مَن يزيل صورة القائد الأسد المبتسم؟
الحزب الشيوعي السوري هو أكثر الأحزاب السورية عراقة، فقد تأسس في العشرينيات من القرن العشرين، وفي أيّام حافظ الأسد انقسم إلى عدة أحزاب، انتسبَ بعضُها إلى الجبهة الوطنية التقدمية التي يتزعمها حزب البعث الحاكم، بينما زُج عناصر حزب العمل والمكتب السياسي في السجون لآماد طويلة.
ذات مرة، عقد الحزبُ الشيوعي السوري المنتسب إلى الجبهة الوطنية التقدمية مؤتمرَه السنوي في إحدى القاعات الكبيرة بفندق "صحارى".. وجاء الرفيق المكلف بإجراء الترتيبات الفنية "والبروتوكولية" ليرتب القاعة، فوجد صورة القائد الرمز حافظ الأسد معلقة في وسط الجدار!
لم تكن معلقة بشكل مقصود، بالطبع، ولكن المتعارف عليه في سورية، هو أن تعلق صورة الأسد في أي مكان عام، حتى ولو كان صالة بيع الرز والسكر في المؤسسة الاستهلاكية.
كان لا بد للرفيق البروتوكولي أن يرفع الصورة ليضع مكانها شعار الحزب الشيوعي الأممي العريق. ولكنه لم يجرؤ على ذلك، فذهب إلى سكرتير إحدى المنطقيات، وعرض عليه المسألة، بل المعضلة، فاقترح عليه هذا الرفيقُ عرضَ الأمر على أحد أعضاء اللجنة المركزية، ففعل، ثم عرض المشكلة على أحد أعضاء المكتب السياسي، ثم وصلت القصة إلى الأمين العام، وربما علمت بها زوجة الأمين العام وابنه وابنته وصهره. والخلاصة أنهم أجلوا الاجتماع إلى اليوم التالي.
في اليوم التالي، وبمجرد ما دخلوا القاعة، وقف أحد الرفاق الشيوعيين الحقيقيين وقال:
- أخي.. بعدوا من طريقي.. أنا بودي أشيل الصورة! ومن سيعترض على ذلك بدي أشيل عينيه!
ولكن... هل انتهت المعضلة؟
كلا.. فقد مُنِعَ الرفيق الشجاع من إنزال الصورة، لأن الملامة التي ستأتي من قبل المخابرات في اليوم التالي، ستكون موجهة إلى القيادة، لا إلى الشيوعيين الأنفار... وإلا لماذا سموها قيادة وأعطوها مزايا ومناصب؟
المهم أن المؤتمر عُقد في القاعة ذاتها التي تتوسطها صورة الجنرال حافظ الأسد.. وهو مبتسم!
همس الرفيق الشيوعي الشجاع في أذن رفيقه الجالس بجواره، مشيراً إلى الصورة:
أقسم بشرفي أن هذا الرجل، حافظ الأسد، لن يلعن شرف الحزب الشيوعي السوري وحسب، والله إنه سيدمر سورية.