الأسد العظيم وأوباما الحقير
لا ريب في أن القنوات الفضائية السورية هي الأكثر إبداعاً وظرافة وطرافة من القنوات الفضائية الناطقة بالعربية كلها، من دون استثناء..
فعلى ما يبدو أن إدارة التلفزيون العربي السوري قد أدركت أن الجماهير السورية، (ومعها الجماهير العربية) ملت من الظهور المتواتر للمحلل الاستراتيجي العابس السيد شريف شحادة على القنوات المُغرضة، ومن الكليشة الجاهزة التي يكررها حينما تلتقيه غادة عويس على قناة "الجزيرة" (مساء الخير لك، سيدتي، وللسادة المشاهدين) وكأنها، أعني هذه الإدارة، ما عادت ترى شيئاً مميزاً في إطلالة ناصر قنديل ذي الاكتشافات العجيبة وأهمها أن الرئيس بشار الأسد اليوم يشبه جمال عبد الناصر عشية انتصاره على (جماعة العدوان الثلاثي) أميركا وبريطانيا وإسرائيل، مجتمعين! بل وأقوى!!.
لذلك، فهي تسعى دائماً للتنويع، وتقديم أفضل ما عندها من إبداعات ومفاجآت لهذه الجماهير.
من هذه المفاجآت التي أتحفتنا بها "الإخبارية السورية" خلال الشهور الأخيرة رجلٌ من جزائر الخير، جزائر العروبة والمليون شهيد، جزائر الـ (قسماً بالنازلات الماحقات)، هو البروفيسور يحيى أبو زكريا. إنه رجل أقرب ما يكون إلى فرحة القلب الحزين، تراه جالساً على الكرسي في استوديو الفضائية لا كما يجلس الآخرون الذين يعتقدون بصحة المثل القائل (الحجر في مطرحه قنطار) بل يقف بطريقة العصفور الدوري المرح الذي يدركُ أن زقزقته جميلة، محببة، فيُكثر منها.
كان يحيى أبو زكريا، قبل أن يأتي إلى فضائيتنا، يترغل كاليمامة (الستيتية) على قناة الكوثر، ويتحدث عن اكتشافاته الرهيبة المتعلقة بسر عبقرية الرئيس الدكتور بشار الأسد ألا وهي أنه ابن ذلك القائد العربي الكبير حافظ الأسد، فهل يعقل أن يُخَلِّفَ القائدُ الكبيرُ قائداً صغيراً، صعلوكاً، زمكّاً؟ مستحيل يا حبيبي مستحيل.
يذكرنا اسم السيد "أبو زكريا" بـ "عديَّات" أطفال حلب الذين يستهدفهم الأسد العبقري الابن اليوم ببراميله، فحينما يتحدث عن الرئيس الأميركي باراك أوباما، تتخيله وهو يركض، أو يتدعبل، حول قلعة حلب في الطقس الماطر ويغني (يا ربي تصحيَّا- ما تخلي غيمة فيَّا- لا من الشرق ولا من الغرب- ولا من جامع زكريَّا)، ويصف تصرفات أوباما حيال سوريا بأنها تصرفات حقيرة،... ثم يغضب فجأة ويلتفت نحو الكاميرا، كأنه يريد أن يقول للسادة المشاهدين الأعزاء (حاشاكم) ويهتف:
أنت، يا أوباما، يا حقير أميركا، ألا تخجل على نفسك حينما تتآمر على سورية وقائد سورية يا حقير؟..
إن حديث السيد البروفيسور يحيى أبو زكريا عبارة عن سلسلة غير متناهية من الاكتشافات المدهشة، ولكن أكثرها ألمعية وإدهاشاً، في الحقيقة، إثنان، الأول: هو قوله بأن الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي انتسب إلى المخابرات الأميركية في سنة 1982، وقد ضحت به أميركا في سنة 2011، مع أنه رَجُلُها، وأجيرُها، وخادمُها،.. لماذا؟ لأنها أرادت أن تشتعل المنطقة العربية!.. والمنطقة كلها- برأي البروفيسور يحيى- غير ذات أهمية، فالمهم لديها، أي أميركا، أن يصل الحريق إلى سورية، فلولا سورية ما هدف أميركا من هذه القصة كلها؟!
والاكتشاف الثاني هو أن إسرائيل الدولة العبرية (الحقيرة هي الأخرى مثل أوباما) ستزول، ونحن (قال يحيى: نحن) سنزيلها إن عاجلاً أو آجلاً، وقد كانت إزالتُها قاب قوسين أو أدنى، لو لم يطلع أوباما الحقير عاقلاً ويكف عن التآمر على سورية!. فلولا ذلك لزالت إسرائيل في العجل.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من مقالات 2014