تحبه لأنه مثل الجاموس الشبعان
ويقع الحق، من جهة أخرى، على العم أبو قدور الذي يُتحفه، كلما رآه، باقتراح زواج من امرأة في غاية الجمال والأبهة، امرأة مطلوبة يتقاتل عليها الشبان الأغنياء وأبناء العوائل، ويقول له: "بدي أخطبها لك". يضحك أبو الجود ويسأله إن كانت المرأة المقصودة مجنونة أو عاقلة.. فيغضب أبو قدور ويقول له: "اسكت ولاك اسكتْ، يخرب بيتك شقدك طشم.."، "أي: كم أنت غبي"!
ويحلف بالله الجليل أن عقلها أثقل من جبل قاف، وقد ضبطها أكثر من مرة وهي توزع كميات من عقلها على المحتاجين!
يقول أبو الجود: "يا عمي والله إن هذا الكلام لا يُصَدَّق. كيف تكون امرأة عاقلة، وهي جميلة وذكية وعاقلة، وترضى بواحد مفلس أنْدَبُوري مثلي أنا؟".
فيقول أبو قدور: "أنت تمتلك الشيء غير المتوفر عند الآخرين وهو الشباب والفتوة. ما شاء الله عليك، متل الجاموس الشبعان".
ولأن أبو قدور لا يحب إضاعة الوقت، يسارع لإعلام أبو الجود بأنه حكى مع المستورة (أي: المرأة المقصودة) وفاتحها بموضوعه، ووافقت. لم يبق غير أن تذهب الوالدة (والدة أبو الجود) وتطلبها له بشكل رسمي. وهي لا تريد أي مهر أو هدايا، أو نفقات بلا طعمة.
ينشرح صدر أبو الجود، ولكن أبو قدور يعاجله بالقول إن الجماعة (يعني أهل البنت) أكابر، ولا يمشي الحال معهم أن تأتي "الوالدة" وهي بالملاءة السوداء التي لا يظهر منها غير منخريها. يجب أن ترتدي على الموضة (أي بحسب أزياء تلك الأيام)، تنورة قصيرة، وقميصاً مفتوحاً في منطقة الصدر، ويجب أن تصفف شعرها عند الكوافيرة، ولا مانع من أن تضع قبعة مناسبة و..
قبل أن يكمل أبو قدور الشرح ينفلت أبو الجود بالضحك. يكاد أن يقع على الأرض من شدة الضحك..
يقول أبو قدور: "عيب يا ولد. ليش تضحك؟".
فيرد عليه أبو الجود: "أتخيل والدتي وهي لابسة متلما تقول حضرتك. عن جد.. شي بيفرط من الضحك!".