تجتمع في شخص الروائية الأيرلندية سالي روني (1991) الكثير من ملامح الجدّية في الأدب. ورغمَ حداثة سنّها، إذ تُصنّف من الكُتّاب الشباب، إلّا أنّها تمكّنت من تحويل إنتاجها إلى خبرٍ مُرتَقب وحدث أدبي ينتظره كثيرون. فهي منذ أن نشرت روايتها الأُولى "المحادثات مع الأصدقاء" (2017)ـ رسّمت أسلوباً ميّزها عن السائد.
من جهة ثانية، وهي أكثر ما يعني الثقافة العربية من أدب ومواقف روني، تجبُ الإشارة إلى أنّ الروائية الشابّة رفضت في العام الماضي ترجمةَ روايتها "العالم الجميل أين أنت" (2021) إلى اللغة العِبرية، وذلك انطلاقاً من موقفها المُقاطِع للمشروع الاستعماري الذي تمثّله "إسرائيل". في هذا السياق لا بدّ أن ننظر إلى حال بعض الروائيين العرب المطبّعين، وتهافُت ما يدّعونه من قِيم وأفكار.
اليوم، وبعد أن أثبتت روني مقروئيّتها عالمياً يصلُ أدبُها إلى العالم العربي. فبتوقيع المترجِم مصطفى بنعمّي تصدر الترجمة العربية لرواية "أُناس عاديّون" عن "المركز الثقافي العربي" في بيروت والدار البيضاء.
صدرت الرواية عام 2018 وتعدّ الثانية في مسيرة الروائية، وحقّقت نجاحاً لافتاً من حيث تسلسلها، إذ يُنظر عادة إلى الكتاب الثاني في حياة المؤلّف على أنّه الامتحان الأكثر دلالة على قدرته على الاستمراريّة أكثر من الكتاب الأوّل، وهذا ما اجتهدت روني في تحصيله.
لا تبتعد الرواية في عوالمها عن هموم الطبقة الوسطى وعالم الأفكار والصراعات الاجتماعية الراهنة، وما تخلّفه من مظاهر سلبية، مثل العنف والتنمّر والتفاوت الاجتماعي، بما تعكسه على نفسيّات بطلَي الرواية "كونيل" و"ماريان". وبالمقابل تنهض العلاقات الإنسانية القائمة على الحب في وجه ذلك التوغل والافتقار الذي تعانيه حياة البشر اليوم.