لمن يبكي عبد الفتاح السيسي؟
هل ينزعج السيسي من التسريبات الخاصة بالعلاقة الخاصة بينه وبين إسرائيل؟
في الغالب، ليس الأمر في حاجة إلى مكالمات مسربة، أو وثائق سرية، تثبت حميمية ودفء العلاقة بين الطرفين، بل إن نظام القاهرة يبدو راضياً وسعيداً للغاية بكل نزوع إلى كشف المستور مما يدور بين القاهرة وتل أبيب.
لا يترك السيسي مناسبة إلا ويعلن فيها عن ولائه ومودته وإخلاصه، حتى أنه من الآن فصاعداً، جدير بك أن تنسى كل ما قرأته من قصص وحواديت تجسد نماذج الوفاء، بين الكائنات وبعضها، أو بين مخلوقات أخرى والإنسان.. لقد صار مضرب المثل الآن هو "وفاء السيسي لإسرائيل".
أزعم أن دهشة القادة الصهاينة، من حاتمية عطاء السيسي لكيانهم، تقترب من حدود الصدمة، ذلك أن ما يقدمه لهم يفوق العقل والمخيلة، معاً، ويتجاوز سقف الأحلام والتمنيات بكثير.
لو كانت إسرائيل امرأة، لما توقعت أن تكون حجم هدايا السيسي لها، في "الفلانتاين داي" بهذا السخاء والتدفق، حتى أنها، حتماً، ستشفق على ناقل رسائل الغرام، وحامل هداياه، السيد سامح شكري، من ضخامة المهمة الملقاة على عاتقه.
في مرات سابقة كنت أتصور أن عبد الفتاح السيسي يفعل ما يفعل، من أجل إسرائيل، مدفوعاً باعتبارات براغماتية، تجعله يسعى إلى التكسب بأي ثمن، غير أن تصاعد سخونة العلاقة بينهما نقل الموضوع من براغماتية إلى نوع من التماهي التام والانصهار العاطفي الكامل، كما يبين في حكاية تيران وصنافير، كما وردت في محادثات وزير خارجية السيسي مع الإسرائيليين، من واقع ما تسرب وأذيع منها.
مبكراً، وصف السفير الصهيوني بالقاهرة تطورات العلاقة، بأنها تعبر عن أحلى الأوقات بين الطرفين، وكما قال في صيف 2016 لوكالة أسوشييتد برس الأميركية: "هذا من أفضل أوقات التعاون بين مصر وإسرائيل.. هناك تعاون جيد بين الجيشين، ولدينا تفاهمات حول سيناء".
محتوى تسريب سامح شكري، وإسحاق مولخو، محامي نتنياهو، بشأن اتفاقية تيران وصنافير، يظهر بجلاء أن المسافة بين نظام السيسي وإسرائيل أقصر بكثير من المسافة بين النظام المصري والسعودية، فالرياض عند السيسي "زبون" بينما تل أبيب شريك ورفيق درب ومصير مشترك.
يمكن، والحال كذلك، قراءة دموع السيسي، سواء كانت صناعية أم طبيعية، في الندوة التثقيفية للقوات المسلحة، على أنها موجهة إلى إسرائيل، قبل أن تكون نوعاً من الابتزاز العاطفي للداخل، في واحدة من لحظات انكشافه التي لا تتوقف.
يرسل السيسي رسالة، بعلم الوصول، ومبللة بالدمع، إلى الإدارة الأميركية والكيان الصهيوني، مفادها: أنا على الدرب أمضي، وفقاً لما تشاؤون.. انا أنفذ سياسة اجتثاث، على غرار ما سعيتم إليه وحققتموه، بعد غزوكم للعراق وتدميره.. سوف أصنع لكم قوات مسلحة جديدة، اجتث منها كل أصحاب الاتجاهات السياسية والدينية، كما قام رجالكم في العراق المدمر بتنفيذ أوامركم باجتثاث البعث.
أنا أفعل كل شئ من أجلكم، كما طلبتم، لكنني أقاسي وأعاني، داخلياً وإقليمياً.
أنا أبكي .. ارحموا دموعي.