تنفيذ خطة سلمون بدقة
في سهرة الإمتاع والمؤانسة التي عُقدت في منزل "أبو ماهر الحموي"، تابع كمال رواية الأحداث المتعلقة بدخول صاحب المبقرة "أبو عمشو" على خط سيرة الفتى المسطول سلمون.
كمال: أبو عمشو عرض على أبو سلمون إنه ياخد سلمون، ويتبناه، وأبدى استعداده يعطيه غرفة عنده في المبقرة، ويخلّص أبوه منه ومن مشاكله، وطبعاً أبو سلمون موافق وباصم بالعشرة، لأنه بيعتبر وجود سلمون في حياته (هَمّ)، ودائماً بيقول: الله محيي اللي بيشيل الهَمّ عن قلب صاحبه! لكن الحقير سلمون رفض العرض، وعمل مشهد درامي مصطنع.. وقف وهوي ملفوف بالجبصين والضمادات، وقال لأبوه بكل إباء وشمَمْ: والله يا ياب أنا ما بتركك ولو على جثتي!.
وهيك بيكون خَرّب الفكرة ورَجَّع والده للمربع الأول- على حد تعبير المحلل الاستراتيجي الفظيع خالد العبود.
أبو عمشو زعل من سلمون، وترك بيت أبو سلمون وطلع، وكان وجهه عم ينقط سم.. ولما رجع ع المبقرة نادى للفتى الحقير التاني أحمدوني، وعمل معه اجتماع مغلق. وقال له: شوف يا أحمدوني، أنا ما شَغَّلتكم عندي في المبقرة إنته وصاحبك سلمون لأني ما عم ألاقي عمال. شوفة عينك، كل يوم بيجي عشر شباب لباب المبقرة وبيترجوني أشغّلهم عندي. لكن الفصل اللي عمله معي صديقك سلمون مو كويس. معقولة أنا أروح لعند أبوه وأعرض عليه إني إحويه عندي في المبقرة وأعلفه ع حسابي وهوي يرفض؟! لك هالندالة هاي؟
أحمدوني: طول بالك يا معلم. إنته بتفهم بالأصول، وبتعرف إنه "حساب السوق ما بيطابق حساب الصندوق". أكيد سلمون في براسه مخطط وعم ينفذه. شوف خيو، إنته لما بتشوف راسي وراس سلمون أول شي بيخطر لك إنه راس أي تور موجود عندك في المبقرة فيه ذكا أكتر منا نحن التنين. بس الحقيقة إنه هالحكي مو صحيح. أنا وسلمون منفهم أكتر من كل تيران مبقرتك، ومخنا على طول شغال، وبأكتر الأوقات بتطلع معنا أفكار كويسة. يا ريت لو أهالينا يستفيدوا من الأفكار تبعنا، وحياتك كانوا بيصيروا فوق الريح. على كل حال إنته اترك لي سلمون وأنا بعالجه.
كمال: بالفعل، هاي الإنسانة صار عندها عقدة من قصة سلمون وأبو سلمون. المهم، لما وصل الثنائي عند باب بيتها، بلشوا بتنفيذ الخطة. تسطح سلمون ع الأرض، وقرب أحمدوني من الباب وصار يرن الجرس بطريقة توحي بأن في مصيبة راح توقع
أم زاهر: ضحكتني بالمقارنة مع روس التيران. عن جد حلوة كتير.
أبو المراديس: هاي من الأفكار النيرة اللي حكى عنها أحمدوني.
كمال: المهم إنه أبو عمشو وافق على اقتراح أحمدوني، وقال له: طيب، راح إترك لك سلمون. شوفُه على أقل من مهلك. وراح أعطيك إجازة يومين لحتى تجيب لي منه خبر، وتفهمني أيش هوي المخطط اللي عم يدور في راسه. بس شوف يا أحمدوني، إذا سلمون مفكر يغبّر عليّ ترى خليه يشيل هالفكرة من راسه. لأنه على قولة المتل: طَحَّان ما بيغبر على كَلَّاس!
أبو محمد: الحكاية تعقدت وصارت حلوة بالفعل. كمل.
كمال: راح أحمدوني لبيت صديقه العزيز سلمون. رن جرس الباب وانتظر. ما حدا رد عليه.. السبب إنه أبو سلمون، لما سمع الجرس، مشي على روس أصابيعه لحتى وصل الباب، ولما شاف أحمدوني من العين الساحرة، رجع على غرفة الجلوس وهوي عم يتلقَّس على روس أصابيعه، حتى ما يصدر عنه صوت. في هاد الوقت كان سلمون متسطح على سريره وهوي مضمد ومربط بالقطن والشاش واللزاق الطبي. لما دخل أبوه تجلس وسأله: ياب، مين دق الباب؟
قال أبو سلمون بصوت واطي حتى ما ينسمع الصوت لبره: اسمع يا إبني سلمون، أنا بدي أكون صريح معك. هادا البيت اللي نحن ساكنين فيه ممكن يوسع جحش واحد، وممكن في أسوأ الأحوال يوسع جحشين، لكن إذا صار فيه تلات جحاش راح يصير فيه رفس وشهنقة وضرب بالجوز ومناطحة، وبالأخير بينهد البيت وبيوقع فوق روس أصحابه.
سلمون: ياب على علمي ما في غير أنا جحش في البيت. وفي عندك جحش في الزريبة.
أبو سلمون: أنا عم إحكي عن البيت. مو عن الزريبة.
سلمون: البيت ما في غير أنا جحش. إنته هيك بتقلي.
أبو سلمون: وأنا كمان جحش. بتعرف ليش؟ لأني خلفتك، ولأني حاويك عندي في البيت، وعم إعلفك. خيو نحن سلالة حمير.. لكن لما بيجي لعندنا الجحش أحمدوني وبيدق الباب وأنا بفتح له منصير تلاتة.
سلموني: فهمت عليك. يعني أحمدوني هوي اللي دق الباب، وإنته ما فتحت له. شفت شلون أنا مو جحش؟
ووقف سلمون، وقال لوالده: بخاطرك. أنا عندي مشوار ضروري. وطلع بره البيت، شاف أحمدوني واقف مقابل الباب وساند ظهره ع الحائط.
أحمدوني: تعال لهون، وفهمني. ليش كسرت خاطر أبو عمشو وما رضيت تروح تسكن عنده في المبقرة؟
سلموني: أنا بقلك السبب. تعال معي. وسحبه من يده ومشيا باتجاه منزل السيدة أم حمودة. وفي الطريق عَرَضْ سلمون على أحمدوني الخطة، واتفقوا ينفذوها بدقة.
أم الجود: كمان؟ يعني ما راح يتركوا هالمخلوقة بحالها؟
كمال: بالفعل، هاي الإنسانة صار عندها عقدة من قصة سلمون وأبو سلمون. المهم، لما وصل الثنائي عند باب بيتها، بلشوا بتنفيذ الخطة. تسطح سلمون ع الأرض، وقرب أحمدوني من الباب وصار يرن الجرس بطريقة توحي بأن في مصيبة راح توقع. فتحت أم حمودة الباب وهي بتياب الراحة.. ركد أحمدوني عليها ومسك إيدها وصار يبوسها ويقول لها: دخيلك يا خالتي. هادا رفيقي كتير تعبان.
سلمون فجأة وقف وقال لأحمدوني: خلص خاي أنا صرت منيح. الله يكتر خيرك وخير خالتي أم حمودة.
في البداية ما كانت أم حمودة عرفانة مين الولد المتسطح ع الأرض وملفوف بالجبصين والضمادات، ولما عرفت إنه سلمون تقريباً فهمت اللعبة. سحبته من إيده وقربته لعندها وقالت له: ليش جاية لهون؟ أشو بتريد؟
قال سلمون: أنا يا خالتي أم حمودة هلق على مفرق طرق. خلال يومين راح أترك البيت وأسكن في المبقرة عند عمنا أبو عمشو، وبصراحة راح يبقى بالي مشغول على أبوي، بقى الله يرضى عليكي تزوجيه، وديري بالك عليه.
قالت له: تكرم عينك، بس دقيقة. وتناولت من وراء الباب عصا غليظة، سددت أول ضربة لأحمدوني، والتفتت على سلمون وقالت له: فرجيني وين المكان اللي لسه مو مكسور في جسمك.
ورفعت العصاية بدها تخبطه، وبلمح البصر هرب، وركض وراه وأحمدوني وهوي عم يتألم، ويقول: الله لا يوفقك يا سلمون.. ما لقيت غير هاي القبضاية تزوجها لأبوك؟!