مختارات أخيرة وشكر واجب
ـ "كل أفكارنا مرتبطة بمصائبنا، إذا كنا نفهم بعض الأشياء فإن الفضل في ذلك يعود إلى انتكاس صحتنا، فقط".
إميل سيوران من كتاب (الخالق السيئ) ترجمة محمد علي اليوسفي
ـ "الحقيقة أن الطريقة الوحيدة للبقاء هي اللا مبالاة بالأشياء التي نكرهها والتي تزعجنا في البشر والعالم".
من رواية لا قديسون ولا ملائكة لـ إيفان كاليما، ترجمة إيمان حرز الله
ـ "الناس توّاقون للانتشاء.... أن تصبح حشداً يعني إبعاد الموت، أما الانفصال عن الحشد فيعني المجازفة بالموت كفرد، أن تواجه الموت وحيداً. تأتي الحشود لهذا السبب قبل جميع الأسباب الأخرى. كانوا هناك ليصبحوا حشداً".
من رواية (ضوضاء بيضاء) للأميركي دون ديليليو، ترجمة يزن الحاج
الحرية الحقيقية تحتمل إبداء كل رأي ونشر كل مذهب وترويج كل فكر. في البلاد الحرة قد يجاهر الإنسان بأن لا وطن له
ـ "نحن مع مرور الوقت، العيوب هي التي تشكلنا، لا المزايا"
من رواية (مسيرة الفيل) لـ جوزيه ساراماجو، ترجمة أحمد عبد اللطيف
ـ "لقد تزوجت للمرة الأولى في العشرينيات، الزواج الأول السيئ الذي تزوجه الكثيرون جدا، الزواج الأول السيئ مثل معسكر التدريب، لكن بعد ذلك قررت ألا أتزوج زواجا ثانيا سيئا أو ثالثا أو رابعا".
من رواية (الحيوان المحتضر) لـ فيليب روث، ترجمة مصطفى محمود
ـ "كم من الكتب أحببناها وشغفنا بها، ثم أعدناها ذات يوم إلى مؤلفيها".
عبد الفتاح كيليطو من كتاب (أتكلم جميع اللغات، لكن بالعربية)
ـ "كنت فاقداً صوابي بعض الشيء. تعرف كيف هو الحال، كيف تشعر بالرغبة في الاندفاع نحو أمر تعرف يقيناً أنه سيحدث، أياً يكن هذا الشيء. أظن أن العشاق والمنتحرين يعرفون جيداً هذا الإحساس".
من (موسيقى سوداء وقصص أخرى) لـ وليام فوكنر، ترجمة سامر أبو هواش
ـ "ثم تأتي بعد ذلك لحظة، يكون الرجل فيها قد قضى رغبته فجأة وبشكل كامل، ولا يتبقى عنده إلا شعور بقوة كلية، منفصلة متباعدة، وربما مزهوة بنفسها بعض الشيء، ولو لم يكن الرجل محبا لهذه المرأة بشكل حقيقي، فإنها تصبح في وضع ينتقص من قدرها انتقاصا هائلا، ويصبح لديه استعلاء مفاجئ ومستمر على شخص كان ندا له منذ برهة. وهذه القوة الكلية التي يشعر بها الرجل عادة ما تجعله قاسيا، مزهوا بنفسه، كما قلت. وكلما كان أكثر قسوة، صارت رفيقته أكثر ضعفا وانهزاما".
من رواية (بيرة في نادي البلياردو) لـ وجيه غالي، ترجمة إيمان مرسال وريم الريس
ـ "أعجب الأشياء هي التي لا يستطاع ذكرها وأعمق الذكريات لا يخلّد في شواهد".
من رواية (موبي ديك) لـ هيرمان ملفيل، ترجمة إحسان عباس
ـ "الحرية الحقيقية تحتمل إبداء كل رأي ونشر كل مذهب وترويج كل فكر. في البلاد الحرة قد يجاهر الإنسان بأن لا وطن له. ويطعن على شرائع قومه وآدابهم وعاداتهم ويهزأ بالمبادئ التي تقوم عليها حياتهم العائلية والاجتماعية، يقول ويكتب ما شاء الله في ذلك ولا يفكر أحد ـ ولو كان من ألد خصومه في الرأي ـ أن ينقص شيئا من احترامه لشخصه، متى كان قوله صادرا عن نية حسنة واعتقاد صحيح، كم من الزمن يمر على مصر قبل أن تبلغ هذه الدرجة من الحرية؟".
قاسم أمين
ـ "لم أكن ساحراً صرفاً، كنت أيضا بهلواناً، أتخطّر على امتداد حبلي العالي، مراوحاً كل يوم بين النشوة والألم، مستنبتاً اليقين أكثر فأكثر بأنني لن أقع".
من رواية (رجل في الظلام) لـ بول أوستر، ترجمة أحمد م أحمد
ـ "كل شيء في الصحراء ينهزم. الظمأ وحده لا يعترف بغير الغلبة ديناً، لكل شيء في الصحراء ترياق، الحرّ، القرّ، المرض، الجوع، الوجد، الحنين، حتى الحنين، حتى الحنين يصير له الوطن ترياقاً، إلا الظمأ فحسب بلا ترياق، لأن السماء التي تجود بماء الروح الذي يسميه دهاة القوم حرية، لا تستنزله إلا بصفقة تنال بها حرية الجسد الملقبّة باسم الماء في المقابل!"
إبراهيم الكوني من رواية (ناقة الله).
ـ "خيط دقيق، شبكة صيد، حكاية طويلة، كل الكتاب يغطسون في محيط الحكايات هذه، يقول سلمان رشدي. كلنا على مقربة شديدة من النقل. لا يشير الأمر إلى نسخ، بل إلى ترددات. إنها ليست الكلمات. إنها موسيقى النص. تبقى فينا إيقاعات، وتتعين في كلمات، لدينا الشعور، ونحن نستعيد قراءتها، بأننا استقينا من نص أصلي ليس لنا، بيد أن كل قصيدة مسألة نغم وإيقاع، وكل موسيقى ترتوي من موسيقات أخرى، إنها حكاية كبرى من الصخب والعنف، أليس كذلك يا فولكنر؟ هذه الكلمات استعرتَها من شكسبير، إنها درجات مختلفة في الانفصال، نعود إلى الكتاب المقدس وإلى المهابهاراتا، العود أبدي عند الهندوس، فلا شيء جديد، كل شيء مستعاد من جديد".
من رواية (الرجال الذين يحادثونني) لـ أناندا ديفي، ترجمة شربل داغر
ـ "الصبر كالكلب لو تعوّد عليك لما تركك إلا ميتاً"
محمد مستجاب من قصة (يوم مهم في حياة رجل نصف مهذب)
ـ "استهواني المبدأ الذي يتأسس عليه هيكل مواضيعه كلها، مبدأً واحداً متأصلاً يبث الحياة في أي جملة يقولها: رفض المواقف الرمادية، ضرورة تحديد المشاكل بدقة، افتراض حلول عملية، والسعي إلى التدخل عاجلاً...عبرت عن قلقي مرة واحدة حين انتقد الأدب "إن أرادوا أن يصبحوا باعة الرماد.. فليكتبوا روايات وأنا سأقرأها بكل سرور. أما إن أردنا أن نغير الاوضاع حقا فهذا شأن آخر". بدا لي أنه يستخدم كلمة أدب لينتقد أولئك الذين يصدعون الناس بالهذر التافه كما كان يسميه. على سبيل المثال أجابني عن اعتراض ضعيف هكذا: "الروايات الحماسية اللعينة يا لينو تصنع دون كيشوت نحن مع فائق احترامنا للدون كيشوت، لسنا في حاجة إليه في نابولي، هنا حيث مصارعة طواحين الهواء ليست سوى شجاعة مهدورة. نحن نحتاج إلى أشخاص يعرفون آلية عمل الطواحين ويجعلونها تعمل".
من رواية (صديقتي المذهلة) لـ إيلينا فيرانتيني الجزء الأول، ترجمة معاوية عبد المجيد.
ـ "انحدرنا نحو الأسفل وبين برهة وأخرى كان يلتفت إلى الوراء ممعناً النظر في أطلال لم أكن إلى ذلك الوقت أعرف عنها شيئاً. بعدها بيومين أجلسني بجانبه تحت شجرة كستناء، وحكى لي عن حسن الصباح وطائفة الحشاشين، قال إن لا شيء يبقى سوى الحكايات، تنتهي الذاكرة بموت صاحبها، وتظل الحكايات كذاكرة بديلة متوارثة".
منصورة عز الدين من رواية (جبل الزُمرّد).
ـ "عندما يقنعنا الاعتداد بالنفس، أو مداهنة الآخرين لنا بمكرٍ، بأننا شيءٌ يسمو على نوعنا، يأتي القبر ليدحض الإطراء ناعم البشرة، وبلسان الحقيقة الحاد يخبرنا بما نحن عليه"
روبرت بلير من قصيدة القبر نشرت عام 1743 ووردت في كتاب (قلق السعي إلى المكانة: الشعور بالرضا أو المهانة) لـ آلان دو بوتون، ترجمة محمد عبد النبي
....
تنويه وشكر واجب:
بهذه المختارات القريبة إلى القلب، أنهي اليوم رحلتي مع مدونة (الكشكول) التي استمرت ثلاثة أعوام ونصف. منذ أن بدأتها في يوليو 2018، لم أنقطع عن النشر فيها خمس مرات أسبوعياً من الأحد إلى الخميس. كانت مهمة شاقة لكنها كانت قريبة إلى النفس، وأعتز كثيراً بنتاجها الذي كان ينشر تحت أبواب متنوعة هي "في أحضان الكتب ـ أضغاث أفكار ـ الحكاية وما فيها ـ حول العالم في ثمانين سطرا ـ شفت لك ـ قصص نحيلة ـ إنهم يكتبونني ـ فيتامينات للذاكرة"، وأتمنى أن يكون القارئ المهتم قد وجد في مواد المدونة المتنوعة ما يفيده ويمتعه.
كنت قد بدأت رحلتي مع الكتابة الصحفية المنتظمة عام 1995 في مجلة (روز اليوسف) ثم في صحيفة (الدستور)، بعد أربع سنوات من التدريب الصحفي والنشر المتقطع الذي كان بعضه بأسماء مستعارة، وبعد إغلاق صحيفة (الدستور) في نهاية فبراير 1998، عملت ونشرت في صحف ومجلات (صباح الخير ـ الكواكب ـ المصور ـ الهلال ـ الاتحاد الإماراتية ـ الشرق الأوسط ـ الوسط اللندنية ـ لها ـ النقاد ـ وجهات نظر).
الناس توّاقون للانتشاء.... أن تصبح حشداً يعني إبعاد الموت، أما الانفصال عن الحشد فيعني المجازفة بالموت كفرد، أن تواجه الموت وحيداً
في نهاية الألفية الثانية، وبعد تجربتين قصيرتين ومريرتين ومهمتين في صحيفة (الجيل) التي شاركت في تأسيسها، وصحيفة (القاهرة) التي عملت محرراً عاماً لها، قررت في نهاية عام 1999 أن أترك الكتابة الصحفية وعزمت على ألا أعود إليها أبداً، متفرغاً للكتابة السينمائية والأدبية، لكنني في عام 2005 عدت للكتابة الصحفية بشكل أسبوعي، ولكن ككاتب رأي، فلم أكن أعتمد وقتها على الكتابة للصحف كمصدر دخل، ومنذ ذلك الوقت تعددت أشكال النشر في تجارب صحفية مختلفة: تجربة صحيفة (اضحك للدنيا) التي استمرت شهراً، صفحة (قلمين) الأسبوعية في صحيفة (الدستور) التي استمرت عامين، ثم عمود (قلمين) اليومي الذي استمر سبعة أشهر في عام 2007، زاوية (صُفِع في مصر) في مجلة (الشباب) التي تم إيقافها بعد خمسة أشهر فكان عمرها أطول من المقال الأسبوعي الذي تم الاتفاق على نشره في صحيفة (الأهرام) والذي استمر ثلاثة أسابيع فقط في عام 2006، عمود (اصطباحة) اليومي الذي بدأته في صحيفة (المصري اليوم) من 2008 إلى 2011، ثم واصلته لعدة أشهر في صحيفة (التحرير) وتوقف في نوفمبر 2011، تجربة صفحتي (المعصرة) التي قدمته في صحيفة (الشروق) في عامي 2012 و2013، وكذلك تجارب (بوكس) و(في أحضان الكتب) و(اصطباحة) التي قدمتها في نفس الصحيفة والتي انتهت في نهاية يناير 2014 بعد منع نشر مقال (الماريشال السياسي).
بعد منعي من الكتابة الدرامية عقب منع عرض مسلسل (أهل اسكندرية)، عادت الكتابة الصحفية لتكون مصدر رزق أعتمد عليه في الحياة، بالإضافة إلى تقديم البرامج التلفزيونية، ومنذ عام 2014 خضت تجارب متعددة ومتنوعة في صحف ومواقع الكترونية مثل (القدس العربي ـ مدى مصر ـ المدن ـ الفنار ـ الكويتية ـ يتفكرون ـ هنا صوتك ـ التقرير ـ كسرة ـ العربي الجديد ـ مدونات الجزيرة ـ الحب ثقافة ـ المنصة)، ليستقر المقام بعد ذلك في مدونة (الكشكول) ويطول أكثر مما تخيلت.
كنت أتمنى أن تستمر التجربة، لكنني أشعر الآن أنني بحاجة إلى التفرغ الكامل للكتابة الأدبية والفنية التي كان من الصعب التركيز فيها في ظل الالتزام بالنشر اليومي، ومن يدري؟ ربما يحدث ذلك مجدداً، فقد تعلمت عبثية اتخاذ قرارات صارمة حين تقرر أن تعيش ككاتب على باب الله، لذلك ربما أعود إلى استئناف النشر في (الكشكول) بعد عام أو أقل أو أكثر، وإلى أن يحدث ذلك أو إلى ألا يحدث، أتوجه بالشكر الجزيل للقائمين على مؤسسة فضاءات وصحيفة (العربي الجديد) الذين احتفوا بهذه المدونة وساندوها وتحملوها، وأخص بالذكر الزميلة العزيزة شهيرة سلوم.
أتوجه أيضاً بفيض من المحبة والشكر والتقدير للقراء الكرام الذين حرصوا برغم الحجب على متابعة ما كنت أنشره، وعبروا عن استمتاعهم به في رسائل جميلة تعني لي الكثير، ولم يحرمني كثير منهم من ملاحظاته وتصويباته، ومن أجل المحبة التي غمروني بها طول الوقت، سأحرص على العودة بالجديد والممتع، حين تتجدد الطاقة اللازمة للنشر المنتظم.
وختاماً: كل عام وأنتم ومن تحبونه في أفضل ظروف يمكن الحصول عليها في هذه الأيام التي ما يعلم بها إلا ربنا.