حدوتة التنزيلات والتنازلات الثورية
وسواء كان المتداول حقيقياً، أو مزيفاً، وهذا هو الأرجح، بقصد إشعال معركة جانبية في صفوف المعارضة، تخفف الضغط بعض الشيء عن النظام الغارق في فضائح سيناء وخروج آية حجازي، بالأمر الأميركي المباشر، والإصرار على التنازل عن تيران وصنافير، فإن التذكير ببعض الثوابت والحقائق يبقى عملاً مطلوبًا.
السؤال: هل تمت الإطاحة بالرئيس المصري المنتخب محمد مرسي، وفق آليات قانونية وأخلاقية؟!
إذا كنت ترى أن الإجابة هي نعم، فإنك تقر بشرعية استيلاء الجنرالات على السلطة، وهنا تصبح معارضتك ومناهضتك لعبد الفتاح السيسي نوعاً من الخروج عن القانون والأخلاق، تستوجب العقاب، لأنك بذلك تضع نفسك تحت طائلة عقوبة مقاومة السلطات، وتجعل من كل كلامك لغواً وتنظيراً وثرثرة، لا لزوم لها.
أما إذا كانت الإجابة هي لا، فإنك تقر بأن ما جرى كان انقلاباً وجريمة سطو على السلطة، المنتخبة شعبياً، وفي المحصلة انقلاباً على إرادة الأغلبية التي حملته إلى الحكم، وهنا تعترف بشرعية الرئيس الذي تم الانقلاب عليه، وبالتالي ليس من العدل والإنصاف، وليس من المصلحة أن تقيم مشاريع تحالفاتك ضد الذين اغتصبوا السلطة (الشرعية) على أساس إسقاط شرعية الرئيس المنتخب، والتنازل عنها.
منطقياً، ولغوياً، فإن مفهوم التنازل يستدعي على الفور مفهوم الحق، ذلك أننا نتنازل عما هو حق لنا، ولو بحثت في معنى التنازل، لغةً، ستجد: الفعل تنازل ويتنازل عن ملك أو حوَّله ويحوّله إلى شخص آخر، فهناك التنازل عن الملكية، والتنازل عن الحق، والتنازل عن الامتياز، والتنازل عن العلاوة والمكافأة.. وهكذا.
قانوناً، لا يملك سلطة التنازل عن شيء سوى صاحب الحق الأصيل في هذا الشيء، وتأسيساً على ذلك فإن الوحيد الذي يحق له التنازل عن شرعية الرئيس المنتخب محمد مرسي، هو، وفقط، الدكتور محمد مرسي، القابع في أسر السلطة الغاصبة، يُعامَل أسوأ معاملة، ويتم حرمانه من أبسط الحقوق الإنسانية.
لا جماعة الإخوان ولا أي فصيل معارض، أو بوتيك ثوري، من حقه تحديد شرعية الرئيس من عدمها.. وبوضوح أكثر، أنت تضحك على نفسك، وعلى الجميع، وتتحايل على المنطق وتحتقر الحقيقة، حينما تدعي أن التمسك بشرعية السلطة المعتدى عليها، المخطوفة، يعطل جهود التخلص من السلطة المعتدية، الخاطفة، كونك هنا تنسف الجوهر الأخلاقي للمسألة كلها، وتضع نفسك على مسافة قريبة للغاية من منطق الخاطف والمعتدي، وتمنحه خيطاً يتشبث به، وهو يحاول إثبات أن استيلاءه على الحكم مسألة مستحقة.