02 سبتمبر 2024
هزليات السياسة الأسدية (14)
قال أبو جهاد إن الأستاذ كمال يتعامل معنا في هذه السهرة كما الشخصُ الوحيد الذي يجيد العزف على العود في سهرة ما، والحاضرون يرجونه أن يعزف لهم، وهو يتدلل، وينشغل بدوزنة الأوتار، ويجعل الحاضرين المتحمسين للغناء والطرب يفقعون من شدة الغيظ الناجم عن طول الانتظار. وأضاف:
- الأستاذْ كمالْ وَعَدْنا إنه يحكي لْنا عن الرجلْ اللي راحْ عَ مركزْ الاستفتاءْ يوم تجديد الولاية لحافيييظ الأسد، ودَخَلْ عَ الغرفة السرية، وصارت معه مشكلة عويصة. وهلق كلما طالبناه بالقصة بيحكي لنا عن شي تاني.
قال كمال: الحق عليك إنته يا أبو جهاد. أنا كنتْ على وشكْ إحكي لكم القصة، لكنك ضربت لي مَتَلْ بعازفْ العودْ اللي بيدوزنْ الأوتارْ تَبَعْ عودُه.. كلامك خلاني إتذكرْ قصة صارتْ مع أحد المسؤولين في نظام حافيييظ. وطبعاً أنا راحْ إحكيها قبل قصة الغرفة السرية، لأن نحنْ في الأساسْ عم نحكي عن هزليات السياسة في عهد الأسدين الأب والوريث، وقصة دوزنة الأوتار بطبيعة الحال هزلية، يعني مناسبة للخط العام تبعنا.
قال أبو زاهر: ما اختلفنا يا أستاذ كمال، لاكنْ المسؤولين البهايم تبع نظام الأسد أيش علاقتهم بالموسيقا؟ الله وكيلكْ ما بيفهموا غيرْ بالاعتداءْ عَ مشاعر الناسْ وكرامة الناس، ولما الواحدْ منهم بيحكي مع أي إنسان بتلاقيه عم يستخدم كلمة مفتاحية اللي هيي (ولاه).. لما كنا في سجنْ تَدْمُرْ ما كنا نسمع غير: إمشي منيح ولاه حقير. وطي راسك ولاه كرّْ. دير وجهك ع الحيط ولاه أستاذ الكلب.
قال كمال: بصراحة بيني وبينك يا أبو زاهر ما في خلاف حول هالمسألة. وأنا بأكد أنهم بهايم وتافهين. أما القصة اللي كنت بدي أحكيها لأخونا أبو جهاد فهي التالية:
المركز الثقافي في إحدى المدن السورية في يوم من الأيام أحب إنه يحتفل برأس السنة الميلادية، فجابْ فرقة موسيقية ووزع بطاقات دعوة على المثقفين والمهتمين بالفن في هالمدينة. ومتلما جرت العادة؛ طلبوا من أحد أعضاء فرع الحزب إنه تصير الحفلة الموسيقية تحت رعايتُه.. هادا المسؤول، بالمناسبة، كان في الأصلْ سائق طرطيرة حَلْفَاوية (مصنوعة في بلدة حَلْفَايا بريف حماه)، وعينوه عضو فرع ليمثل عدة قطاعات اجتماعية، متل قطاع العمال، وقطاع صغار الكسبة، وقطاع النقل بالطرطيرات على الطرقات الزراعية.. ويمكن الآلة الموسيقية الوحيدة اللي استمع هالمسؤول لعزفها في حياته هيي الطنجرة!
قال أبو الجود: أنا بعترض ع كلامكم. عم تتهموا الرفيق عضو الفرع بأنه ما بيعرف غير العزف ع الطنجرة، مع إنه الطرطيرة لما بتكون ماشية بتطالعْ أصواتْ موسيقية، وعلى طول بتقول: طر طر طر.. لهيك سموها الطرطيرة. هاي مو موسيقا؟
قال كمال: المهم في الموضوع، الرجل لما صار موعد الحفلة لبس المسؤول الحلفاوي الطقم الكموني، وطلب من جاره اللي بيشتغل مدير ثانوية إنه يعقد له الكرافة، وضرب راسُه مشطين، وبَخّْ على حاله شوية عطر، وركب السيارة اللي خصص له ياها الفرع، وراح ع المركز الثقافي.. وكانت سيارة المرافقة ماشية قدامُه، ولما وصل الباب الخارجي للمركز الثقافي نزلوا المرافقين، وفتحوا له الطريق، لحد ما وصل الباب الداخلي، وبوقتها تجمعوا حواليه شوية منافقين، فاستغل هوي الفرصة وعَيَّشْ القائدْ حافييظ، وردوا وراه الناس، وهيك لحد ما وصل للكرسي المخصص إله، فجلس، وانصفوا حواليه الرفاق أمناء وأعضاء الشعب الحزبية من الجانبين. وبلا طول سيرة، انفتحت الستارة، وبلشوا عناصر الفرقة يدوزنوا أوتار الآلات تبعهم.. وهني، بصراحة، طَوَّلُوا شوي بالدوزنة، فانزعجْ الرفيق المناضل وأعطى إشارة لمدير المركز الثقافي إنه يقرب لعنده، فلما قرب قال له:
- هدولْ الكرارة ليش ما عم يدقُّوا ويغنوا؟
فقال له المدير: عم يدوزنوا الآلاتْ يا رفيق.
فرد عليه بغضب، وقال له: روح احكي معهم قل لهم يدقوا ويغنوا بالأول وبعدما تخلص الحفلة وينصرفوا هالناس يبقى بيدوزنوا!!
ضحك الحاضرون وقال أبو محمد: وهلق بقى بدك تحكي لنا عالرجل اللي فات ع الغرفة السرية.
قال كمال: حاضر. الرجل من بلدنا، اسمه "عامر". يا سيدي، بعدما سجلتْ لجنة الاستفتاء اسم عامر في السجلات، أخد ورقة الاستفتاء ودخل عَ الغرفة السرية، وعلى الفور استنفرت المفرزة الأمنية، وصاروا الموظفين يتبادلوا نظراتْ استغرابْ، وبعد شوي طلع، وأسقط الورقة ضمن الصندوق وطلع. طبعاً العناصر لحقوه لبرات المركز، وطوقوه، وكمشوه، ورَكَّبُوه في السيارة، وأخدوه ع الفرع. وهنيك بالفرع صارت شغلة غريبة أكتر.
قال أبو زاهر: أيش صار؟
قال كمال: لما ضربوا اسم عامر عَ الفيش الأمني، وفتحوا إضبارته، وجدوا إنه هوي عضو عامل في حزب البعث، ودائماً بيشاركْ في نشاطاتْ اتحادْ شبيبة الثورة، وبمعسكراتْ طلائعْ البعثْ، وفي مسيراتْ التأييدْ، وكان يشيل في المسيرات علم البعث، أو لافتة مبايعة، وفي حادثة مسجلة في إضبارته بتقول إنه في مرة كان ماشي في مسيرة تأييد وما لقى عَلَمْ يشيله، فتخانق مع واحد شايل علم، وصار يدفشُه لحتى وقع العلم من إيده، وشالُه هوي ومشي فيه.. المهم إنه دار بينه وبين الضابط رئيس قسم التحقيق الحوار التالي:
- الأستاذْ كمالْ وَعَدْنا إنه يحكي لْنا عن الرجلْ اللي راحْ عَ مركزْ الاستفتاءْ يوم تجديد الولاية لحافيييظ الأسد، ودَخَلْ عَ الغرفة السرية، وصارت معه مشكلة عويصة. وهلق كلما طالبناه بالقصة بيحكي لنا عن شي تاني.
قال كمال: الحق عليك إنته يا أبو جهاد. أنا كنتْ على وشكْ إحكي لكم القصة، لكنك ضربت لي مَتَلْ بعازفْ العودْ اللي بيدوزنْ الأوتارْ تَبَعْ عودُه.. كلامك خلاني إتذكرْ قصة صارتْ مع أحد المسؤولين في نظام حافيييظ. وطبعاً أنا راحْ إحكيها قبل قصة الغرفة السرية، لأن نحنْ في الأساسْ عم نحكي عن هزليات السياسة في عهد الأسدين الأب والوريث، وقصة دوزنة الأوتار بطبيعة الحال هزلية، يعني مناسبة للخط العام تبعنا.
قال أبو زاهر: ما اختلفنا يا أستاذ كمال، لاكنْ المسؤولين البهايم تبع نظام الأسد أيش علاقتهم بالموسيقا؟ الله وكيلكْ ما بيفهموا غيرْ بالاعتداءْ عَ مشاعر الناسْ وكرامة الناس، ولما الواحدْ منهم بيحكي مع أي إنسان بتلاقيه عم يستخدم كلمة مفتاحية اللي هيي (ولاه).. لما كنا في سجنْ تَدْمُرْ ما كنا نسمع غير: إمشي منيح ولاه حقير. وطي راسك ولاه كرّْ. دير وجهك ع الحيط ولاه أستاذ الكلب.
قال كمال: بصراحة بيني وبينك يا أبو زاهر ما في خلاف حول هالمسألة. وأنا بأكد أنهم بهايم وتافهين. أما القصة اللي كنت بدي أحكيها لأخونا أبو جهاد فهي التالية:
المركز الثقافي في إحدى المدن السورية في يوم من الأيام أحب إنه يحتفل برأس السنة الميلادية، فجابْ فرقة موسيقية ووزع بطاقات دعوة على المثقفين والمهتمين بالفن في هالمدينة. ومتلما جرت العادة؛ طلبوا من أحد أعضاء فرع الحزب إنه تصير الحفلة الموسيقية تحت رعايتُه.. هادا المسؤول، بالمناسبة، كان في الأصلْ سائق طرطيرة حَلْفَاوية (مصنوعة في بلدة حَلْفَايا بريف حماه)، وعينوه عضو فرع ليمثل عدة قطاعات اجتماعية، متل قطاع العمال، وقطاع صغار الكسبة، وقطاع النقل بالطرطيرات على الطرقات الزراعية.. ويمكن الآلة الموسيقية الوحيدة اللي استمع هالمسؤول لعزفها في حياته هيي الطنجرة!
قال أبو الجود: أنا بعترض ع كلامكم. عم تتهموا الرفيق عضو الفرع بأنه ما بيعرف غير العزف ع الطنجرة، مع إنه الطرطيرة لما بتكون ماشية بتطالعْ أصواتْ موسيقية، وعلى طول بتقول: طر طر طر.. لهيك سموها الطرطيرة. هاي مو موسيقا؟
قال كمال: المهم في الموضوع، الرجل لما صار موعد الحفلة لبس المسؤول الحلفاوي الطقم الكموني، وطلب من جاره اللي بيشتغل مدير ثانوية إنه يعقد له الكرافة، وضرب راسُه مشطين، وبَخّْ على حاله شوية عطر، وركب السيارة اللي خصص له ياها الفرع، وراح ع المركز الثقافي.. وكانت سيارة المرافقة ماشية قدامُه، ولما وصل الباب الخارجي للمركز الثقافي نزلوا المرافقين، وفتحوا له الطريق، لحد ما وصل الباب الداخلي، وبوقتها تجمعوا حواليه شوية منافقين، فاستغل هوي الفرصة وعَيَّشْ القائدْ حافييظ، وردوا وراه الناس، وهيك لحد ما وصل للكرسي المخصص إله، فجلس، وانصفوا حواليه الرفاق أمناء وأعضاء الشعب الحزبية من الجانبين. وبلا طول سيرة، انفتحت الستارة، وبلشوا عناصر الفرقة يدوزنوا أوتار الآلات تبعهم.. وهني، بصراحة، طَوَّلُوا شوي بالدوزنة، فانزعجْ الرفيق المناضل وأعطى إشارة لمدير المركز الثقافي إنه يقرب لعنده، فلما قرب قال له:
- هدولْ الكرارة ليش ما عم يدقُّوا ويغنوا؟
فقال له المدير: عم يدوزنوا الآلاتْ يا رفيق.
فرد عليه بغضب، وقال له: روح احكي معهم قل لهم يدقوا ويغنوا بالأول وبعدما تخلص الحفلة وينصرفوا هالناس يبقى بيدوزنوا!!
ضحك الحاضرون وقال أبو محمد: وهلق بقى بدك تحكي لنا عالرجل اللي فات ع الغرفة السرية.
قال كمال: حاضر. الرجل من بلدنا، اسمه "عامر". يا سيدي، بعدما سجلتْ لجنة الاستفتاء اسم عامر في السجلات، أخد ورقة الاستفتاء ودخل عَ الغرفة السرية، وعلى الفور استنفرت المفرزة الأمنية، وصاروا الموظفين يتبادلوا نظراتْ استغرابْ، وبعد شوي طلع، وأسقط الورقة ضمن الصندوق وطلع. طبعاً العناصر لحقوه لبرات المركز، وطوقوه، وكمشوه، ورَكَّبُوه في السيارة، وأخدوه ع الفرع. وهنيك بالفرع صارت شغلة غريبة أكتر.
قال أبو زاهر: أيش صار؟
قال كمال: لما ضربوا اسم عامر عَ الفيش الأمني، وفتحوا إضبارته، وجدوا إنه هوي عضو عامل في حزب البعث، ودائماً بيشاركْ في نشاطاتْ اتحادْ شبيبة الثورة، وبمعسكراتْ طلائعْ البعثْ، وفي مسيراتْ التأييدْ، وكان يشيل في المسيرات علم البعث، أو لافتة مبايعة، وفي حادثة مسجلة في إضبارته بتقول إنه في مرة كان ماشي في مسيرة تأييد وما لقى عَلَمْ يشيله، فتخانق مع واحد شايل علم، وصار يدفشُه لحتى وقع العلم من إيده، وشالُه هوي ومشي فيه.. المهم إنه دار بينه وبين الضابط رئيس قسم التحقيق الحوار التالي:
الضابط: ليش ما وافقت ع السيد الرئيس ولاك حيوان؟
عامر: مين قال إني ما وافقت؟ قسماً بشرفي إني وافقت.
الضابط: لكان ليش دخلت ع الغرفة السرية يا سرسري؟
عامر: يا سيدي، في كل دول العالم بيدخلوا الناس ع الغرفة السرية وبيكتبوا اسم الشخص اللي بيمليه عليهم ضميرهم.
الضابط: هه هه. والله مبين عليك مْفَلْسَفْ وأكال هوا نظامي. ومين بقى هالشخص اللي ضميرك أملى عليك اسمه؟
عامر: ومين غيره؟ السيد الرئيس حافظ الأسد طبعاً.
وللاختصار في الأخد والرد طَلَبْ الضابط من العناصر إنهم يحتجزوا عامر لبينما يتم جرد محتويات صندوق المركز اللي هوي استفتى فيه.. وقال له:
- بشرفي إذا بتطلع ورقة وحدة في هالمركز مكتوبْ عليها (غير موافق) لحتى إنقعك هون عندي ليوم القيامة!
عامر: مين قال إني ما وافقت؟ قسماً بشرفي إني وافقت.
الضابط: لكان ليش دخلت ع الغرفة السرية يا سرسري؟
عامر: يا سيدي، في كل دول العالم بيدخلوا الناس ع الغرفة السرية وبيكتبوا اسم الشخص اللي بيمليه عليهم ضميرهم.
الضابط: هه هه. والله مبين عليك مْفَلْسَفْ وأكال هوا نظامي. ومين بقى هالشخص اللي ضميرك أملى عليك اسمه؟
عامر: ومين غيره؟ السيد الرئيس حافظ الأسد طبعاً.
وللاختصار في الأخد والرد طَلَبْ الضابط من العناصر إنهم يحتجزوا عامر لبينما يتم جرد محتويات صندوق المركز اللي هوي استفتى فيه.. وقال له:
- بشرفي إذا بتطلع ورقة وحدة في هالمركز مكتوبْ عليها (غير موافق) لحتى إنقعك هون عندي ليوم القيامة!