02 سبتمبر 2024
رياضة.. يوم كنا نلعب بـ"الساطبول" (3)
تطورت، مع الزمن، كرتُنا. أصبحنا نجمع مالاً قليلاً من خرجيتنا ونشتري به كرة ليست كرة قدم نظامية بالتأكيد، وإنما هي حالة وسطى بين كرة السلة والكرة الطائرة، وكنا نسميها فاطبول المشتقة حتماً من الكلمة الإنكليزية (Football).. وقد أجرى عليها صديقنا "أبو الزين" تعديلاً غريباً إذ سماها الـ ساطبول، فكان مَن يلتقي بصديق له في السوق أو في المدرسة يسأله: ليش ما عم نشوفك؟ يرد عليه: والله مشغولين، عم نطلع أنا والشباب كل يوم بعد العصر عَ لعب الساطبول.
كان بعض الأصدقاء المهتمين أكثر من غيرهم بلعبة كرة القدم (الساطبول) يذهبون إلى البيدر الغربي في وقت القيلولة، غير آبهين بالحر الشديد وتوقف النسيم عن الهبوب، والطنين المتواصل لجوقة الصراصر المختبئة بين أغصان الزيتون والتين والرمان.. ويجمعون الحجارة التي تتخلل التراب، ويُخرجونها إلى الإطار الخارجي للملعب، ثم يبدأون بأخذ القياسات من أجل تهيئة الملعب، مستخدمين الـ (فَشْخة) أي الخطوة الواسعة التي يتقصد الفاشخُ أن يجعلها طويلة، لتساوي متراً، وبعد تحديد جهات المستطيل الأربع، بحسب القانون الدولي لكرة القدم الذي يعرفه صديقنا أبو عبدو أسعد، رحمه الله، ويرشون خطاً عرضه 15 سنتمتراً حتى يكتمل المستطيل.
وكانت تبقى في بعض مناطق الملعب صخور كبيرة وصلدة، لا يمكن إزاحتها إلا بالآلات الثقيلة، ولكنَّ مهيئي الملعب ينبهون اللاعبين إليها، ويحذرونهم من السقوط فوقها أثناء اللعب..
كنا نسمي هؤلاء الذين يقومون بتهيئة الملعب "المهندسين"، من باب المزاح طبعاً، وأحياناً نلقبهم (الخَمِيْسات).. نسبة إلى ابن بلدنا "خميس الأقْلَج" الذي كان يمتلك بستاناً صغيراً جنوبي البلدة، وهوايته الأساسية هي جمع الحجارة، وتكويمها في مكان ما من البستان، ثم نقلها على ظهر الجحش إلى حيث توجد الكسارة التي تُحَوِّل الحجارة إلى رمل أبيض، ويبيعها لصاحب الكسارة بثمن زهيد..
وبالنظر إلى أن هذه الحجارة مزعجة، وضارة بالأشجار المثمرة، فقد دعا أحدُ أصحاب البساتين المجاورة خميساً الأقلج، ذات مرة، لأخذ ما يشاء من حجارة بستانه، قائلاً: يا جاري خميس، الجار له على الجار، والرسول الكريم أوصانا بسابع جار.. وأنا بصراحة لا يمكنني أن أتبرع بحجارتي لشخص لا أعرفه، ولكن يسعدني أن أتبرع لك بها أنت، يا أحلى جار.
سُرَّ "خميس" لهذا العرض، وصار ينقي حجارة بستان جاره، بينما بلغ الجار قمة السعادة إذ أصبح بستانُه نظيفاً من الحجارة دون أن يدفع أجوراً لعمال يقومون بهذه المهمة الصعبة. ويوماً بعد يوم أصبح الجيران يتبرعون بحجارة كرومهم لخميس الأقلج بغية أن ينظفوها من الحجارة.. وبعد حوالي خمس عشرة سنة مات خميس الأقلج، وأصبحت البساتين في هذه المنطقة تباع بثمن أعلى من شبيهاتها الموجودة في أماكن أخرى، وكان سماسرة العقارات يزينون لزبائنهم شراءها فيقولون: هاي بساتين (خميسية) ما في حجرة واحدة!
كان بعض الأصدقاء المهتمين أكثر من غيرهم بلعبة كرة القدم (الساطبول) يذهبون إلى البيدر الغربي في وقت القيلولة، غير آبهين بالحر الشديد وتوقف النسيم عن الهبوب، والطنين المتواصل لجوقة الصراصر المختبئة بين أغصان الزيتون والتين والرمان.. ويجمعون الحجارة التي تتخلل التراب، ويُخرجونها إلى الإطار الخارجي للملعب، ثم يبدأون بأخذ القياسات من أجل تهيئة الملعب، مستخدمين الـ (فَشْخة) أي الخطوة الواسعة التي يتقصد الفاشخُ أن يجعلها طويلة، لتساوي متراً، وبعد تحديد جهات المستطيل الأربع، بحسب القانون الدولي لكرة القدم الذي يعرفه صديقنا أبو عبدو أسعد، رحمه الله، ويرشون خطاً عرضه 15 سنتمتراً حتى يكتمل المستطيل.
وكانت تبقى في بعض مناطق الملعب صخور كبيرة وصلدة، لا يمكن إزاحتها إلا بالآلات الثقيلة، ولكنَّ مهيئي الملعب ينبهون اللاعبين إليها، ويحذرونهم من السقوط فوقها أثناء اللعب..
كنا نسمي هؤلاء الذين يقومون بتهيئة الملعب "المهندسين"، من باب المزاح طبعاً، وأحياناً نلقبهم (الخَمِيْسات).. نسبة إلى ابن بلدنا "خميس الأقْلَج" الذي كان يمتلك بستاناً صغيراً جنوبي البلدة، وهوايته الأساسية هي جمع الحجارة، وتكويمها في مكان ما من البستان، ثم نقلها على ظهر الجحش إلى حيث توجد الكسارة التي تُحَوِّل الحجارة إلى رمل أبيض، ويبيعها لصاحب الكسارة بثمن زهيد..
وبالنظر إلى أن هذه الحجارة مزعجة، وضارة بالأشجار المثمرة، فقد دعا أحدُ أصحاب البساتين المجاورة خميساً الأقلج، ذات مرة، لأخذ ما يشاء من حجارة بستانه، قائلاً: يا جاري خميس، الجار له على الجار، والرسول الكريم أوصانا بسابع جار.. وأنا بصراحة لا يمكنني أن أتبرع بحجارتي لشخص لا أعرفه، ولكن يسعدني أن أتبرع لك بها أنت، يا أحلى جار.
سُرَّ "خميس" لهذا العرض، وصار ينقي حجارة بستان جاره، بينما بلغ الجار قمة السعادة إذ أصبح بستانُه نظيفاً من الحجارة دون أن يدفع أجوراً لعمال يقومون بهذه المهمة الصعبة. ويوماً بعد يوم أصبح الجيران يتبرعون بحجارة كرومهم لخميس الأقلج بغية أن ينظفوها من الحجارة.. وبعد حوالي خمس عشرة سنة مات خميس الأقلج، وأصبحت البساتين في هذه المنطقة تباع بثمن أعلى من شبيهاتها الموجودة في أماكن أخرى، وكان سماسرة العقارات يزينون لزبائنهم شراءها فيقولون: هاي بساتين (خميسية) ما في حجرة واحدة!