوّدنا أن نصنّف من يضع نظارة ويهتّم بدراسته أنّه ذكي، ونصطلح عليه بتعبير "نورد"، ولكن ليس هذا المقصود، فبطل مقالنا ذلك الإنسان الذي يمثّل النرد؛ فكما ترميه يأتي رابحاً بأيّ شكل كان، هو ذلك الذي يعرف مفاصل الأمور ويركّبها كما يحلو له.
كلّ شيء يبدأ وينتهي بالدماغ، فالعقل هو الذي يحفّز الرغبة ويعزّز الانجذاب الجنسي. بمعنى آخر، لا توجد شهوة أو رغبة أو إشباع جنسي ما لم يتم تحفيز الدماغ على المستوى الفكري أولاً. فعلى سبيل المثال الفياغرا منشّط جنسي، ولكن الذكاء منشّط عقلي؛ فالعقل عضو من أعضاء الجسم بحاجة إلى الإثارة والدفع بما يفوق حدوده العرفيّة. وهذا ما يعرف بالانتصاب العقلي حتى وصوله إلى الأورغازم الإبداعي. العقل هو من يرسل إشارة إلى الأعضاء بالانتصاب والإثارة، ولكن كيف إذا كان العقل كاملاً، منتصباً؟ كيف ستكون حالة الجسد والأعضاء؟
فراستنا بالذكي يجب عليها أن تكون محدّدة؛ فوجهه يعلن انتصابه، ولا يعني ذلك أنه خلاعي، ولكن يعني أنّ وجهه يمسك أي تفصيل جنسي تنشيطي! كما أنّه يمتاز بالإتيكيت؛ فعنده ليس "ألذّ الجماع أفحشه" ولكن "ألذّ الجماع نبوغه!". بمعنى آخر يتصرّف بكلّ موقف بذكاء وحنكة، فتعرف أنّ الجماع معه ليس رياضة كمال أجسام، ولكن لعبة بلياردو أو مباراة شطرنج؛ يعرف متى يضرب، وكيف يضرب، وأين، وكأنه يمارس بذلك كتابة نص أو خبر صحافي متكامل العناصر! وهذه المعرفة نصطلح عليها اسم "البراين سكسولوجي" والجسد معه ليس غاية، ولكنه وسيلة مطواعة لنبوغه العقلي، أو إن صح التعبير "اللذة النابغة"، فالجنس مع الذكي لا يكون جنساً عضوياً ولكنّه جنس عقلي. وإذا أردنا أن نكون أكثر دقة هو جنس مع الإنسان كلّه دون إقصاء شبر منه، يحقّق فيه إشباع الحاجات وغايات الإنسان الذي يقع تحته في عمق هذه اللحظة وكثافتها! الجنس مع الذكي هو جنس للعقل؛ أولى ميّزات الإنسان على وجه البسيطة، ولا أبالغ في القول إنّ أول جنس تحظى به النساء يكون إنسانياً لا حيوانياً، بل متعة فريدة وغريبة تشبع حاجات الإنسان لا الحيوان بداخلها.
نحن نعتقد أنّ النساء مهمّشات إلى حد ما، فهي بحاجة إلى صقل للجانب الإنساني لا الحيواني منها، لذلك "البراين سكسولوجي" يشعرها بغايتها الإنسانية فهي لا تخضع للمفعول به، على الأقل مناقشة سيبوية عن المفعول به، وقياسه، وتقعيد القاعدات من جديد، كما أنّه أكبر لذة بعد الجنس مع "البراين سكسولوجي" هو مناقشة الأداء والتجربة عموماً! فلمّا يأتي حب "البراين سكسولوجي" إلى حياتها لا تشعر فقط أنّ رحمها من تطلب ذلك، بل كلّ جسدها بحاجة إليه بكلّ أعضائها؛ الظاهرة والباطنة، وهنا تقع النساء في تأثير "الذكاء فياغرا للنساء".
بالإضافة إلى ذلك؛ الذكي الذي تحدثنا عنه يعيش في عقله أكثر من قلبه، ويعرف أنّ ما يثير النساء أكثر من أي شيء آخر هو الذكاء بكليّته، لذلك ليست غايته الجنس فقط، ولكنّه يعمل على تضافر العناصر الأربعة للغواية (فكر، عاطفة، سلوك، جسد) وبذلك يكون الإبليس الذي أغوى آدم وحواء، تلك القصة التاريخية التي تتكرّر معه في كلّ وقت وحين.
كل الأذكياء يتمنّون منع أدائهم الجنسي من الغباء، ولكن يبدو هذا مستحيلاً لأنّ الأجسام في الحقيقة قد لا تكون مطواعة آنذاك
كل الأذكياء يتمنّون منع أدائهم الجنسي من الغباء، ولكن يبدو هذا مستحيلاً لأنّ الأجسام في الحقيقة قد لا تكون مطواعة آنذاك، و"البراين سكسولوجي" ليس مثالياً، فكذلك الذكاء لا يدوم دائماً، بمعنى آخر مهما كان "البراين سكسولوجي" نابغة فلا بد له من ارتكاب أخطاء، أو تصرفات حمقاء، فذلك من طبيعة العقل الاحتيار في الاختيار؛ بين الصواب والخطأ، وعند سقوطه في نوبة خطأ، لأن العقل مقسوم نصفين؛ اليمين واليسار، أي عندما يتخذ العقل مساراً ساراً أو غير سار بينهما، يحدث صراع ووقوع في الخطأ، هنا يتداعى "البراين سكسولوجي" ويبدأ بريقه في الخفوت، ورحم المرأة في اللحظة هذه تطلب كمال الأجسام لا "اللذة النابغة" فينتهي مفعول الفياغرا، ويخسر "البراين سكسولوجي" ولكن في الحقيقة تخسر الأنثى؛ لأنها لم تستطع فهم معنى "براين سكسولوجي"، فتعتقد لفرادة هذا المصطلح أنّ الذكي عليه أن يكون مثالياً! ولكن في الحقيقة ما أصبح ذكياً إلا لأنّه أخطأ، وخير الخطائين التوابون..!
كما أنه لا داعي للخوف من أن يقول "البراين سكسولوجي" "علمني". فمن المحتمل أن ينتهز الذكي الفرصة ليجعلك تنقل معرفتك إليه، فحتماً هو لا يعرف كلّ شيء عن أي شيء، فهو ليس آلة المعرفة. ومع ذلك يمكن أن يكون السماح له بالتباهي بذكائه والتعبير عن الاهتمام بالتعلّم أمراً فعالاً لقيادة السفينة بهدوء.
مع الذكي تعرف من أنت بالنسبة إلى نفسك، وتتضح هويتك، وماذا تريد من العلاقة، وما هو الدور الذي ترغب في تأديته فيها، وما هي تفضيلاتك الجنسية، وبهذه الطريقة سوف تعيش شريكة الذكي المزيد من النجاح في حياتها العاطفية؛ من خلال معرفتها أنّها مميّزة ومختلفة، وأنها مقبولة بكل ثقلها وتحاملها أحياناً. الذكي جواد أنتِ فرسه، يقودك حيث أعماق وجدانكِ، حيث قواكِ الكامنة، حيث مشاعرك الإيجابية، فالذكي يستحقك وأنت تستحقينه، فاجعلي من جوادك قنديلاً؛ "قولي أحبّك كي تصير أصابعي ذهباً، وتصبح جبهتي قنديلاً".
عند أورغازم المقال هذا، نقول إنّ تكرار الأمر مع "البراين سكسولوجي" لا يغيّر شيئا، بل على العكس؛ إنّه يفضح أكثر معنى الممارسة، وعمق القرار، وحرية الاختيار، وهذا التعرّي يؤكّد أنّ الإنسان لا يمكنه المحافظة على العقل دائماً، فلا بدّ له من الانجرار نحو شعار الإنسان الأول "الإنسان حيوان ناطق".