02 ابريل 2019
أزمة المنظومة التربوية المغربية
في الوهلة الأولى، وبدون التدقيق في التفاصيل، يتبين لنا أنها مشكلة عادية تقع داخل الفصل الدراسي بين الفينة والأخرى، لكن مع التدقيق نستنتج أنها أصبحت ظاهرة خطيرة متفشية داخل المدرسة المغربية، ففي الآونة الأخيرة أصبحنا نسمع ونرى أموراً كانت إلى وقت قريب تعد ضرباً من الخيال، ولا يمكن أن تقع داخل الفصل الدراسي، الذي كان بمثابة المكان الذي يتجه إليه الفرد قصد تنوير عقله والتزود بالقيم والمعارف والمهارات التي إن لم تساعده في تحصيل وظيفة معينة فإنها تجعله قادراً على تسيير حياته الشخصية والأسرية بطريقة متزنة.
واقعة أستاذ الرياضيات بخريبكة ليست الأولى ولن تكون الأخيرة، لأننا أصبحنا أمام ظاهرة مجتمعية خطيرة أصبحت متفشية داخل جدران المدرسة المغربية، وهي "ظاهرة العنف المدرسي"، وهذا يجبرنا على طرح مجموعة من الأسئلة من قبيل: ما هو السبب في هذا التدني الأخلاقي الذي أصبحت تعرفه المدرسة المغربية؟ هل أصبحت هناك حرب ضروس بين التلاميذ والأساتذة ومن السبب فيها؟ ما هي السبل والوسائل الممكنة للحد من هذه الظاهرة الخطيرة؟ ما سبب تفشي هذه الظاهرة داخل المنظومة التربوية؟ ما هي الأطراف المتدخلة التي وجب عليها الضرب بيد من حديد لتجاوز هذه الآفة؟ من المستفيد من هذا الوضع الذي أصبحت تعيشه المدرسة العمومية؟
هذه الأسئلة وغيرها وجب علينا كافة البحث لها عن أجوبة شافية، للخروج من هذه الآفة.
قراءة الأوضاع التي أصبحت تعيشها المدرسة المغربية بصفة عامة، والمدرسة العمومية بصفة خاصة، يجعلنا نبحث عن الأسباب التي أدت إلى تفشي هذه الأزمة الحقيقية. العنف داخل الوسط الدراسي أدى وسوف يؤدي إلى مجموعة من الأضرار، سواء على المستوى المادي أو المعنوي، لأن الطريقة التي يتم التعاطي بها مع مثل هذه الحالات لا تحل المشكلة، بل تساهم في تجذرها.
ولعل من يتحمل الجزء الأكبر من تفشي هذه الظاهرة هي الوزارة الوصية لأنها، من خلال طريقة التعاطي مع مثل هذه الحالات، لا تحل المشكلة بل تساهم في تأزيم الوضع، فمثلاً إن الطريقة التي تعاملت بها الوزارة الوصية مع التلميذة التي تسببت في سجن أستاذ الرياضيات أو وضعه تحت الحراسة النظرية، لا يمكن أن تحل المشكلة، لأنها في نظري تشجيع للتلميذة ولأمثالها على تكرار تلك الأفعال المشينة داخل الفصل الدراسي، فإرسال لجنة وزارية إلى بيت "الضحية" كما يروج لها بهدف الدعم النفسي والتخفيف من أثر الصدمة النفسية يجعلنا نقف لنطرح سؤالاً عن الأولى بالزيارة والدعم النفسي، هل هو التلميذة التي قذفت أستاذها بالطباشير، حسب شهادة زملائها وزميلاتها في الفصل، أم رجل التعليم الذي، من خلال الصور المتداولة له، بلغ من الكبر عتياً؟
نحن لا ندافع عن رد الفعل الناتج من الفعل الصادر عن طرف التلميذة، لأن العنف سلوك مدان في جميع الأحوال، لا من طرف التلميذ ولا من طرف الأستاذ، لأنه بمثل هذه السلوكات نبتعد عن الهدف الأسمى من المدرسة ألا وهو التربية والتعليم.
والتربية هي دور الأسرة قبل كل شيء، فلا ننتظر من المدرسة أو المدرس/ة أن يربي/تربي 300 تلميذ أو تلميذة، في حين أن بعض الآباء والأمهات لا يستطيعون تربية طفل أو طفلين، التربية هي فعل وجب فيه تظافر الجهود من كافة الأطراف المسؤولة بهدف تنشئة رجال ونساء للمستقبل.
واقعة خريبكة كشفت بعض الأمور التي لا يمكن السكوت عنها ومرورها مرور الكرام، إذ اتضح لنا، بما لا يدع مجالاً للشك، أن كلاً منا يحاول إلصاق التهمة بالآخر، فهذه الوزارة الوصية، وبعد فشلها الذريع في تدبير المنظومة التربوية ككل، تعتقد أن تدبير قطاع حساس واستراتيجي مثل قطاع التربية والتعليم يتم عبر تسيير عمودي من خلال التفنن في إصدار مذكرات ومراسلات لا تعدو أن تكون مجرد حبر على ورق، في غياب التدبير التشاركي الذي يجعل من الأستاذ حجر الزاوية في كل إصلاح، لأنه هو العارف بخبايا القطاع.
فهذه المذكرات لا تربطها أي صلة بالواقع المعاش داخل أسوار المدرسة، فكيف يمكن مثلاً لمذكرة "البستنة" أن تعالج سلوك العنف المتفشي داخل المدرسة، هذه المذكرات وغيرها لا تحل المشكلات بل هي كمثل "صب الماء على الزيت"، إذ إنها ترمي ثقل المسؤولية على الإدارة، التي بدورها تحاول التنصل من المسؤولية وترميها على كتف الأساتذة وهم بدورهم، ومع تقدير الفارق في القدرة على المقاومة، يرمون ذات الثقل على التلاميذ، المثقلين أصلاً بهموم ومعاناة ومحن أسرهم، وببصيص أحلامهم الشخصية التي تبدو لهم صعبة المنال في بلدنا العزيز الذي يقوم بتوزيع اليأس بنزاهة منقطعة النظير.
ولعل تحميل الأستاذ كامل المسؤولية في الحادث، من خلال وضعه خلف أسوار السجن بدون فتح تحقيق في الحادث، تحت مسمى إجراء احترازي، هو خير مثال لما ذكرناه سابقاً، فأي نفسية سيعود بها ذلك الأستاذ لمزاولة مهامه، بعد خروجه من السجن، وكيف سيستسيغ هو وعائلته الصغيرة والأسرة التربوية عامة أن كل هذه السنوات التي قضاها والتي سيقضونها داخل أسوار المدرسة وهم ينيرون العقول ويطورون المواهب والملكات لن يذكرها أحد، وسوف تنسى لمجرد خطأ بسيط أو رد فعل ناجم عن استفزاز من طرف مراهق/ة لأن الذاكرة البشرية تركز على الجديد وتتناسى القديم.
وهذه الأسرة، تحمل المسؤولية للأستاذ بعد أن تناست دورها الأساس الذي وجب أخده بعين الاعتبار، والذي هو تربية الأطفال قبل إرسالهم إلى المدرسة، لأن المدرس لا يملك عصا موسى لحل جميع المشاكل، فالأستاذ يحاول جاهداً تحدي جميع الظروف المحيطة التي لا تشجع في الغالب على العطاء لإيصال ما يمكن إيصاله.
وهذا المجتمع، الذي أصبح يعتبر رجل التعليم بمثابة ذلك الشخص الذي يراكم الثروة والذي لا يقوم بعمله على أكمل وجه، فنجد هذا التعبير من ثقافتنا الشعبية ملتصقاً بالأستاذ: "هادوك ماتيديرو والو تايقيلو جالسين وتيكلوها باردة"، هي النظرة التي أصبحت ملتصقة برجل التعليم أو التي أريد بها أن تلتصق به، بعدما كان هو رمز العطاء اللامحدود وممثل الطبقة المثقفة داخل المجتمع.
وضع حد لهذه الآفة الخطيرة التي أصبحت تنهش جسد المنظومة التربوية هو مسؤوليتنا جميعاً، أسرة ومجتمعاً ووزارة وصية بكافة أقطابها وممثليها، عبر وضع نظرة تشاركية يتم فيها تحديد المسؤوليات لكل من جهته، وربط المسؤولية بالمحاسبة، إذ إنه حين وقوع أي مشكلة وجب تكاتف الجهود من مختلف الأطراف لحلها من جذورها، لا هرولة كبار المسؤولين في الوزارة نحو "الضحية" المحتملة ومحاولة تسويق فكرة أن الوزارة هي بمثابة "الأم الحنون" التي همها الوحيد تقديم الدعم النفسي لمحاولة التمويه للرأي العام أن أصل المشكلة ليست مشتركة بل يتحملها طرف دون الآخر.
واقعة أستاذ الرياضيات بخريبكة ليست الأولى ولن تكون الأخيرة، لأننا أصبحنا أمام ظاهرة مجتمعية خطيرة أصبحت متفشية داخل جدران المدرسة المغربية، وهي "ظاهرة العنف المدرسي"، وهذا يجبرنا على طرح مجموعة من الأسئلة من قبيل: ما هو السبب في هذا التدني الأخلاقي الذي أصبحت تعرفه المدرسة المغربية؟ هل أصبحت هناك حرب ضروس بين التلاميذ والأساتذة ومن السبب فيها؟ ما هي السبل والوسائل الممكنة للحد من هذه الظاهرة الخطيرة؟ ما سبب تفشي هذه الظاهرة داخل المنظومة التربوية؟ ما هي الأطراف المتدخلة التي وجب عليها الضرب بيد من حديد لتجاوز هذه الآفة؟ من المستفيد من هذا الوضع الذي أصبحت تعيشه المدرسة العمومية؟
هذه الأسئلة وغيرها وجب علينا كافة البحث لها عن أجوبة شافية، للخروج من هذه الآفة.
قراءة الأوضاع التي أصبحت تعيشها المدرسة المغربية بصفة عامة، والمدرسة العمومية بصفة خاصة، يجعلنا نبحث عن الأسباب التي أدت إلى تفشي هذه الأزمة الحقيقية. العنف داخل الوسط الدراسي أدى وسوف يؤدي إلى مجموعة من الأضرار، سواء على المستوى المادي أو المعنوي، لأن الطريقة التي يتم التعاطي بها مع مثل هذه الحالات لا تحل المشكلة، بل تساهم في تجذرها.
ولعل من يتحمل الجزء الأكبر من تفشي هذه الظاهرة هي الوزارة الوصية لأنها، من خلال طريقة التعاطي مع مثل هذه الحالات، لا تحل المشكلة بل تساهم في تأزيم الوضع، فمثلاً إن الطريقة التي تعاملت بها الوزارة الوصية مع التلميذة التي تسببت في سجن أستاذ الرياضيات أو وضعه تحت الحراسة النظرية، لا يمكن أن تحل المشكلة، لأنها في نظري تشجيع للتلميذة ولأمثالها على تكرار تلك الأفعال المشينة داخل الفصل الدراسي، فإرسال لجنة وزارية إلى بيت "الضحية" كما يروج لها بهدف الدعم النفسي والتخفيف من أثر الصدمة النفسية يجعلنا نقف لنطرح سؤالاً عن الأولى بالزيارة والدعم النفسي، هل هو التلميذة التي قذفت أستاذها بالطباشير، حسب شهادة زملائها وزميلاتها في الفصل، أم رجل التعليم الذي، من خلال الصور المتداولة له، بلغ من الكبر عتياً؟
نحن لا ندافع عن رد الفعل الناتج من الفعل الصادر عن طرف التلميذة، لأن العنف سلوك مدان في جميع الأحوال، لا من طرف التلميذ ولا من طرف الأستاذ، لأنه بمثل هذه السلوكات نبتعد عن الهدف الأسمى من المدرسة ألا وهو التربية والتعليم.
والتربية هي دور الأسرة قبل كل شيء، فلا ننتظر من المدرسة أو المدرس/ة أن يربي/تربي 300 تلميذ أو تلميذة، في حين أن بعض الآباء والأمهات لا يستطيعون تربية طفل أو طفلين، التربية هي فعل وجب فيه تظافر الجهود من كافة الأطراف المسؤولة بهدف تنشئة رجال ونساء للمستقبل.
واقعة خريبكة كشفت بعض الأمور التي لا يمكن السكوت عنها ومرورها مرور الكرام، إذ اتضح لنا، بما لا يدع مجالاً للشك، أن كلاً منا يحاول إلصاق التهمة بالآخر، فهذه الوزارة الوصية، وبعد فشلها الذريع في تدبير المنظومة التربوية ككل، تعتقد أن تدبير قطاع حساس واستراتيجي مثل قطاع التربية والتعليم يتم عبر تسيير عمودي من خلال التفنن في إصدار مذكرات ومراسلات لا تعدو أن تكون مجرد حبر على ورق، في غياب التدبير التشاركي الذي يجعل من الأستاذ حجر الزاوية في كل إصلاح، لأنه هو العارف بخبايا القطاع.
فهذه المذكرات لا تربطها أي صلة بالواقع المعاش داخل أسوار المدرسة، فكيف يمكن مثلاً لمذكرة "البستنة" أن تعالج سلوك العنف المتفشي داخل المدرسة، هذه المذكرات وغيرها لا تحل المشكلات بل هي كمثل "صب الماء على الزيت"، إذ إنها ترمي ثقل المسؤولية على الإدارة، التي بدورها تحاول التنصل من المسؤولية وترميها على كتف الأساتذة وهم بدورهم، ومع تقدير الفارق في القدرة على المقاومة، يرمون ذات الثقل على التلاميذ، المثقلين أصلاً بهموم ومعاناة ومحن أسرهم، وببصيص أحلامهم الشخصية التي تبدو لهم صعبة المنال في بلدنا العزيز الذي يقوم بتوزيع اليأس بنزاهة منقطعة النظير.
ولعل تحميل الأستاذ كامل المسؤولية في الحادث، من خلال وضعه خلف أسوار السجن بدون فتح تحقيق في الحادث، تحت مسمى إجراء احترازي، هو خير مثال لما ذكرناه سابقاً، فأي نفسية سيعود بها ذلك الأستاذ لمزاولة مهامه، بعد خروجه من السجن، وكيف سيستسيغ هو وعائلته الصغيرة والأسرة التربوية عامة أن كل هذه السنوات التي قضاها والتي سيقضونها داخل أسوار المدرسة وهم ينيرون العقول ويطورون المواهب والملكات لن يذكرها أحد، وسوف تنسى لمجرد خطأ بسيط أو رد فعل ناجم عن استفزاز من طرف مراهق/ة لأن الذاكرة البشرية تركز على الجديد وتتناسى القديم.
وهذه الأسرة، تحمل المسؤولية للأستاذ بعد أن تناست دورها الأساس الذي وجب أخده بعين الاعتبار، والذي هو تربية الأطفال قبل إرسالهم إلى المدرسة، لأن المدرس لا يملك عصا موسى لحل جميع المشاكل، فالأستاذ يحاول جاهداً تحدي جميع الظروف المحيطة التي لا تشجع في الغالب على العطاء لإيصال ما يمكن إيصاله.
وهذا المجتمع، الذي أصبح يعتبر رجل التعليم بمثابة ذلك الشخص الذي يراكم الثروة والذي لا يقوم بعمله على أكمل وجه، فنجد هذا التعبير من ثقافتنا الشعبية ملتصقاً بالأستاذ: "هادوك ماتيديرو والو تايقيلو جالسين وتيكلوها باردة"، هي النظرة التي أصبحت ملتصقة برجل التعليم أو التي أريد بها أن تلتصق به، بعدما كان هو رمز العطاء اللامحدود وممثل الطبقة المثقفة داخل المجتمع.
وضع حد لهذه الآفة الخطيرة التي أصبحت تنهش جسد المنظومة التربوية هو مسؤوليتنا جميعاً، أسرة ومجتمعاً ووزارة وصية بكافة أقطابها وممثليها، عبر وضع نظرة تشاركية يتم فيها تحديد المسؤوليات لكل من جهته، وربط المسؤولية بالمحاسبة، إذ إنه حين وقوع أي مشكلة وجب تكاتف الجهود من مختلف الأطراف لحلها من جذورها، لا هرولة كبار المسؤولين في الوزارة نحو "الضحية" المحتملة ومحاولة تسويق فكرة أن الوزارة هي بمثابة "الأم الحنون" التي همها الوحيد تقديم الدعم النفسي لمحاولة التمويه للرأي العام أن أصل المشكلة ليست مشتركة بل يتحملها طرف دون الآخر.