02 سبتمبر 2024
حافظ الأسد "تافه" مثلكم أيها الشعراء
قال أبو زاهر؛ مخاطباً الأصدقاء الموجودين في جلسة الإمتاع والمؤانسة: الحقيقة، إن بعض العبارات التي ترد في سياق أحاديث الأصدقاء الأدباء تستحق أن نتوقف عندها، أو نستعيدها بشيء من التفصيل، ولكن الحديث يأخذهم- عادةً- في اتجاهات أخرى.
تساءل العم أبو محمد: متل أيش هالعبارات؟
قال أبو زاهر: حكى لنا أبو المراديس عن شاعر سوري متميز، اسمه "دال واو"، اعترض على قبول الشاعر المُخْبِر "فلان الفلاني" عضواً في اتحاد الكتاب، وقال رأيه في هذا الموضوع بكثير من التحفظ خشيةَ أن (ينفضه) عضو المكتب التنفيذي المُخْبِر بتقرير أمني يجعله في خبر كان. وقد وعدنا الأستاذ كمال بأن يحكي لنا عن موقف آخر تَعَرَّضَ له الشاعر "دال واو" وجعله يقع في أيدي المخابرات. الموقف الآخر هو ما قصدته.
قال الأستاذ كمال: أي والله أشكرك على هذه التذكرة. برأيي أن هذه الحكاية لو كتبت بالإبر على آماق البشر لكانت عبرة لمن اعتبر.
قال أبو الجود: يا أستاذ كمال نحن ما طلبنا منك أن تحكي بأسلوب "ألف ليلة وليلة".. احكي لنا القصة بالـ جبّيسي.
قال كمال: حاضر. يا سيدي هذا الشاعر "دال واو" يتعامل مع الشعر كما لو أنه رجل شرقي متعصب، والشعر هو زوجته الشابة الجميلة التي يغار عليها من نظرات الرجال ومن هبوب الريح، وكلما يقرأ قصيدة تافهة يغضب ويقول: هؤلاء الكلاب يشوهون الشعر، يستوطئون حائط الشعر.. وخلال الجلسات التي كان يتناول فيها الكحول كان يمتلك جرعة من الشجاعة، فيشن هجوماً لاذعاً على رؤساء الأقسام الثقافية في الصحف والمجلات، لأنهم ينشرون أشعاراً رديئة لأقاربهم، ولصديقاتهم (صاحباتهم)، وبذلك يسيئون إلى الذائقة الأدبية لدى القراء..
قال أبو زاهر: غريب أمرك يا أستاذ كمال. وهل انتقاد رؤساء الأقسام الثقافية في الصحف يحتاج إلى شجاعة وشرب كحول؟
قال كمال: لا، ولكن الموضوع كان يحتاج إلى شجاعة لأن له علاقة بحافظ الأسد شخصياً.
العم أبو محمد كان متكئاً فجلس وقال: ها هَهْ. هلق وصلنا لمجرى العسل.
قال كمال: كان هناك أربعة أشهر في السنة يكثر فيها مديح حافظ الأسد شعرياً، أولها آذار (مارس) وفيه ذكرى انقلاب البعث 1963، ثم نيسان (إبريل) وفيه ذكرى ميلاد حزب البعث 1947، فتشرين الأول (أكتوبر) ذكرى الحرب مع إسرائيل 1973، وصولاً إلى تشرين الثاني (نوفمبر) وفيه ذكر انقلاب الأسد.. في هذه الأشهر تتغير سحنة الصحف الرسمية (البعث والثورة وتشرين)، وتختفي أسماء عدد كبير من الكتاب، ويظهر مكانهم شعراء المديح من أمثال المُخْبِر الذي كنا نحكي عنه "فلان الفلاني".. هذا المديح هو الذي أوقع الشاعر "دال واو" في مشكلة أمنية كبيرة.
قال أبو زاهر: وكيف صار هالشي؟
قال كمال: كان الشاعر "دال واو" يعتقد أن مديح حافظ الأسد فيه انتهاكٌ مزدوج للشعر، فأولاً شعر المديح في الأغلب ركيك، ويُنْسَجُ على قافية أو قافيتين، الدال (أسدُ، بلدُ)، والنون (وطني، فننِ، غصنِ)، وثانياً هو شعر يُخَصَّص لمديح طاغية مستبد يجب أن يهجى ويُعَرَّى وتقوم عليه ثورة بدلاً من أن يُمْدَح..
المهم أن صاحبنا الشاعر "دال واو" قرر ذات يوم أن يوبخ الشعراء المَدَّاحين.. ووضع لذلك خطة محكمة وهي أن يذهب إلى "مطعم الرَيّس" ويشرب جرعة من الكحول تكفي لأن يوبخهم دون أن يتمكن المخبرون من إدانته. وقد فعل ذلك، إذ قال لهم بعد تناول كأسين: أنتم أيها الشعراء التافهون الذين تتكسبون بالشعر، أتظنون أن السيد الرئيس حافظ الأسد بحاجة إلى أشعاركم الركيكة؟ أبداً، هو أكبر من ذلك بكثير.
استدار الشعراء والمخبرون نحو الشاعر، وساد صمت مشوب بالإعجاب، فما كان من الشاعر إلا أن أخذ جرعة إضافية من الكحول، فارتفعت نسبة الشجاعة لديه أكثر مما ينبغي، فقال:
- أبداً، حافظ الأسد ليس أكبر من هذا، بالعكس، هو يحب هذه الأشعار التافهة، لأنه، بصراحة، تافه مثلكم، بل وأكثر.
(على هذا الأساس جرى اعتقاله ومكث في فرع فلسطين مدة طويلة).
وللحديث صلة
تساءل العم أبو محمد: متل أيش هالعبارات؟
قال أبو زاهر: حكى لنا أبو المراديس عن شاعر سوري متميز، اسمه "دال واو"، اعترض على قبول الشاعر المُخْبِر "فلان الفلاني" عضواً في اتحاد الكتاب، وقال رأيه في هذا الموضوع بكثير من التحفظ خشيةَ أن (ينفضه) عضو المكتب التنفيذي المُخْبِر بتقرير أمني يجعله في خبر كان. وقد وعدنا الأستاذ كمال بأن يحكي لنا عن موقف آخر تَعَرَّضَ له الشاعر "دال واو" وجعله يقع في أيدي المخابرات. الموقف الآخر هو ما قصدته.
قال الأستاذ كمال: أي والله أشكرك على هذه التذكرة. برأيي أن هذه الحكاية لو كتبت بالإبر على آماق البشر لكانت عبرة لمن اعتبر.
قال أبو الجود: يا أستاذ كمال نحن ما طلبنا منك أن تحكي بأسلوب "ألف ليلة وليلة".. احكي لنا القصة بالـ جبّيسي.
قال كمال: حاضر. يا سيدي هذا الشاعر "دال واو" يتعامل مع الشعر كما لو أنه رجل شرقي متعصب، والشعر هو زوجته الشابة الجميلة التي يغار عليها من نظرات الرجال ومن هبوب الريح، وكلما يقرأ قصيدة تافهة يغضب ويقول: هؤلاء الكلاب يشوهون الشعر، يستوطئون حائط الشعر.. وخلال الجلسات التي كان يتناول فيها الكحول كان يمتلك جرعة من الشجاعة، فيشن هجوماً لاذعاً على رؤساء الأقسام الثقافية في الصحف والمجلات، لأنهم ينشرون أشعاراً رديئة لأقاربهم، ولصديقاتهم (صاحباتهم)، وبذلك يسيئون إلى الذائقة الأدبية لدى القراء..
قال أبو زاهر: غريب أمرك يا أستاذ كمال. وهل انتقاد رؤساء الأقسام الثقافية في الصحف يحتاج إلى شجاعة وشرب كحول؟
قال كمال: لا، ولكن الموضوع كان يحتاج إلى شجاعة لأن له علاقة بحافظ الأسد شخصياً.
العم أبو محمد كان متكئاً فجلس وقال: ها هَهْ. هلق وصلنا لمجرى العسل.
قال كمال: كان هناك أربعة أشهر في السنة يكثر فيها مديح حافظ الأسد شعرياً، أولها آذار (مارس) وفيه ذكرى انقلاب البعث 1963، ثم نيسان (إبريل) وفيه ذكرى ميلاد حزب البعث 1947، فتشرين الأول (أكتوبر) ذكرى الحرب مع إسرائيل 1973، وصولاً إلى تشرين الثاني (نوفمبر) وفيه ذكر انقلاب الأسد.. في هذه الأشهر تتغير سحنة الصحف الرسمية (البعث والثورة وتشرين)، وتختفي أسماء عدد كبير من الكتاب، ويظهر مكانهم شعراء المديح من أمثال المُخْبِر الذي كنا نحكي عنه "فلان الفلاني".. هذا المديح هو الذي أوقع الشاعر "دال واو" في مشكلة أمنية كبيرة.
قال أبو زاهر: وكيف صار هالشي؟
قال كمال: كان الشاعر "دال واو" يعتقد أن مديح حافظ الأسد فيه انتهاكٌ مزدوج للشعر، فأولاً شعر المديح في الأغلب ركيك، ويُنْسَجُ على قافية أو قافيتين، الدال (أسدُ، بلدُ)، والنون (وطني، فننِ، غصنِ)، وثانياً هو شعر يُخَصَّص لمديح طاغية مستبد يجب أن يهجى ويُعَرَّى وتقوم عليه ثورة بدلاً من أن يُمْدَح..
المهم أن صاحبنا الشاعر "دال واو" قرر ذات يوم أن يوبخ الشعراء المَدَّاحين.. ووضع لذلك خطة محكمة وهي أن يذهب إلى "مطعم الرَيّس" ويشرب جرعة من الكحول تكفي لأن يوبخهم دون أن يتمكن المخبرون من إدانته. وقد فعل ذلك، إذ قال لهم بعد تناول كأسين: أنتم أيها الشعراء التافهون الذين تتكسبون بالشعر، أتظنون أن السيد الرئيس حافظ الأسد بحاجة إلى أشعاركم الركيكة؟ أبداً، هو أكبر من ذلك بكثير.
استدار الشعراء والمخبرون نحو الشاعر، وساد صمت مشوب بالإعجاب، فما كان من الشاعر إلا أن أخذ جرعة إضافية من الكحول، فارتفعت نسبة الشجاعة لديه أكثر مما ينبغي، فقال:
- أبداً، حافظ الأسد ليس أكبر من هذا، بالعكس، هو يحب هذه الأشعار التافهة، لأنه، بصراحة، تافه مثلكم، بل وأكثر.
(على هذا الأساس جرى اعتقاله ومكث في فرع فلسطين مدة طويلة).
وللحديث صلة