"الأدب الأندلسي": تكامل وتنافس مع المشرق

15 أكتوبر 2020
(إحدى شرفات قصر الحمراء في غرناطة ، Getty)
+ الخط -

يشير العديد من الباحثين في إطار إعادة دراستهم للأدب الأندلسي إلى أنه كان شديد التفاعل مع نظيره في المشرق رغم التباعد الجغرافي، إلا أنه لم يكن محض محاكاة واقتباس كما يستسهل كثيرون قوله، وهو ما تثبته عوامل عدّة أولّها التطوّر الفني لأجناس أدبية في الأندلس، والقدرة على التجديد لدى معظم كتّابه كما تبرزه آثارهم.

شكّلت مسألة المغايرة والاختلاف بين طرفي العالم الإسلامي، آنذاك، موضع اهتمام دائم عند النقّاد ومؤرخي الأدب، في محاولة للتعمّق في فهم المؤثرات المختلطة سواء كانت إيبرية أو أفريقية أو عربية في نتاجات الأندلسيين خاصة، وتُضاف إلى ذلك الازدواجية اللغوية لديهم، حيث ترجّح دراسات أنهم كان يتكلمون غالباً اللغة الرومانية مع أفراد أسرهم بينما يستخدمون اللغة العربية في المجالات العامة.

"الأدب الأندلسي.. دراسة جيو-تاريخية، التأثر والتأثير بالمشرق العربي"، عنوان الكتاب الذي صدر حديثاً للباحثة الجزائرية ليندة طرودي عن "دار يوتوبيا"، والذي يستعرض من خلال نماذج منتقاة التناقض بين الأندلس والمشرق العربي الذي أخذ طابع التنافس تارة وطابع التبادل الثقافي أحياناً أخرى.

غلاف الكتاب

ويوّضح الكتاب كيف شكّلت مؤلّفات المشرقيين مرجعية أساسية للأندلسيين في شتى مجالات العلم والآداب، مقابل تمثّل الأندلس في المخيال المشرقي بجماليات طبيعتها وعمارتها وانفتاح حواضرها على ثقافات متعدّدة، إلى جانب استعارة أجناس أدبية مثل النثر والموشّحات والزجل.

تقول طرودي في تقديمها: "كان للفاتحين العرب دورٌ في نقل مختلف أوجه الثقافة والعلم والفكر إلى الأندلس، ما سمح بهجرة الكتب المشرقية في شتى العلوم، وكان للأدب العربي حصّة لا غنى عنها، هذا الأمر لا ينفي حدوث العكس، فالأندلس لم تؤثّر بطابعها الأدبيّ الخاص فقط، بل ساهم جمال طبيعتها وتفاصيلها الجغرافية والعمرانية في إلهام الكثير من العرب".

كما تبيّن أن "الدراسة أتت نِتاجاً لبحث تاريخي قائم على أساس من التنوع والتلاقح بعيداً عن رسم محطّات خالية من الحياة، بل سيغوص القارئ في عمق النماذج الأدبية المختلفة التي ساهمت في ضخّ الحياة في نصوصنا وإبداعاتنا على مرّ العصور".

يُذكَر أنَّ ليندة طرودي أصدرت عدّة مؤلّفات من بينها: "البجعة الحنطية: الرقص في محراب الشيطان"، و"مسار التحول الديمقراطي وتداعياته على الأمن الإسرائيلي".

المساهمون