قهوة عربية بِهَيْل مونديالي
اتجهت أنظار العالم إلى الحدث الكروي الأعظم مساء يوم العشرين من شهر نوفمبر الماضي، وكانت قطر لأول مرة في الشرق الأوسط، الحضن الأدفأ والأجمل للعرس الكروي الذي أُقيم في ثماني تحف معمارية من الطراز الرفيع. تنوعت أفكار التنظيم التاريخي الذي عجز الإبداع عن وصفه خلال العشر سنين الماضية من افتتاح كان أشبه بعرض سينمائي إلى معارض تنقل الناس إلى عالم من الثقافة العربية وما بين لوحات زُينت بأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، وخيم مزودة بتقنيات تكنولوجية فريدة تسهّل العيش والتنقل، ولا ننسى المبادرات العربية من أهل قطر التي فاح عطرها في هذا المونديال التاريخي.
يحكي المواطن القطري عبد الرحمن المانع عن مبادرته الفريدة من نوعها خلال المونديال، التي تجلت في توزيع القهوة العربية والتمر على المشجعين والسياح الأجانب. عبد الرحمن مرخص ومعتمد من الفيفا في كأس العالم وخريج جامعات المملكة المتحدة البريطانية، بتخصص إنتاج الأفلام والتلفزيون.
يتحدث عبد الرحمن عن نفسه، قائلاً: "بكل بساطة أنا محب للمبادرات الجديدة من نوعها وسبّاق لها حيث ألامس فيها متعة لا مثيل لها وأحقق أهدافاً تروقني من خلالها". يكمل عبد الرحمن عن سبب اختياره لتوزيع القهوة العربية والتمر مبادرة في كأس العالم: "يتمثل السبب الأساسي في رمزية ودلالة القهوة العربية في المجالس القطرية، فكان لا بد من تعريف الناس بها من خلال تذوقها".
استطاع عبد الرحمن من خلال مبادرة بسيطة أن ينشر الثقافة العربية بين الزوار والمشجعين في الدوحة. فمذاق القهوة العربية شدّ لسان السياح للسؤال عن ثقافة الشعب القطري. لم تكتفِ هذه المبادرة بنشر ثقافة العرب، بل تميزت ولمعت بأشياء أخرى، فأتاحت الفرصة لسماع آراء مشجعي المنتخبات القادمين من شتى أنحاء العالم حول تنظيم قطر لكأس العالم، فقد انهال الزوار على قطر بالمديح نظير سهولة التنقل بين الملاعب والأمان والاستقرار في السكن والتعرف إلى ثقافات جديدة.
يقول المانع عن ردود الأفعال التي سمعها من الزوار: "كانت الردود الإيجابية من المشجعين والسياح الذين التقيتهم في أثناء المبادرة مثلجة للصدر، ويقول بعضهم إن تجربتهم في مونديال قطر فاقت توقعاتهم، أما بعضهم الآخر فأخبروني أنهم عاشوا أفضل أيام حياتهم في هذا المونديال عقب التنظيم الرائع الذي قامت به دولة قطر".
يكمن سبب اختيار سوق واقف موقعاً للمبادرة في حب السياح لهذا المكان التراثي وتجمعهم فيه. ومع نهاية المونديال، يعبّر المانع عن سعادته الغامرة بهذه المبادرة وبالنتائج التي حققتها وردود الأفعال الرائعة التي سمعها من الزوار خلال الشهر الماضي. كان يتمنى عبد الرحمن أن تطول فترة مكوث السياح في بلده، ولكن صافرة الحكم البولندي يوم الأحد الفائت أعلنت النهاية، وتُوّجت الأرجنتين بطلة للعالم، وحلّت الديوك الفرنسية ثانياً. وكانت البرونزية من نصيب وصيفي النسخة الماضية كرواتيا وزأرت أسود الأطلس وحققت التاريخ بوصولها إلى المربع الذهبي ومنافستها لكبار القارات.
يأمل عبد الرحمن ضيافة قطر لمناسبات رياضية عالمية أخرى مثل الأولمبياد وكأس آسيا وغيرها، لينفذ عديد المبادرات التي تجول في ذهنه، ويعزز الثقافة القطرية بين السياح الأجانب. ويؤمن عبد الرحمن بأن كأس العالم القطري هذا، حسب تسميته، سيُكتب بحروف من ذهب في صفحات تاريخ كأس العالم منذ نشأته، وهذا الإنجاز لا يُنسب إلى قطر فقط، بل إلى الوطن العربي كله.