02 سبتمبر 2024
المُخبر إنسان وطني شريف
وصفتُ للأصدقاء الموجودين في جلسة الإمتاع والمؤانسة بمدينة "الريحانية" التركية شعوري وأنا أغادر فرع الأمن العسكري بإدلب، بعد استدعائي إليه بسبب تقرير أمني كتبه الشاعر المخبر "فلان الفلاني" بحقي، زعمَ فيه أنني أسأت الأدب واعتديت على الحياء الاجتماعي العام للشعب العربي السوري، إذ ألقيت في المركز الثقافي ببلدة "بنش" قصة عنوانها "وقائع ما جرى تحت البطانية"..
قلت في وصف حالتي: تجاوزتُ الباب الرئيسي، ولم ألتفتْ نحو الحراس الذين كانوا جالسين في الكولبة الصغيرة المخصصة للاستعلامات، ومشيتُ باتجاه الشمال خائفاً متمايلاً في مشيتي بسبب الألم الذي يمض في مفصل ساقي اليمنى، وقد ازداد الألم من شدة الاضطراب النفسي، وانتابني إحساس رهيب بأن واحداً من الحراس المدججين بالسلاح الواقفين عند العمود العرضاني المخصص لإيقاف السيارات سيصرخ بي، قبل أن أصل إلى أول مفرق يذهب باتجاه اليسار:
- أنت ولاك، خطيب بدلة. وقف عندك. ارجع. يريدك المعلم.
ولكن هذا لم يحصل، ربما بسبب رضا المرحومين الحاج عبد العزيز بدلة والحاجة فاطمة الشيخ عَلَيَّ.. وغذذت السير حتى وصلت شارع القصور، وركبت سيارتي البيك أبْ "السكودا" التي كنت قد ركنتُها إلى يمين الشارع، وانطلقت مسرعاً، حتى وصلت المنزل. دخلت من الباب فوجدت أسرتي الصغيرة في انتظاري على أحر من الجمر، وفي نفس اللحظة كان الهاتف يرن، فاندفعتُ إلى الداخل، ونظرت إلى الكاشف الرقمي فوجدت رقم فرع اتحاد الكتاب العرب ظاهراً عليه. رفعت السماعة وإذا بالشاعر المخبر فلان الفلاني يقول لي: مرحبا أبو مرداس. الحمد لله على سلامتك.
قلت في وصف حالتي: تجاوزتُ الباب الرئيسي، ولم ألتفتْ نحو الحراس الذين كانوا جالسين في الكولبة الصغيرة المخصصة للاستعلامات، ومشيتُ باتجاه الشمال خائفاً متمايلاً في مشيتي بسبب الألم الذي يمض في مفصل ساقي اليمنى، وقد ازداد الألم من شدة الاضطراب النفسي، وانتابني إحساس رهيب بأن واحداً من الحراس المدججين بالسلاح الواقفين عند العمود العرضاني المخصص لإيقاف السيارات سيصرخ بي، قبل أن أصل إلى أول مفرق يذهب باتجاه اليسار:
- أنت ولاك، خطيب بدلة. وقف عندك. ارجع. يريدك المعلم.
ولكن هذا لم يحصل، ربما بسبب رضا المرحومين الحاج عبد العزيز بدلة والحاجة فاطمة الشيخ عَلَيَّ.. وغذذت السير حتى وصلت شارع القصور، وركبت سيارتي البيك أبْ "السكودا" التي كنت قد ركنتُها إلى يمين الشارع، وانطلقت مسرعاً، حتى وصلت المنزل. دخلت من الباب فوجدت أسرتي الصغيرة في انتظاري على أحر من الجمر، وفي نفس اللحظة كان الهاتف يرن، فاندفعتُ إلى الداخل، ونظرت إلى الكاشف الرقمي فوجدت رقم فرع اتحاد الكتاب العرب ظاهراً عليه. رفعت السماعة وإذا بالشاعر المخبر فلان الفلاني يقول لي: مرحبا أبو مرداس. الحمد لله على سلامتك.
قال أبو زاهر: وقف عندك يا أبو مردس. لا تكمل. من دون يمين أنت مَخْوَلْتْني. بدي منك جواب على السؤال التالي: هادا الشاعر المخبر "فلان الفلان" ذكي وخبيث، ولا هو واحد غبي وتافه؟
قلت: هو غبي وتافه، ولكنه أحياناً يتذاكى، وأحياناً يتغابى.
قال أبو الجود: كيف يتغابى ويتذاكى.. احك لنا أيش عمل؟
قلت: عشنا مدة زمنية أنا ورفاقي أكثر من ربع قرن في محافظة إدلب وكلما استدعي أحدنا لمراجعة أحد فروع الأمن يعرف تلقائياً أن وراء استدعائه الشاعر المخبر فلان الفلاني. هذا من حيث المبدأ.. وفوقها أنا، من لما كنت في مكتب العميد رئيس فرع الأمن العسكري، تيقنتُ من ضلوع فلان الفلاني في كتابة التقرير، إذ وقع بصري على ورقة مكتوبة بخط يده كان العميد يحكي معي ويسترق النظر إليها، حتى إنه قال لي إنك تنشر كلاماً ملغوزاً في جريدة النور تبع الحزب الشيوعي، وقرب وجهه من الورقة وقرأ وقال: هاي مثلاً مقالة (تمشيط مثقفين) التي تحكي فيها عن حقارة رجال الأمن..
قال أبو زاهر: ولكن على علمي أن جريدة "النور" تابعة لأحد أحزاب الجبهة المتحالف مع حزب البعث ويقودها حافظ الأسد نفسه.
قلت: نعم. ولكن الرقابة على المواد المنشورة في جريدة النور لاحقة.. يعني جماعة الحزب الشيوعي ينشرون المواد على مسؤوليتهم، وإذا تهيأ للمخابرات مخبر متطوع مثل فلان الفلاني فهو يزودهم بصور فوتوكوبي عن المواد المنشورة التي يرى أنها متجاوزة الخطوط الحمر. المهم أن فلاناً الفلاني اتصل بي متظاهراً بالبراءة، وراح يشرح لي أن مخبراً من الأمن العسكري جاء إلى فرع الاتحاد وطلب منه تقييماً لقصة "وقائع ما جرى تحت البطانية" التي ألقيتُها أنا في بنش، وأنه دافع عني وقال لهم: لا تغلطوا، هذا الأستاذ خطيب إنسان وطني..
ضحكت وقلت له: مشكور على كل حال أخي فلان. ولكن على علمي أن كلمة وطني ما بتنصرف عند هدول الجماعة. يعني لا تزعل مني، رئيس الاتحاد وأعضاء المكتب التنفيذي عندما نَسَّبُوك إلى الاتحاد ورَيَّسُوك على كتاب محافظة إدلب لم يدر في خلدهم أنك إنسان وطني.. ربما كان العكس هو الصحيح.
للحديث صلة