هكذا اتضحت الصورة!
"بالطريق إلى جنين.. سأوافيكم بالتفاصيل فور اتضاح الصورة".. هذه كانت آخر رسائل الزميلة الشهيدة شيرين أبو عاقلة خلال طريقها إلى مدينة جنين لتغطية الأحداث، ولم تكن تعلم أنها ستكون هي الحدث.
طوال 27 عاماً وهي توثق جرائم الاحتلال الصهيوني ضد شعبنا الفلسطيني، الذي لا يتوانى عن إطاحة الفلسطينيين ليبقى هو.. هو فقط على الأرض.
ولدت شيرين أبو عاقلة في يناير/كانون الثاني عام 1971 في القدس، وتخرجت من مدرسة راهبات الوردية في بيت حنينا في مدينة القدس، وتحمل الجنسية الأميركية. درست الهندسة المعمارية والإعلام فيما بعد، وعملت لدى عدد من المؤسسات الإعلامية، وآخرها قناة الجزيرة.
شيرين أبو عاقلة التي ترعرعنا على صوتها وصورتها على الشاشة الصغيرة، ونتابع من خلالها تطورات الأحداث في الأراضي الفلسطينية المحتلة، حاملة روحها وفانية حياتها من أجل القضية، كبرنا على حلم أن نبقى مثلها بيوم من الأيام والتحقنا بكلية الإعلام لنتعلم ونرسل رسائل الوطن المحتل ونوثق جرائم الاحتلال المستمر على شعبنا الفلسطيني، بالصورة والكلمة والصوت والقلم، بكل ما نملك اخترنا هذه المهنة الصعبة ليعلم العالم ما يحدث بفلسطين.
وهي كذلك؛ شيرين اختارت الصحافة لكي تكون قريبة من الإنسان، ومن كلماتها: "اخترت الصحافة كي أكون قريبة من الإنسان، ليس سهلاً أن أغير الواقع، لكنني على الأقل كنت قادرة على إيصال ذلك الصوت إلى العالم، أنا شيرين أبو عاقلة".
إعدام ميداني موثق بالصوت والصورة والجاني يريد أن يشارك في التحقيق!
"كانت معكم شيرين ابو عاقلة من فلسطين المحتلة"
جملة اعتدنا سماعها طوال السنين الماضية بنهاية كل رسالة تُطلُ بها من خلال شاشة قناة الجزيرة، واليوم سنفتقدها كثيراً، بعدما رحلت شيرين ولكن صوتها سيظل بقلوبنا ويلاحق الاحتلال الصهيوني.
عاشت عمرها كله توثق جرائم المحتل ضد شعبها الفلسطيني، لتتحول هي نفسها اليوم بذاتها بجسدها ودمها ولحمها لأهم وثيقة تدون بالصوت والصورة وحشية وجبن هذا المحتل المختل القاتل، وكأنها أبت أن تسقط دون أن تدينه وتفضحه علناً نهاراً جهاراً.
شهد العالم تفاصيل اغتيال الصحافية الشهيدة شيرين أبو عاقلة وخرجوا جميعاً بالإدانة ومطالبات بفتح تحقيق لكشف ملابسات وحقيقة اغتيالها، وتوجهت حكومة الاحتلال بنفي محاولة الاغتيال ووصفها بأنها كانت تعمل في موقع اشتباكات، ولم تكن مقصودة وقتلها جاء من طريق الخطأ، وطالب الاحتلال بمشاركة التحقيق من السلطة الفلسطينية وطالبت بالرصاصة التي قتلت شيرين، إنهم لا يريدون كشف الحقيقة؛ هم يريدون طمس الحقيقة، يريدون الحصول على الدليل لنفيه أو استبداله بدليل آخر ينفي ارتكابهم للجريمة.
بدوره، أكد رئيس الوزراء الفلسطيني، محمد اشتية، أن "استشهاد الصحافية شيرين أبو عاقلة مفصل مهم"، محملاً إسرائيل كامل المسؤولية، وقال: "سنجري تحقيقاً منفرداً بمقتل شيرين ونرسل نسخاً من الملف للجنائية الدولية".
إعدام ميداني موثق بالصوت والصورة، والجاني يريد أن يشارك في التحقيق!.
أسكتوا صوت شيرين أبو عاقلة، ولكنهم غير قادرين على إسكات آلاف الأصوات، ليس فقط الفلسطينية، ولكن العالمية، التي لن تصمت، وسنطالب بحق شيرين وحق فلسطين، ونطالب بالقصاص لصوت فلسطين.
سأختم بكلمات امرأة فلسطينية تُدعى أم أحمد فريحان من مخيم جنين في رثاء أيقونة صوت الحق شيرين أبو عاقلة:
من جنين الأبية طلعت شمعة مضوية..
يا شباب لا تروحوا هي شيرين ضحت بروحها..
قولوا الله قولوا الله.. هي شيرين مو حيالله..