02 سبتمبر 2024
يوم بكى مدير المدرسة من خشية المخابرات
لاقى موضوع الفرجة الذي طرحه الأستاذ كمال في إحدى جلسات "الإمتاع والمؤانسة" اهتماماً كبيراً من قِبَل السامرين. وقد فسر كمال ذلك بقوله إن الفرجة على حدث يشترك فيه كثير من الناس يفيد الإنسان بقطع روتين حياته اليومية المملة..
وأكد أبو زاهر على أن الاحتفالات العامة تُسلي وتقطع روتين الحياة اليومية حينما يكون لها علاقة بالفن أو بالأفراح، وضرب مثلاً ببعض الفرق المسرحية الجوالة التي كانت تأتي إلى بلدتنا الصغيرة في قديم الزمان، وقال إنه وعلى الرغم من سذاجة تلك العروض وبدائيتها كان معظم أهل البلدة يخرجون، وكل واحد منهم يبحث عن مكان مرتفع قليلاً عن الأرض ليقف عليه بحيث يرى ما يجري بوضوح.
قال أبو إبراهيم إنه فهم المغزى الذي قصده أبو زاهر، وهو أن خروج الناس إلى الشوارع في وقت واحد لا يكون دائماً لأجل الفرجة على نشاطات مسلية، وإنما يخرج الناس -في بعض الأحيان- غصباً عنهم، من أجل تقديم التحية للديكتاتور الذي يقتل بعض أبنائهم، ويسوق بعضَهم الآخر إلى سجون حقيرة يمضون فيها قسماً كبيراً من حياتهم، ويجبر قسماً ثالثاً منهم على الهروب من البلاد والإقامة في بلاد أخرى بصفة لاجئين..
قال أبو عمار الذي كان يسهر معنا للمرة الأولى: إذا بتسمحوا لي أنا عندي توضيحْ. من وجهة نظري إنُّه كل تجمع بشري بتحصلْ فيه أشياءْ ظريفة وطريفة، سواء كان اختياري أو إجباري. مثلاً، أنا كنتْ مُدَرّسْ في إحدى ثانوياتْ مدينة إدلب، وكانت تصير أشياء بتستحق الفرجة، قَبْلْ المَسِيْرَة وبعدها.
دهش أبو محمد الذي لا يعرف أي شيء عن هذه الأمور لأنه أمضى جُلَّ سِنِيِّ حياته في التجارة والسفر، وقال: متل أيش هالأشياء اللي بتستحق الفرجة؟
قال أبو عمار: كانْ مديرْ المدرسة يجمعنا نحن المدرسينْ والإداريينْ في مَكْتَبُه قبل أيامْ من قدومْ المناسبة القومية. مثلاً، في مناسبة عيد ميلاد حزب البعث اللي بتصادف يوم السابع من نيسان، كان يحكي لنا عن الأهمية التاريخية لهذا الميلاد اللي بيصادفْ مع قدوم الربيع الطلق الذي يختال ضاحكاً، والطبيعة تكتسي فيه بساطاً سندسياً، والعنادل تزقزق والسنونو تهاجر.. وبيبقى بيحكي من هالحكي الفاضي لحد ما يوصل بحديثُه لشهر تشرين الثاني نوفمبر حيث أرسلْ لنا الله جل جلاله قائد تاريخي عظيم اسمُه حافييظ الأسد، هالقائدْ اللي بتحسدنا عليه كل الأممْ والشعوبْ، لأنه عَمْ ياخدْنا من نصر إلى نصر، لذا.. قررت القيادة القطرية لحزب البعث العربي الاشتراكي أن تنطلقْ يوم الأحد القادم (بعد خمسة أيام!!!) مَسيرة جماهيرية (عفوية) لتأييد هذا القائد.. إلى آخره.
توقف أبو عمار عن الكلام لحظة، ثم أوضح: هونْ في عندنا نقاطْ عديدة. أول نقطة إنه المسيرة "عفوية"، ومطلوب تنفيذْها بقرار من القيادة قبل خمسة أيام. النقطة التانية إنه الاحتفال بميلاد البعث وكل المناسبات الأخرى كان يتحول للاحتفال بشخصية الديكتاتور حافييظ..
والنقطة التالتة بتتعلق بشخصية المدير تبعنا، اللي كان يبقى مشدودْ ومتوترْ من قَبْلْ المسيرة بخمسة أيام لبعدها بخمس أيام. وكان يلجأ لأسلوب الترهيب، ويعمل حالُه بَرِيءْ من العواقب اللي ممكن تحصل لو واحدْ منا سولتْ لُه نفسُه يغيب عن المسيرة (العفوية) أو يهرب منها، أو يتكاسلْ، أو يتباطأْ، ولما بتطلع المسيرة (العفوية)، في موعدْها المحدد إن شاء الله، وبتبلشْ تسيرْ في شوارع المدينة، الله يكونْ في عونْ الزميلْ اللي بيظهرْ أنه طالعْ فيها فَضّْ عَتَبْ، أو كَسْر فتنة، والمفروض بالمواطنْ الصالحْ، وبالأخص المدرس الفهيم المثقف حامل الشهادات العليا، إنه ما يمشي ويلولحْ بيديه، وإنما لازم يحملْ صورة للقائد، أو شي لافتة، تشيد بعظمتُه وإنجازاتُه، وإذا مر من جانب الطبل والزمرْ أيش يمنع أنه يدبكْ ويعيّشْ ويهتُفْ؟ وبعدما ينهي مديرنا خطبتُه كانت عيونُه تغرغرْ بالدمع ويقول بصوت واطي: يا شباب الله يستر عليكم استرونا، وإنتوا بتعرفوا في يوم المسيرة بيكونوا رفاقْنا من فروعْ الأمنْ متغلغلينْ بين الناس، وعم يسجلوا ملاحظاتهم على كل الدوائر الرسمية والمدارس المشاركة في المسيرة.. وفوق كل هاد، صاروا الرفاق في الحزب والأمن في الفترة الأخيرة يروحوا ع المركز الإذاعي والتلفزيوني، ويراجعوا أشرطة الفيديو اللي بتحتوي على تفاصيل المسيرة، وكل إنسان بيتقاعسْ، وما بيعبر بشكل حقيقي عن فرحُه بالأب القائد عم يروح إسمُه إلى مدير التربية بكتاب سري، وعم تنحط إشارة حمرا جنب اسم الزميل، وإسم مدرستُه، وإسم مدير مدرستُه.. إنتوا بترضوها إنه ثانويتنا الغالية على قلوبنا تنكتب بحقها تقارير؟
وأكد أبو زاهر على أن الاحتفالات العامة تُسلي وتقطع روتين الحياة اليومية حينما يكون لها علاقة بالفن أو بالأفراح، وضرب مثلاً ببعض الفرق المسرحية الجوالة التي كانت تأتي إلى بلدتنا الصغيرة في قديم الزمان، وقال إنه وعلى الرغم من سذاجة تلك العروض وبدائيتها كان معظم أهل البلدة يخرجون، وكل واحد منهم يبحث عن مكان مرتفع قليلاً عن الأرض ليقف عليه بحيث يرى ما يجري بوضوح.
قال أبو إبراهيم إنه فهم المغزى الذي قصده أبو زاهر، وهو أن خروج الناس إلى الشوارع في وقت واحد لا يكون دائماً لأجل الفرجة على نشاطات مسلية، وإنما يخرج الناس -في بعض الأحيان- غصباً عنهم، من أجل تقديم التحية للديكتاتور الذي يقتل بعض أبنائهم، ويسوق بعضَهم الآخر إلى سجون حقيرة يمضون فيها قسماً كبيراً من حياتهم، ويجبر قسماً ثالثاً منهم على الهروب من البلاد والإقامة في بلاد أخرى بصفة لاجئين..
قال أبو عمار الذي كان يسهر معنا للمرة الأولى: إذا بتسمحوا لي أنا عندي توضيحْ. من وجهة نظري إنُّه كل تجمع بشري بتحصلْ فيه أشياءْ ظريفة وطريفة، سواء كان اختياري أو إجباري. مثلاً، أنا كنتْ مُدَرّسْ في إحدى ثانوياتْ مدينة إدلب، وكانت تصير أشياء بتستحق الفرجة، قَبْلْ المَسِيْرَة وبعدها.
دهش أبو محمد الذي لا يعرف أي شيء عن هذه الأمور لأنه أمضى جُلَّ سِنِيِّ حياته في التجارة والسفر، وقال: متل أيش هالأشياء اللي بتستحق الفرجة؟
قال أبو عمار: كانْ مديرْ المدرسة يجمعنا نحن المدرسينْ والإداريينْ في مَكْتَبُه قبل أيامْ من قدومْ المناسبة القومية. مثلاً، في مناسبة عيد ميلاد حزب البعث اللي بتصادف يوم السابع من نيسان، كان يحكي لنا عن الأهمية التاريخية لهذا الميلاد اللي بيصادفْ مع قدوم الربيع الطلق الذي يختال ضاحكاً، والطبيعة تكتسي فيه بساطاً سندسياً، والعنادل تزقزق والسنونو تهاجر.. وبيبقى بيحكي من هالحكي الفاضي لحد ما يوصل بحديثُه لشهر تشرين الثاني نوفمبر حيث أرسلْ لنا الله جل جلاله قائد تاريخي عظيم اسمُه حافييظ الأسد، هالقائدْ اللي بتحسدنا عليه كل الأممْ والشعوبْ، لأنه عَمْ ياخدْنا من نصر إلى نصر، لذا.. قررت القيادة القطرية لحزب البعث العربي الاشتراكي أن تنطلقْ يوم الأحد القادم (بعد خمسة أيام!!!) مَسيرة جماهيرية (عفوية) لتأييد هذا القائد.. إلى آخره.
توقف أبو عمار عن الكلام لحظة، ثم أوضح: هونْ في عندنا نقاطْ عديدة. أول نقطة إنه المسيرة "عفوية"، ومطلوب تنفيذْها بقرار من القيادة قبل خمسة أيام. النقطة التانية إنه الاحتفال بميلاد البعث وكل المناسبات الأخرى كان يتحول للاحتفال بشخصية الديكتاتور حافييظ..
والنقطة التالتة بتتعلق بشخصية المدير تبعنا، اللي كان يبقى مشدودْ ومتوترْ من قَبْلْ المسيرة بخمسة أيام لبعدها بخمس أيام. وكان يلجأ لأسلوب الترهيب، ويعمل حالُه بَرِيءْ من العواقب اللي ممكن تحصل لو واحدْ منا سولتْ لُه نفسُه يغيب عن المسيرة (العفوية) أو يهرب منها، أو يتكاسلْ، أو يتباطأْ، ولما بتطلع المسيرة (العفوية)، في موعدْها المحدد إن شاء الله، وبتبلشْ تسيرْ في شوارع المدينة، الله يكونْ في عونْ الزميلْ اللي بيظهرْ أنه طالعْ فيها فَضّْ عَتَبْ، أو كَسْر فتنة، والمفروض بالمواطنْ الصالحْ، وبالأخص المدرس الفهيم المثقف حامل الشهادات العليا، إنه ما يمشي ويلولحْ بيديه، وإنما لازم يحملْ صورة للقائد، أو شي لافتة، تشيد بعظمتُه وإنجازاتُه، وإذا مر من جانب الطبل والزمرْ أيش يمنع أنه يدبكْ ويعيّشْ ويهتُفْ؟ وبعدما ينهي مديرنا خطبتُه كانت عيونُه تغرغرْ بالدمع ويقول بصوت واطي: يا شباب الله يستر عليكم استرونا، وإنتوا بتعرفوا في يوم المسيرة بيكونوا رفاقْنا من فروعْ الأمنْ متغلغلينْ بين الناس، وعم يسجلوا ملاحظاتهم على كل الدوائر الرسمية والمدارس المشاركة في المسيرة.. وفوق كل هاد، صاروا الرفاق في الحزب والأمن في الفترة الأخيرة يروحوا ع المركز الإذاعي والتلفزيوني، ويراجعوا أشرطة الفيديو اللي بتحتوي على تفاصيل المسيرة، وكل إنسان بيتقاعسْ، وما بيعبر بشكل حقيقي عن فرحُه بالأب القائد عم يروح إسمُه إلى مدير التربية بكتاب سري، وعم تنحط إشارة حمرا جنب اسم الزميل، وإسم مدرستُه، وإسم مدير مدرستُه.. إنتوا بترضوها إنه ثانويتنا الغالية على قلوبنا تنكتب بحقها تقارير؟
وينفلت بالبكاء!