ما بعد اغتيال صالح العاروري
مساء أمس، قرّرت إسرائيل تشديد الخناق على حركة حماس بطريقة همجية ووحشية، حيث نفذت ضربة جوية استهدفت مكتبًا لحركة حماس في منطقة المشرفية السكنية بالضاحية الجنوبية للعاصمة اللبنانية بيروت.
تمّ الهجوم الإسرائيلي باستخدام طائرة مسيّرة استهدفت الاجتماع الذي كانت تعقده قيادات فلسطينية، ما أسفر عن استشهاد نائب رئيس حركة حماس الشيخ صالح العاروري، والذي كان يشغل دورًا مهمًا في صفوف الحركة الإسلامية.
هذا الهجوم الوحشي أثار تساؤلات واسعة حول دوافع إسرائيل من هذا التصعيد الجديد، وهل هو جزء من استراتيجية عسكرية تستهدف تفكيك الهيكل التنظيمي لحماس؟ أم هو رسالة إلى الفصائل الفلسطينية بأنّه لا يوجد شيء خارج نطاق الهجمات الإسرائيلية؟
يأتي هذا الهجوم في سياق تصاعد التوترات في المنطقة، مشيرًا إلى تصاعد الصراع الإسرائيلي الفلسطيني الذي امتدّ إلى الأراضي اللبنانية، مع تساؤلات عن الآثار المتوقعة لهذا التصعيد.
وعلى الرغم من ألمِ الفقد، إلا أنّ اغتيال الشهيد صالح العاروري لم يكن مفاجئًا، حتى للشهيد نفسه، حيث أطلق رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، تهديدات واضحة بالقضاء على قادة حماس، سواء داخل الحدود الفلسطينية أو حتى في الدول الأخرى. ومع ذلك، يُنتظر ردّ المقاومة اللبنانية، خاصة بعد تهديد حزب الله بعدم السماح بأيّة عملية اغتيال لأيّة قيادة عربية أو فلسطينية موجودة على الأراضي اللبنانية.
عدم رد حزب الله على اغتيال العاروري سيؤدي إلى فقدان الأخير لجميع أوراقه على الساحة اللبنانية والفلسطينية والعربية، بما يشجع إسرائيل على المزيد من عمليات الاغتيال والتصعيد في جنوب لبنان
في ظلّ هذه التطوّرات، يأتي التركيز على حزب الله بشكل متزايد، بما يغاير توقعات البعض بتوجيه الانتباه نحو حركة حماس، حيث إنّ الأخيرة لا تملك مليشيات مسلحة في بيروت، ووجود صالح العاروري في مكان يخضع لسيطرة حزب الله يجعل أيّ ردّ من الحزب ذا أهمية وتأثير، ويزيد حجم التساؤلات حول ما إذا كان حزب الله جاهزًا للرد والتصعيد في هذه المرحلة أم لا، خاصة مع استمرار التهديدات الإسرائيلية وتصاعد حدّة التوتر في المنطقة.
في هذا السياق، تتعامل المقاومة اللبنانية مع مسؤولية ثقيلة، حيث يعتبر ردّها على هذا العمل العدواني لحظة تاريخية تحدّد مجدّدًا مكانتها ودورها في المشهد الإقليمي وفي الشارع العربي. وإذا لم تكن المقاومة اللبنانية قادرة على الرد بفعالية على الهجوم، فإنها ستخسر الدعم والشعبية في الشارع العربي، ما يعني أنّ الرد السريع والمؤثر هو أمر حيوي للحفاظ على مكانتها، وحزب الله يجب أن يقوم بالردّ، خصوصًا بعد خطاب سابق للسيد حسن نصر الله، كان قد ترك العديد من علامات الاستفهام. كما أنّ عدم الرد سيؤدي إلى فقد حزب الله جميع أوراقه على الساحة اللبنانية والفلسطينية والعربية، بما يشجع إسرائيل على المزيد من عمليات الاغتيال والتصعيد في جنوب لبنان.
ختامًا، يظلّ حزب الله أمام قرار حاسم، إمّا الرد بقوة وبتحكّم، أو الاكتفاء بالاستنكار. هذا الخيار يحدّد لاحقًا مساره في مواجهة التحديات القادمة، وقد يكون الفصل الحاسم في تاريخ الحزب خصوصًا مع توفر إمكانية الردّ بنفس المسيّرات، وبنفس الأسلوب، وفي نفس التوقيت.