الفتى الأهبل نبيه الكذاب الظريف
هذا الكلام صحيح، منطقيّاً، فيما يتعلّق بالأطفال الأسوياء، وأمّا صاحبنا المجنون المهستر "نبيه" الذي يعيش عمر الطفولة وهو بحجمِ بعيرٍ مُكتمَل، فإنه لا يخاف من تسديد بندقية باتجاه عينه! وأهله لا يعاقبونه على أي سلوك يرتكبه لأنّهم يعرفون حقّ المعرفة أن العقوبة لا تنفع مع مَن فقدَ عقله ونباهته وأخلاقه دفعة واحدة. ومع ذلك فهو كذاب أشرّ، حينما تجود معه القريحة يفرم عشرين كذبة في الدقيقة، يفرمها وهو واقف على ساق واحدة، ومن دون أن يرفَّ له جفن.
إذن، لقد نزلت أم أحمد عن السقيفة وأسعفها أبو أحمد بكأس بابونج، وغطاها ببطانية تعويضاً لها عما لحق بها من البرد على السقيفة الرطبة، ثم التفت إلى "نبيه" الذي لم يظهر على وجهه الشرس أي نوع من أنواع الندم أو تبكيت الضمير، وقال له:
- ولاك حيوان، ليش خليت أمك تطلع على السقيفة وأبعدت السلم عن الحائط؟
فقال نبيه: كذابة! أنا لم أطلب منها أن تطلع على السقيفة. هي اليوم ما هي مصلاية على النبي، طول النهار وهي تنط ولا تحط!
قال أبو أحمد وقد امتلأ بالغيظ والاستغراب:
- يخرب بيتك، كذاب، المسكينة أمك معها دوالي في الساقين، والعِرْق الأنسر، وديسك في عمودها الفقري، وحينما تمشي تسحل رجليها سحلاً، كيف بدها تنط وما تحط يا حيوان؟
قال نبيه:
- بلى، كانت تنط، ورفيقاتها أم أحمد، وأم علي، والسيدة مهيبة، جئن لزيارتها، وكلهن- ما شاء الله كان- لهنَّ هواية بلعبة "الهيلا هوب"، والنط على الحبلة و"العصّمينه".. كانت كل واحدة منهن تسند يديها على ظهر رفيقتها وتقفز إلى الطرف الآخر، وفي نهاية اللعبة قالت لهن السيدة مهيبة: لنلعب بالطميمة! فهربت أمي من بينهن وركضت إلى السقيفة، وعلقت إيديها بطرف السقيفة، ونطت نطة كبيرة، وفي دقيقة واحدة صارت فوق، ولما سألتها أنا: لماذا طلعت لفوق يا أمي؟ قالت لي: هس ولاك "نبيه"، أنا طلعت لفوق حتى ما تعرف السيدة مهيبة أين اختبأت!
رفعت أم أحمد البطانية من فوق جسدها المتعب وقالت لزوجها بعصبية:
- أبو أحمد، أبوس إيدك اتركه بحاله، فطالما أنت تسأله سيستمر بفرم الكذب!
والتفتت إلى نبيه وقالت له:
- يخرب بيتك، كم هي ذمتك واسعة؟ من دون يمين من شهرين ما دعست أم أحمد وأم علي مدخل دارنا، ويا حسرتي على السيدة مهيبة، من يوم أن أتاها الفالج، اللهم عافنا، وهي قاعدة في بيتا مثل الحطبة!
-------------------------
سيرة مسلسلة ــ يتبع