امتحان محمد عبد الوهاب في حلب
هناك تسجيل محفوظ في أرشيف إذاعة دمشق يتضمن مقابلة إذاعية مع موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب يتحدث فيه عن رحلته إلى حلب سنة 1927، فوقتها جاءه في القاهرة متعهد حفلات واتفق معه على أن يغني في حلب، فسافر إليها وهنالك كان الافتتاح في صالة كبيرة تتسع لألفي شخص على الأقل، وفي ليلة الافتتاح الأولى فوجئ بأنه لم يكن في الصالة سوى ثلاثين إلى أربعين رجلاً، معظمهم من كبار السن الذين تتراوح أعمارهم بين خمسين وستين سنة.
لم يفهم محمد عبد الوهاب معنى ذلك، ومن شدة غيظه غنى بشيء من (الغل)، فقدم بصوته الجميل أجمل ما لديه من صوت وألحان، واستعرض أثناء الغناء مهاراته و(معلميته) واستمر يغني حتى وقت متأخر من الليل، والشيء الذي ساعده على ذلك أنه لاحظ، أثناء الغناء، أن هذا الجمهور القليل لديه إحساس خاص بالنغم والطرب، وذائقة عالية ظهرت من خلال تفاعله مع الأغاني.
وقال أيضاً:
في اليوم التاني، بَصّيتْ لقيت ألفين شخص قاعدين، وحوالي ألفين شخص غيرهم واقفين، فلما سألت منظم الحفلة عن ذلك قال لي: الرجالة اللي جاؤوا مبارحة إلْهُمْ تأثير كبير في الناس، والشي المعتاد في حلب إن الناس النخبة دُوْلْ بيسمعوا المطرب في أول حفلة، فإذا أعجبهم يمدحوه ويرفعوه ويجيبوا كل الناس، وإذا ما عجبهمش يروح في ستين داهية.
يسأله المذيع: وبعدين؟
فيرد عليه محمد عبد الوهاب ممازحاً: أنا ما رحتش بداهية، زي ما أنت شايف أهو!